قلب مفتوح

قبل الهاوية بقليل

هشام عطية
هشام عطية

بقلم: هشام عطية

 

تمرض المجتمعات كما تمرض الأبدان، تصاب بآفات وعلل أشدها خطورة أن تدخل الضمائر فى سبات عميق وتصبح النفوس اضرحة، والألسنة أدوات لتبيرير كل الجرائم والمنكرات.

كلنا - اشقياء واسوياء - نعترف ونشكو من التصدعات الرهيبة والشروخ العميقة التى مست منظومتنا الأخلاقية، ونتحسر على قيمنا الجميلة التى تداعت وربما توفاها الله وننسى جميعا أننا شركاء ولو بالصمت العاجز فى صنع هذه المأساة.
أعراض مرض الانفلات الاخلاقى الذى تفشى مؤخرا فى مجتمعنا تبدو واضحة لكل ذى عينين، من لغة شديدة الانحدار والبذاءة تستخدم فى الشارع والاعلام والسوشيال ميديا إلى موجات عاتية من فنون هابطة، وجوائح توطنت فى النفوس مثل الرياء والتدين الزائف والالتفاف والمعايير المزدوجة فى تقييم الأمور حسب الأهواء والمصالح الخاصة.
أفواه تتشدق بكل القيم الجميلة وجباه لايفوتها ركعة فى صلاة ثم تجدها تمارس فى الخفاء كل الموبقات من رشوة ومحسوبية ووساطة اغتياب بضمائر مستريح ثم تلعنها فى العلن!!.

الطامة الكبرى أننا تجاوزنا مرحلة استحلال كل ما هو باطل وانزلقنا إلى هوة استباحة الحرام وشرعنة الفساد بالتدليس والتزوير واحيانا بالبلطجة والقوة.
حادثة اعتداء أولياء أمور على معلمة لأنها تصدت لمحاولات الغش الجماعى لأبنائهم تبدو كاشفة لحالة التآكل فى الضمائر والانهيار الأخلاقى الذى وصلنا إليه، كل ما يهم أولياء نجاح أولادهم حتى ولو كان الثمن النيل من هيبة المعلمة والتعدى على سيدة تصدت للباطل. دون أن يدروا أنهم يعدون للمستقبل مواطناً فاسدا ولو كان الأمر بيدى لوضعت كل هؤلاء فى السجون بتهمة العدوان على قيم المجتمع وثوابته.

واقعة أخرى تدعو للدهشة والأسى فى آن واحد وهى تزوير البعض لشهادات الحصول على اللقاح يهربون بكل غباء من جرعة لقاح إلى أحضان الموت بالوباء!

السجن وحده ليس كافيا لمرتكب هذه الجريمة ولمن ساعد على ارتكابها.
الحقيقة المؤلمة أننا بهذا التردى الأخلاقى نسوق أنفسنا ومجتمعنا إلى الهاوية ويبقى دائما الأمل قائما والحل موجودا لكل هذه العلل الأخلاقية التى ألمت بنا إذا اتبعنا تعاليم السماء التى تقول «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا مابأنفسهم». صدق الله العظيم.