روسيا تطلق مناورات الردع الاستراتيجى بـ «محاكاة نووية»

شولتس: اتهامات بوتين سخيفة.. جونسون: لن نسمح لموسكو بتغيير خريطة أوروبا

بوتين برفقة نظيره البيلاروسى ألكسندر لوكاشينكو يتابعان مناورات الردع الاستراتيجى «صورة من أ ف ب»
بوتين برفقة نظيره البيلاروسى ألكسندر لوكاشينكو يتابعان مناورات الردع الاستراتيجى «صورة من أ ف ب»

بينما كانت أنظار العالم تتابع مؤتمر ميونخ السنوى للأمن، والذى هيمنت على نقاشاته الأزمة الأوكرانية والملف النووي الإيراني، كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يعطي إشارة البدء لقوات الردع الاستراتيجي لإجراء تدريبات تشمل إطلاق صواريخ باليستية ومجنحة وصواريخ كروز.


ونشرت وكالة الأنباء الروسية الرسمية «نوفوستي» صورا تظهر بوتين برفقة نظيره البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، وهما يشرفان على التدريبات التى تحمل اسم «التدريب الخاص بقيادة القوات المسلحة الروسية» من غرفة العمليات الرئاسية فى الكرملين. وجاء ذلك فى وقت دخلت فيه مناورات «حزم الاتحاد» المشتركة بين الدولتين والجارية فى أراضى بيلاروسيا مرحلتها النهائية، وذلك بحضور مسئولين أجانب وممثلين عن وسائل إعلام دولية.


وأوضحت الرئاسة الروسية فى بيان أنه «تم تحقيق الأهداف المخطط لها خلال تدريبات قوات الردع الاستراتيجي بالكامل، وكل الصواريخ أصابت الأهداف المحددة».


وقال وزير الدفاع الروسى سيرجي شويجو إن التدريبات تضمنت إطلاق صواريخ باليستية فرط صوتية من طراز «كينجال» وصواريخ كروز فرط صوتية من طراز «تسيركون» وهى أسلحة روسية جديدة وصفها بوتين سابقا بأنها «لا تقهر»، كما شملت، وفقاً لشويجو، محاكاة استخدام أسلحة نووية. وأشار رئيس هيئة الأركان فاليرى جيراسيموف إلى أن «الهدف الرئيسي للتدريبات الحالية هو تدريب القوات الهجومية الاستراتيجية لإلحاق هزيمة مضمونة بالعدو».

وتأتي هذه التدريبات فى وقت بلغ التوتر ذروته فى الأزمة الروسية الغربية حول أوكرانيا التى حشدت موسكو أكثر من 100 ألف جندى على حدودها منذ أسابيع. وتقول واشنطن إن موسكو تخطط لهجوم وشيك على كييف وهو ما ينفيه الكرملين. وفى ميونخ،  أعلن الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينيسكي أن بلاده تحتاج لدعم عسكري من أمريكا لمواجهة تهديدات روسيا، فيما قال وزير الخارجية الأوكراني إن أوكرانيا تستعد للتعامل مع «كل السيناريوهات المحتملة.


وفى الوقت نفسه، دعا رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، الحلفاء إلى «الوحدة» فى مواجهة التهديدات الروسية بغزو أوكرانيا. وقال جونسون «يجب أن نتّحد لمواجهة هذه التهديدات» مشيرا إلى أن العقوبات التي ستفرضها بريطانيا على روسيا فى حال هاجمت أوكرانيا ستجعل «مستحيلا» على موسكو الوصول إلى الأسواق المالية فى مدينة لندن.


وأضاف جونسون أمام القادة والوزراء المجتمعين فى المؤتمر الذي تقاطعه روسيا «يجب أن نتّحد ضد هذا التهديد لأنه ينبغي ألا نشك فى ما هو على المحك هنا».


وأشار إلى أنه «فى حال غزو أوكرانيا، فإن الصدمة ستتردد فى كل أنحاء العالم»، محذرا من تأثير ذلك على تايوان خصوصا، بعد وقت قصير من كلمة وزير الخارجية الصيني وانج يي خلال المؤتمر لى ضرورة الإصغاء إلى المخاوف الأمنية المشروعة لروسيا وإيجاد حل بشأنها.
وأكد جونسون أن الحشود الروسية لن تخيف ولن تثني الناتو عن الرد فى حال الاعتداء على أوكرانيا وتابع «لا يمكن أن نسمح بالتجاوزات الروسي وبتغيير حدود أوروبا وباستخدام إمدادات النفط والغاز ورقة لابتزازنا. الأزمة الأوكرانية أعادت إلى الواجهة دور الناتو والولايات المتحدة فى ضمان أمن أوروبا». ومن جانبه،  قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن خلال زيارة لليتوانيا، إن القوات الروسية المحتشدة على حدود أوكرانيا «بدأت تنتشر» و»الاستعداد للهجوم»، موضحا أن الجنود الروس «يتجهون نحو مواقع مناسبة ليتمكنوا من تنفيذ هجوم». فيما هدّدت نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس بتعزيز قوات شمال حلف الأطلسي (ناتو) فى أوروبا الشرقية إذا غزت روسيا أوكرانيا، وذلك بالإضافة إلى فرض عقوبات اقتصادية «قاسية وفورية» ضد موسكو. وقالت فى كلمة ألقتها خلال مؤتمر ميونخ للأمن «لن نتوقف عند الإجراءات الاقتصادية بل سنعزز قوة حلفائنا فى الناتو فى الجانب الشرقي»، فى حال وقوع الغزو.


وفى ذات السياق، وصف المستشار الألماني، أولاف شولتس، اتهامات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بارتكاب «إبادة جماعية» ضد المدنيين فى المناطق الانفصالية الموالية لروسيا فى شرق أوكرانيا بأنها «سخيفة». وصرّح شولتس الذي التقى أخيرا الرئيس الروسي فى موسكو، خلال مؤتمر ميونخ للأمن «قال (بوتين) إنه تم ارتكاب شكل من أشكال الإبادة الجماعية فى منطقة دونباس الانفصالية، وهو أمر سخيف جدا». وبعد تلك المحادثات التي عقدت بين الزعيمين فى العاصمة الروسية، استخدم بوتين مصطلح «الإبادة الجماعية» الذي تستخدمه موسكو بانتظام حول دونباس وهي المنطقة التي يقاتل فيها الجيش الأوكراني الانفصاليين الموالين لروسيا بدعم من موسكو منذ ثماني سنوات. وتابع المستشار الألماني فى كلمته: «لنكون واضحين، إرسال أكثر من 100 ألف جندي روسي ونشرهم حول أوكرانيا هو أمر لا يمكن تبريره بأي حال من الأحوال».


ومن جانبها، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لايين، إن روسيا شرعت فى «تقويض» الهيكل الأمني الأوروبي وهي تقوم «بمحاولة صارخة لإعادة كتابة قواعد النظام العالمي». وصرّحت فون دير لايين خلال مؤتمر ميونخ للأمن «لا يمكننا السماح بحدوث ذلك». كما ندّدت بتحالف روسي-صيني يسعى لفرض «قانون الأقوى». وفى هذا الإطار، قال الامين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرج الذي كان واقفا إلى جانب فون دير لايين «للمرة الأولى تنضم بكين إلى موسكو فى مطالبة حلف شمال الأطلسي بعدم قبول أي أعضاء جدد». وأوضحت فون دير لايين أن القوات الروسية المنتشرة على حدود أوكرانيا تشكل «أكبر انتشار لقوات على الأراضي الأوروبية منذ أسوأ أيام الحرب الباردة». وحذّرت فون دير لايين من أن غزو أوكرانيا قد يكلف روسيا «مستقبلا مزدهرا»، فى إشارة إلى العقوبات التي ستفرض على موسكو إذا نفذت هجوما على جارتها.