البعد عن القراءة يصيب بالأمراض النفسية ويهز ثقة أولادنا بقدراتهم

خبراء: الأطفال يسقطون فى «فخ» الألعاب الإلكترونية ويهجرون القراءة

انشغال الشباب بالألعاب الإلكترونية
انشغال الشباب بالألعاب الإلكترونية

تقاس حضارات الشعوب بالعديد من المعايير على رأسها الثقافة والقراءة.. ولكن مع ظهور السوشيال ميديا ووسائل التواصل الاجتماعى فى السنوات الماضية بات البحث عن الكتاب أمرا فريدا نوعا ما، ولكن لا تزال شريحة قليلة هى التى تبحث عن الكتاب وتحرص على اقتنائه على الرغم من قيام بعض المؤلفين بمحاولة مواكبة العصر وطرح الكتب «اون لاين» من أجل حرصهم على نشر أعمالهم وعرضها على الجمهور وكمحاولة لمجاراة لغة العصر للتزامن مع الأجيال الحالية.

 اختفاء المكتبات المنزلية أضر بثقافة شبابنا.. وخلق «هوية مشوهة»

سابقاً كان الكتاب جزءا لا يتجزأ من الشخصية المصرية ولكن المقاييس اختلفت بمرور الزمن، وتعددت أشكال القراءة وعلى الرغم من حرص كافة المؤسسات التعليمية على حث طلابها على حب القراءة من خلال بعض المناهج التعليمية فإن الأمر يحتاج إلى تكاتف كافة الجهات وعلى رأسها الأسرة..


«الأخبار» ناقشت الخبراء عن أسباب العزوف عن القراءة وكيف نحث الأجيال الحالية عليها..
فى البداية ترى الكاتبة سكينة فؤاد ان الأجيال الجديدة هى أجيال «التابات» ونادرا ما نجد طفلا ممسكا بكتاب او مجلة فى أى مكان بل اصبح الأطفال يبحثون دائما عن الهواتف و»التابات» ويطلبون اقتناءها فى سن صغيرة.


وهو ما يعد خطرا كبيرا يعرضهم للسطحية الفكرية ولن يكون لديهم مصادر معرفية جيدة موثوق فيها، بالإضافة الى ان التعرض للهواتف الذكية لساعات طويلة يجعل الاطفال دائما عرضة للانطواء والبعد عن التجمعات الاسرية وهو ما يصعب على الآباء والأمهات التدخل فى حياتهم او معرفة مشكلاتهم اليومية وبالتالى يزيد من الفجوة بين افراد الاسرة الواحدة.


وترى سكينة فؤاد ان هناك عدة خطوات لابد من اتباعها مع الأطفال لكى يشبوا على حب القراءة وحب الاطلاع والثقافة والعلوم والثقافة بشكل عام، وهى ان تقوم الاسرة بإعطاء الطفل الكتاب قبل «التاب»، حيث ان الآباء الان يلجأون لإعطاء ابنائهم الهواتف من اجل شغلهم عنهم او تقضية الوقت بعيدا عنهم لإنجاز مهام فى المنزل او غيره، وهو من الأخطاء الشائعة التى يجب التوقف عنها وان نعطى الطفل كتبا ومجلات شيقة مليئة بالصور والألوان الجذابة التى تساعده على الاستمتاع وان تجذبه للتعرف اكثر على ما تحتويه هذه الصفحات الملونة.


بالإضافة الى قيام الاب والام بالقراءة لأطفالهم وان يحاولوا ان تكون لديهم عادة يومية وهى القراءة لأطفالهم قبل النوم من اجل غرس حب القراءة فى الأطفال.


وأضافت ان المدرسة أيضا والمعلمين ووزارة التربية والتعليم عليهم دور كبير فى تحفيز الطلبة والطالبات بعمل مسابقات وجوائز تحفيزية ومسابقات للقراءة والمنافسة بين الطلبة فى الثقافة والمعلومات العامة وهو ما سيجعل حب القراءة شيئا تنافسيا بين الطلبة يسعون دائما للوصول اليه من اجل الفوز بالمسابقات المدرسية.


وفى نهاية حديثها اكدت أهمية دور قصور الثقافة ونادت بأن تتبنى الدولة إعادة قصور الثقافة لحياة المصريين فى كل محافظة وكل منطقة وان تكون مشروعا قوميا ضمن مشروعات حياة كريمة القومية.


كتب صوتية
وفى نفس السياق أشار د. محمد عبد العزيز أستاذ العلوم بجامعة عين شمس الى ان الاستغناء عن «التابات» او الهواتف الذكية يعد ضربا من المحال وهو ما يجعلنا نلجأ الى الكتب الصوتية، وان تهتم دور النشر بإصدار نسخ من الكتب بأصوات الفنانين والممثلين ويتم انتاجها بأصوات شيقة واشكال واجسام متحركة جذابة تحبب الأطفال فى القراءة وتجعل القراءة اسهل وفى متناول الجميع.

وبالتالى نكون قد حققنا المعادلة الصعبة فى الوصول بالقراءة لأكبر عدد ممكن من أطفالنا مع عدم حرمانهم من استعمال التليفونات والتابات التى تعد جزءا أساسيا ولا يمكن الاستغناء عنه فى حياتهم اليومية.


عظماء الأدب
وأكدت د. رحاب العوضى استاذ علم النفس بجامعة بدر ان الشعب المصرى منذ قديم الازل وهو متميز بالقراءة والدليل على ذلك افراز البيئة الثقافية لعدد كبير من عظماء الادب والثقافة وكان امرا حتميا ومفروغا منه ان تجد مكتبة صغيرة فى كل منزل.

وكان هناك نهضة ثقافية بفترة الستينيات الى ان جاءت التسعينيات وانحسرت معها هذه النهضة مع ظهور الانترنت واستبدال الكتب بالأجهزة الحديثة سواء كانت كومبيوتر او هواتف محمولة.


وأعربت عن اسفها الشديد تجاه ما يحدث من قلة عدد القراء والتى تكاد تكون منحصرة بعدد ضئيل من الافراد والدليل على ذلك افراز بعض الكتابات غير الهادفة وانشغال الغالبية العظمى من افراد الاسرة بالأجهزة اللوحية واللعب العنيفة الدموية والتى أدت الى تفاقم ظواهر العنف الاسرى وانتشار سلوكيات وتعبيرات وتوجه عام يندر فيه الذوق والرقى فى التعاملات اليومية بين الافراد.


وأشارت الى ان الدولة بالفعل بدأت فى الاهتمام بالقراءة وتشجيع الأطفال والكبار عليها من خلال المشروع الوطنى للقراءة وكذلك دعم فخامة الرئيس للموهوبين والمتميزين الصغار والعمل على عودة أهمية الكتب بالمنازل والمدارس عن طريق تقديم دعم عينى ومادى للكتاب.


ولذلك يجب ان يتم عمل مسابقات للأطفال بالمدارس وكذلك مساندة المتميزين منهم وعمل مسابقات دورية بقصور الثقافة ومراكز الشباب والمدارس والعمل على ان يكون هناك توجه عام فى الاعلام للحث على القراءة ودورها فى رفع الوعى الوطنى والثقافى والاخلاقى.


وأوضحت العوضى ان القراءة عادة مرتبطة بالممارسة والتعود سواء بالبيوت او المدارس ويسهل تعلمها بالصغر ويصعب الابتعاد عنها بالكبر حال تعود عليها الانسان.


ولا ننكر جهود الدولة والرئيس عبد الفتاح السيسى والتى تمثلت فى معرض الكتاب لهذا العام والذى عرض الكثير من الكتب الجيدة والهادفة وسعرها المناسب لكافة شرائح المجتمع، بالإضافة الى وجود جناح كامل خاص للأطفال، وهو ما يعكس الإرادة الحقيقية للدولة فى افراز أجيال جديدة من الأطفال المحبين للقراءة والثقافة.


غياب الثقافة
يقول د. وليد هندى أستاذ علم الاجتماع إن القراءة هى أداة من أهم أدوات نضج الشخصية وثراء جوانبها المعرفية والإدراكية وهى تؤثر فى النظرة الشمولية للحياة وإكساب المهارات فى طرق حل المشكلات وهى تجعل الإنسان قادرا على مواجهة المواقف والتحليل والتركيب.


ويشير إلى أن الشخص الذى يحب القراءة ينعكس ذلك على شخصيته بشكل كبير ويجعله مميزا ومختلفا فى العديد من الصفات منها أنه يكون شخصا يتمتع بصحة نفسية ولديه نظرة تأملية تجاه الأشياء وتوكيد الذات، بالإضافة إلى أنه يكون شخصا ذا شخصية وعقلية متفتحة غير قابلة للانسياق خلف أى أفكار وهذا ما كانت تفعله جماعات الشر مع بعض الشباب مستغلين جهلهم وضعف شخصياتهم ومن هنا تكمن قوة القراءة فى تكوين شخصية واضحة ناضجة للشخص تجعله غير قابل للانقياد.


ويقول د. وليد هندى إن هناك تقرير التنمية الثقافية الصادر عن مؤسسة الفكر العربى يقول إن متوسط قراءة المواطن الأوروبى يعادل 200 ساعة سنويا بينما فى العالم العربى لا يتعدى 6 دقائق فى العام، أى إن الشخص العربى يقرأ ما يعادل ربع صفحة فقط بينما المواطن الأوروبى يقرأ ما يعادل 11 كتابا سنويا والمواطن الامريكى والألمانى يصل معدل قراءته إلى 7 كتب فى السنة وهذا فارق كبير، كما أكد التقرير أن معدل القراءة لدى النساء أكثر من الرجال.


و يشير إلى أن الواضح انه أصبح هناك عزوف عن القراءة بشكل كبير لعدة أسباب أولها اختفاء ذلك من البيوت وأسلوب القص والحكى لم يعد موجودا بين أفراد الأسرة وحتى فكرة المكتبة المنزلية لم تعد موجودة فى معظم البيوت الآن وتم استبدال الأسر لها بالأجهزة الموبايل والتابلت، كما أن المكتبات العامة أو المدرسية اختفى منها نظام الاستعارة للكتب فبالتلى ليس هناك أى تحفيز على القراءة.

ولم يعد الإقبال عليها موجودا بسبب انشغال الشباب بوسائل ترفيه أخرى، بالإضافة إلى أن سعر المطبوعات الورقية من كتب ومجلات أصبح مكلفا بالنسبة للبعض مما جعلهم يستبدلونها بالكتب «اون لاين» فثقافة الإنترنت والثورة المعلوماتية جعلت مكانة القراءة التقليدية لم تعد كما كانت سابقا خاصة ان الإنسان بدأ يعتمد على حواسه وعلى ذاته فى اكتشاف ما حوله فى العالم غير معتمد على قراءة ما سبق.

اقرأ ايضا | تقاس حضارات الشعوب بالعديد من المعايير على رأسها الثقافة والقراءة.. ولكن مع ظهور السوشيال ميديا ووسائل التواصل الاجتماعى فى السنوات الماضية بات البحث عن الكتاب