يوم لا أنساه

الكاتب الكبير جلال دويدار: «دخلت السجن بسبب تصوير مقشة!!»

محمد عبد القدوس
محمد عبد القدوس

قبل أيام توفى الكاتب الكبير جلال دويدار أحد عمالقة أخبار اليوم الذى عمل ستين سنة فى الصحافة أو يزيد وشغل منصب رئيس تحرير جريدة الأخبار لمده 12 سنة .


بدأت صلته بمصطفى وعلى أمين عام 1955 وكان يومها فى الثانوية حيث ذهب فى رحلة مدرسية الى أسوان وعند عودته كان هناك حادث لقطار فقام بالتقاط صور لما جرى وفور وصوله إلى القاهرة انطلق إلى أخبار اليوم وكان مدمنا لقراءتها  وسأل عن مصطفى أمين فلم يجده فقام بتسليم ما صوره الى عثمان لطفى رحمه الله وكان  سكرتيرا للتحرير وكذلك المرحوم لطفى حسونة وكان رئيس قسم الحوادث وكانت تلك بداية صلته بجريدتنا العريقة.


وبعدها نال شهادة الثانوية العامة ودخل كلية الإعلام قسم صحافة وبدأ يتدرب فى معشوقته أخبار اليوم وأعجب بنشاطه المرحوم مصطفى أمين فقام بتعيينه عام 1957 وهو طالب فى السنة الثانية بالكلية وكان الوحيد من بين كل المتدربين من طلبة قسم صحافة الذى أصبح محررا بالدار وهو لم يتخرج بعد فى سنة 1958 حدثت خطوة جديدة ومهمة فى حياته حيث طلب منه الأستاذ مصطفى أمين أن يتفرغ لمتابعة ما يجرى فى مطار القاهرة وكان أول صحفى مصرى يكلف بهذه المهمة على مستوى صحف مصر ورغم أنه تعجب فى البداية من هذا الامر إلا أنها كانت فاتحة خير عليه إذ حدثت بعدها ثورة العراق ضد الحكم الملكى فى ذلك العام وقطعت كل الاتصالات بمطار بغداد وهكذا انفرد جلال دويدار من مطار القاهرة بمتابعة اخبار الثورة العراقية وتضاعف إعجاب أستاذه بهذه الصحفى النشط الذى أثبت كفاءة رغم صغر سنه.


واليوم الذى لا ينساه ابدا كاتبنا الكبير جلال دويدار رحلته الى الخرطوم لتغطية محاولة  انقلاب ضد حاكم البلاد فى ذلك الوقت الفريق ابراهيم عبود كان ذلك أوائل الستينيات من القرن العشرين  فى وقتها كان فى أسوان لتغطية أخبار السد العالى وعند وقوع أحداث السودان تسلل إلى هناك من جنوب مصر بدون  تأشيرة دخول وذهب لتغطية المحاكمة وكان الجو حارا جدا و طلب القاضى تشغيل المروحة ولكنها لم تعمل فجاءوا بمقشة لتشغيل المروحة بواسطتها  وكان منظرا كوميديا وطريفا لم يفت على الصحفى النابه «جلال دويدار» فالتقط  صورة لتلك المقشة التى تقوم بدور فى تلطيف الجو! وضبطه القاضى وأصدر قرارا بحبسه ودخل السجن عدد ايام الى ان  تدخلت السفارة المصرية وأطلقت سراحه ولكن كانت هناك مشكلة تحول دون عودته الى مصر فهو بلا جواز سفر! ووصلت تلك الأزمة إلى اعلى المستويات فى القاهرة حتى تم حلها.


ويقول دويدار: أنا موعود بالحبس مع كل انقلاب أقوم بتغطيته وهذا ما حدث معى فى محاولات الانقلاب بلبنان عندما كنت أقوم بالتغطية الصحفية والتصوير قام الجيش بمصادرة  كل ما كان معى  واحتجزونى  فى أحد معسكراته وتدخل رئيس وزراء لبنان فى ذلك الوقت المرحوم رشيد كرامى لإطلاق سراحى ولكن الضابط المسئول رفض وقال لرئيس الوزراء اننى لا آخذ تعليمات منك بل من قائد جيشى واستمر حبسى حتى تدخل قائده وتم الافراج عنى وكان هذا بالطبع يوما لا أنساه .. رحم الله الصحفى الكبير الذى كنت قد أجريت حوارا معه قبل  وفاته و سرد هذه الحكايات.