إنها مصر

القيم الدينية

كرم جبر
كرم جبر

عندما تتعانق فى السماء أصوات الأذان وترانيم التسامح، فهذا معناه لمن يتقى الله أن تتوحد القلوب وتتطهر المشاعر، ليس لتوظيف الدين لصالح أية أغراض، أو أن تزعم جماعة بأنها صاحبة وكالة السماء حصرياً، وأن أتباعها فقط هم المسلمون.


ما أحوجنا إلى سلام النفس والقلب والضمير، وأن يلتئم الشمل وتهدأ حدة المكائد والصراعات، وتمتد الأيدى للبناء وليس الهدم والتخريب، وأن نزرع الأرض خيراً وليس ألغاماً ومتفجرات.


أقول ذلك لمن يحاولون تجريد الوطن من هويته، وانتزاع علمه ورايته، فالأديان لا تحض على كراهية الأوطان، ومخطئ من يتصور أن حب الوطن يتعارض مع حب الدين، ويجب ألا يغيب عنا دعاء "لك يا مصر السلامة وسلاماً يا بلادى".
ما أحوج بلادنا إلى استنهاض روح الأمة والعودة إلى جوهر ديننا الحنيف، فلا دنيا لمن لم يحيى ديناً، ولا صلاح إلا باستنهاض الأخلاق، فالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بُعث ليتمم مكارم الأخلاق.


أقول هذا الكلام للذين يلوثون القيم الدينية السامية باسم الدين ويعبثون بعقول شباب أبرياء، والإسلام برىء منهم ومن أفعالهم وأقوالهم.
الإصلاح الحقيقى هو الصدق مع النفس، وأن نرفع أيدينا مخلصين بالدعاء: "اللهم إنا نسألك أن تطهر قلوبنا، وتكشف كرْبنا، وتغفر ذنبنا، وتصلح أمرنا وتغنى فقرنا وتكشف همنا وغمنا، واجعل من كل خير نصيبنا، وإلى كل خير سبيلاً، برحمتك يا أرحم الراحمين".. ولا تلهينا هموم الحياة ومشاغلها عن الاحتماء بسماحة الدين.


الأمر يتطلب تغييرا جذريا للمفاهيم، وأن الانحراف عن القيم الدينية لا علاقة له بأى دين سماوى، ومن ينزل إلى القرى والنجوع والأماكن النائية، سوف يكتشف انتشار أفكار التطرف والتكفير.


يقول أهل التقوى: دعنا نرى الدين فى سلوككم وأخلاقكم، ولا تزايدوا وتكذبوا وترموا غيركم بما فيكم، فالإسلام دين الأخلاق ورسولنا الكريم "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، "وإنك لعلى خلق عظيم"، ولو اتبعنا ذلك "كنتم خير أمة أخرجت للناس".
●●●
العاقل هو الذى يعرف الخطوة التى تسبق الهاوية فيتوقف قبلها، ولا يقفز من هاوية لمنحدر أعمق منها، ولا يترك لنفسه فرصة لمراجعة الذات والاعتراف بالأخطاء والخطايا.


النموذج الصارخ هو الجماعة الإرهابية التى جنت على نفسها وكتبت نهايتها بأفعالها، غير مدركة أن الوقت فى غير صالحها، وأنها تشيّد حول نفسها جدراناً من الكراهية الشعبية، بسبب أفكارهم الشريرة التى تعكر صفو الحياة وقطع الأرزاق، ورغم أنهم جربوا هذا المنهج التدميرى مرات عديدة، فلم يحصدوا إلا أشواكاً وصداماً، فإنهم يزدادون إصراراً على الانتحار السياسى.