جمالها يجذبك فهي تمتلك من الأطلال مناظر رائعة لا مثيل لها فأجمل ما يمكن أن تراه منها هو شروق الشمس وإشراقها لتعلن عن نهار جديد من قلب الطبيعة وكذلك مشهد الغروب الذي لا يمتلك أي شخص القدرة على عدم الانبهار به وبجماله وكأنه مشهد سينمائي تودع فيه الشمس يوم مليء بالنشاط لتختفي بين الأشجار والصخور الملونة على أمل اللقاء مجددا في نهار آخر.
ولكن احذر قد يكون هذا الوداع هو الأخير ليس للشمس ولكن لك فمجرد مشاهدتك لهذا الجمال الرومانسي والذي يحلم به كل عاشق تكون نهايتك ففي غروبها سحر أسود وبين صخورها تسكن الاشباح فرؤية الجمال في شروق الشمس وغروبها غير مقدرة لك إلا إذا كنت واحدا من أشباحها المقيمين في أطلالها.
اقرأ ايضا:حكايات| جيران محمد صلاح.. «الفرستق» تبهر العالم بالخزف والتحف
تلك هي مدينة "بانجارا" الهندية وذلك هو سر حصنها الضخم الذي شهد أقصى أنواع السحر الأسود في سبيل الحب لتتحول مدينة الجمال إلى مدينة ملعونة تضع شعار "يحظر دخول حدود بانجارا قبل شروق الشمس أو بعد غروبها" ففي الهند أرض التنوع تجد قصة حب شهد عليها "تاج محل" وقصة أخرى كانت نهايتها لعنة أحاطت بالمدينة وأنهت أسطورتها الجمالية لتبدأ أسطورة أشباحها المحلية.
يقع حصن "بانجارا" الذي تم تأسيسه عام 1573 على يد الملك "بهاجوانت داس" لابنه الأصغر " مادو سينج" ليكون مقرا للحكم على بعد 300 كيلومتر من مدينة "دلهي" ليتخذ موقع متوسط بين عدد من المدن الهندية وهي " جولا كا باس" و"راجاره تهسيل" و"راجستان" ورغم موقعه المتميز وإطلالته الفريدة تحول هذا الحصن إلى أطلال شاهدة على كثير من أسرار القرن الـ 16 ومنها " التانتامانترا" أحد أشد أنواع السحر الأسود.
وهنا يظهر السؤال: كيف يمكن لعاشق أن يلعن من يحب؟ قد يكون هذا ما يطلق عليه الحب القاتل ففي إحدى اساطير السكان المحليين أن سبب لعنة المكان هو قصة حب ولكن من طرف واحد بين الأميرة " بانجارا راتناواتي" والساحر "سينجاي" فكانت الأميرة شديدة الجمال لدرجة أنه لا توجد فتاة واحدة داخل "راجستان" تتمكن من منافستها في الجمال وبمجرد أن تمت الأميرة عامها الـ 18 انهالت عليها عروض الزواج فمن سيفوز بهذا الجمال تفتح له خزائن النعيم.
ولكن من كان يعشقها ساحر يمارس السحر الأسود يدعى "سينجاي" يعيش في المدينة ويتابع كل تحركاتها حتى أنه طالما حلم بلحظة زواجها رغم كونه على علم أن الأميرة مستحيل أن تنظر له فقرر أن تكون له حتى إذا وصل الأمر لوقوعها في حبه بسحره وفي أحد الأيام رأى سينجاي إحدى وصيفات الأميرة في السوق تشتري عطرا لها ليقرر أنها الفرصة الافضل لاستخدم سحره الأسود ليضع تعويذته وطلاسمه في الزيت بهدف جعل الأميرة تنام بمجرد لمسه وتتحرك نحوه.
ولكن ما لم يكن يتوقعه أن تكسر الأميرة زجاجة الزيت لينقلب السحر على الساحر فانعكست القوة السحرية عليه وتنازع للبقاء على قيد الحياة وقبل أن تتحرر روحه أطلق لعنة على هذه المدينة بأنها لا يجب أن يرى أحد شمس الصباح فيها وحتى اليوم استمرت اللعنة ويعتقد السكان المحليون أن روح الساحر وراتناواتي لا تزال موجودة في حصن بانجارا حتى الآن.
ولكن البعض الآخر امتلك رواية أخرى بأسطورة لعنة مختلفة حول معلم زاهد حكيم يدعى "بالوناث" من أقدم ساكني المدينة وكانت شهرته وصيته لقدراته الحكيمة والتنبوء تخطت حدود المدينة لذلك كان يجب الحصول على إذنه قبل بناء الحصن وبالفعل حصل الملك على الإذن من القديس ولكن بشرط واحد ألا يسقط ظل قصر الإمبراطور على المكان الذي يمكث به و إذا حدث ذلك فإن المدينة ستنهار بالكامل.
وحقق الملك الطلب للحكيم والمعلم احتراما له ولكن حينما تسلم ابنه القلعة تخطى تعليمات وشروط المعلم وأضاف أعمدة تزيد القلعة جمالا ولكن ألقت هذه الأعمدة بظلها على مأوى المعلم والذي غضب ولعن المكان وبالفعل تحققت اللعنة ليبقى المكان والقرى من حوله في خراب دائم.
وعلى الرغم من اختلاف الأساطير حول أساس وأسباب اللعنة إلا أن جميع السكان أعلنوا تسجيلهم للكثير من الأحداث الغريبة الموجودة بين جدران القلعة المهدمة من سماع أصوات موسيقى ورقص وضحكات وصولا إلى وجود ظلال بشرية تتحرك وينتهي الأمر بوجود ألوان ورسومات مختلفة على الصخور تتغير يوميا وكان يقوم شخص ما برسمها يوميا.
ومع تزايد هذه المشاهد أعلنت السلطات الهندية بعض التحذيرات على جميع نقاط الدخول إلى "حصن بانجارا" أهمها ضرورة مغادرة المكان قبل غروب الشمس كما وضعت لافتة كتبت عليها: "يحظر دخول حدود بانجارا قبل شروق الشمس أو بعد غروبها" ومن لم يلتزم بذلك فيتعرض لمعاقبة قانونية.
ليتحول الحصن مع الوقت إلى أحد أكثر الأماكن شهرة المسكونة بالأرواح والأشباح ومقصد سياحي مميز لعشاق المغامرة فإذا كنت ممن يفضل مقابلة الاشباح فعليك بحصن "بانجارا" صاحب لعنة الحب ولكن حفاظا على حياتك لا تقترب من محيطها بعد غروب الشمس حتى وإن جذبك جمالها.
