نحن وروسيا وأوكرانيا

كرم جبر
كرم جبر

سعر برميل البترول يقفز بسرعة كبيرة بسبب الحرب، وهذا معناه ارتفاع أسعار البنزين والسولار ومشتقات البترول وسائر السلع الغذائية والمنتجات الصناعية فى العالم كله وبمعدلات كبيرة، وعلينا أن نستعد لذلك بترشيد الاستهلاك، والإقلال من حجم التأثر الذى يقع على الناس.. والأمر ليس بأيدينا.

 نستورد القمح من أوكرانيا، والحمد لله أن الدولة تنبهت لذلك، وادخرت احتياطياً استراتيجياً يغطى أربعة أشهر، وعلينا أيضاً ترشيد الاستهلاك بأقصى درجة ممكنة، حتى لا تحدث أزمة.

العالم كله ولسنا وحدنا، سوف يدفع فاتورة الحرب التى يتسع نطاقها، وقد تحدث آثاراً سلبية عالمية تأتى فى المرتبة الثانية بعد كورونا.. وكما اختلف العالم قبل كورونا وبعدها، فسوف يختلف أيضاً بعد الحرب عما كان قبلها.
 مصر لا تعيش فى جزيرة منعزلة، وتتأثر بما يحدث حولها، وتبذل الدولة قصارى جهدها لتحجيم الآثار السلبية، وتساعدنا الإصلاحات الاقتصادية التى حدثت فى السنوات الأخيرة، فى التحمل والصمود بقدر الإمكان.

 وفى زمن الحرب تكون الحقائق محاصرة بالأكاذيب:
 أولاً: ما هى أوراق القوة التى اعتمد عليها الرئيس الأوكرانى لاستمراره فى تحدى روسيا، وهو يعلم جيداً أن توازن القوى ليس فى صالحه بالمرة؟

 ثانياً: هل تتحرك أوروبا وأمريكا للتدخل الحاسم عسكرياً ضد روسيا، للحفاظ على البقية الباقية من هيبتهم، أم يبقى الوضع مجرد تصريحات فى مواجهة المدافع والصواريخ.

 ثالثاً: منذ متى كانت الإجراءات العقابية والعقوبات الاقتصادية حاسمة، وتمت تجربتها مرات عديدة ضد روسيا نفسها وليبيا إبان حكم القذافى وإيران، ولم تؤت ثمارها؟

رابعاً: هل يكتفى بوتين بضربات تأديبية، أو احتلال أوكرانيا وضمها لروسيا، أم تحقيق حلمه التاريخى بإعادة الاتحاد السوفيتى القديم واحتلال جمهوريات أخرى؟
 العالم كله فى مفترق طرق، وعلى أعتاب نظام عالمى جديد ثنائى أو ثلاثى الأقطاب أو أكثر:

● روسيا الجامحة التى يحكمها رئيس يعرف ماذا يريد ومتى، ويحسن استخدام أوراق القوة التى يمتلكها، فى مواجهة أوروبا وأمريكا، «الرجل العجوز» الذى يكتفى حتى الآن بنصائح الأب الروحي.

 ● والصين المتحفزة للعودة إلى المسرح العالمى بشدة بعد تراجعها المفاجئ إثر جائحة كورونا، وهل تفتح روسيا شهية الصين لتايوان، وتحقق أيضاً حلمها القديم؟

 وكيف ينعكس ذلك على الأوضاع فى المنطقة العربية؟
 على الأقل نشأت جبهة ملتهبة جديدة قد تخفف حدة التكالب العسكرى على منطقة الشرق الأوسط، وتوجه الأنظار إلى المنطقة الباردة، والفرصة سانحة للدول العربية غير المستقرة أن تعيد ترتيب أوراقها وتستعيد أمنها واستقرارها وتوحيد قواها، فى ظل انشغال الغرب وروسيا فى الحرب.
 وتكون الفائدة أكبر إذا حدث نوع ما من التقارب العربى - العربي، والظهور كقوة مؤثرة فى القمة العربية القادمة فى الجزائر، بشرط تهيئة الأجواء لذلك.