دراسة تتقصى طريق الحج عبر سيناء

دراسة تتقصى طريق الحج عبر سيناء
دراسة تتقصى طريق الحج عبر سيناء

كتبت : منى نور

الآثار الحضارية لطريق الحجيج فى شبه جزيرة سيناء خلال عصر المماليك (648-923هـ/1250-1517م).. دراسة تاريخية، آثارية، حصلت عنها الباحثة منى عبدالمنعم عبيد، على درجة الماجستير بتقدير امتياز فى قسم التاريخ، كلية الآداب جامعة العريش.

أهم وأكبر وأضخم المشاريع لإعمار طريق الحج المصرى، كانت فى عصر السلطان قانصوة الغورى، والذى تم التخطيط له وتنفيذه عبر مراحل، ولم يشهد عصر سلاطين المماليك مثل تلك العمارة

فى بداية عرضها أوضحت الباحثة الأهداف التى سعت إلى الوصول إليها من خلال تلك الدراسة، فقالت إنها ارادت بيان دور السلطة المملوكية فى تيسير وتذليل الصعاب أمام حجيج بيت الله الحرام، مع بيان ما انطوت عليه طرق الحج من دور حضارى بالغ الأهمية والتأثير، مع بيان ملامح درب الحاج فى شبه جزيرة سيناء منذ الفتح الاسلامى وحتى نهاية العصر الفاطمى، بيان جهود السلطة الإسلامية عبر العصور عن خدمة طريق الحجيج، كما أرادت بيان أهم الآثار الحضارية لطريق الحجيج المصرى، وتضم حديثا عن الآثار العلمية، والاقتصادية والعمرانية والخدمية، مع بيان تأثيراتها الحضارية ودور السلطة المملوكية فى خدمة تلك الآثار، كما انها هدفت الى دراسة ما يتعلق بمحمل الحج المصرى، من حيث تعريف كلمة المحمل ووصف المحمل الشريف، وتاريخه ثم بيان دور سلاطين المماليك مع المحمل الشريف.

ومساهماتهم فى تطويره من حيث تعيين إمارة ركب الحج المصرى، والاحتفال بالمحمل ومظاهره.
ورغبت من خلال دراستها فى بيان أهمية سيناء التاريخية والجغرافية وتسليط الضوء على مكانتها الحضارية، مع بيان المظاهر الطبيعية لطريق الحجيج وجهود المماليك لمواجهتها وطرق تذليلها، فضلا عن بيان ما كان ينطوى عليه طريق الحجيج من مخاطر، إذ كانت رحلة الحج فى سلسلة من المشقات بل كانت نوعا من المغامرة والمجازفة، بعد ان انتشرت جرائم اللصوص.

وعصابات قطاع الطريق على حجاج بيت الله الحرام، وكان الناس يحذرون المسافرين من أخطار الطريق، وكان من يريد الحج يودع أهله وداع مفارق لا عودة له بسبب سوء حالة الأمن واضطرابه.


اعتمدت الباحثة فى دراستها على المنهج التحليلى والمنهج الوصفى.
وجاءت الدراسة فى مقدمة ضمت أهداف البحث وأسباب اختياره، ومنهج البحث فيه، وأهم مصادره ومراجعه.
وتمهيد تناولت فيه طريق الحجيج فى شبه جزيرة سيناء منذ الفتح الإسلامى حتى نهاية العصر الأيوبى.


جاء الفصل الأول، وقد ناقشت فيه الباحثة مظاهر اهتمام سلاطين المماليك بطريق الحجيج فى شبه جزيرة سيناء (648-923هـ/ 1250-1517م)، وكان محور الفصل الثانى عن جغرافيا طريق الحجيج فى شبه جزيرة سيناء، وتناولت فى الثالث، المنشآت الأثرية على طريق الحجيج فى سيناء، وتعرضت فى الرابع للآثار الحضارية لطريق الحجيج فى شبه جزيرة سيناء، أما الفصل الخامس والأخير فخصته الباحثة لدراسة المحمل.


وفى عرضها لرسالتها أوضحت الباحثة أن مصر قد تميزت بموقعها الجغرافى فى قلب العالم، وكان هذا سبباً فى تأثيرها المهم فى عدد من الجوانب الحضارية والسياسية.


وكان طريق الحج المصرى واحدا من تلك المميزات التى تميز بها موقع مصر.
ومن ثم فقد أولته السلطة المصرية عبر عصورها اهتماما بالغا، وذلك انطلاقا من مسئوليتها تجاه رعاياها، والعمل على توفير سبل الراحة لهم، وتوفير الأمان ليتمكنوا من أداء تلك الفريضة العظيمة.

 


وقد اثبتت الدراسة أن طريق الحجيج المصرى ينقسم إلى أربعة أرباع، يمتد الربع الأول من صحراء القاهرة المعزية إلى عقبة آيلة، وثانى من عقبة آيلة إلى قلعة الأزلم، ويمتد الربع الثالث من قلعة الأزلم إلى ينبع، أما الرابع فيمتد من ينبع إلى مكة المكرمة.


وقد كانت العوامل الجغرافية المؤثرة على طريق الحج متعددة، وكان منها تلك التضاريس التى يسير عليها الحجاج ودوابهم، وبين العناصر المناخية المؤثرة على الحجاج أثناء السير فى الطريق.


وأشارت الباحثة إلى أن السلطة المملوكية بينت صورا من مظاهر الاهتمام بطريق الحجيج المصرى منذ الفتح الإسلامى حتى نهاية العصر الأيوبى، وكان من تلك المظاهر رعايتها لطريق الحج المصرى، ظهر طريق وسط سيناء، طريق الحج الذى يمر بـ عجرود شمال مدينة السويس، يقطع هضبة التيه، ويمر بنخل، ثم يصل الى العقبة، ليدخل بعدئذ فى أرض الحجاز، وبدأت أهمية هذا الطريق تظهر حين حجت به شجر الدر فى منتصف القرن الثالث عشر للميلاد (645هـ).


وتبقى شبه جزيرة سيناء طريق الحج لمدة سبعة قرون أو أكثر.
وقد أسفرت دراسة الباحثة عن مجموعة من النتائج كان أهمها: ارتبط اعمار وعمارة طريق الحج المصرى بموقع مقر الخلافة، وهذا ما حدث عندما انتقلت الخلافة من بغداد الى القاهرة، وإحياؤها على يد السلطان الظاهر بيبرس البندقدارى فى عام 659هـ/1260م.


وأشارت المصادر إلى أن طريق الحج قد استخدام منذ بداية العصر الاسلامى، وتميز بوجود ثلاث مراحل زمنية متتابعة، ووفقا للتطور التاريخى للدولة الإسلامية.


وأكدت فى نتائجها أن طريق الحج المصرى عبر سيناء يعتبر من أهم الطرق التى يسلكها الحجاج الذاهبون الى مكة بريا، ويعبر منه قوافل حجاج الأندلس والمغرب الأقصى والسودان والقارة الافريقية بصفة عامة، وشمال إفريقيا، كما كان الحجاج يتجهون فى رحلتهم من المغرب الأقصى إلى مصر عبر شبه جزيرة سيناء، إلى بلاد الحرمين الشريفين.


مشيرة إلى أن قمة ازدهار أحوال طريق الحج عبر شبه جزيرة سيناء كانت فى العصر المملوكى على يد عدد من سلاطين المماليك مثل السلطان الظاهر بيبرس البندقدارى، السلطان المنصور سيف الدين قلاوون، السلطان العادل زين الدين كتبغا، السطان الناصر محمد بن قلاوون، السلطان الناصر حسن المؤيد، السلطان المؤيد شيخ المحمودى، السلطان الأشرف برسباى، السلطان قانصوة الغورى.


وكان من مظاهر اهتمام السلطة المملوكية بطريق الحج المصرى عبر شبه جزيرة سيناء تعيين القائمين على رعايته وكانت تلك الرعاية على يد عدد من أمراء سلاطين المماليك الذين تولوا عملية الاشراف والتنفيذ بأمر من السلاطين مثل: الأمير حسام الدين طرنطاى، الأمير سلار، الأمير آل ملك الجوكندار، الأمير كزل العجمى، الأمير خايربك العلائى المعمار، ومنهم من كان يتولى وظائف مهمة فى الدولة كشاد العمائر السلطانية، ولفتت فى نتائجها الى أن من أهم وأكبر وأضخم المشاريع لإعمار طريق الحج المصرى، كانت فى عصر السلطان قانصوة الغورى، والذى تم التخطيط له وتنفيذه عبر مراحل، ولم يشهد عصر سلاطين المماليك مثل تلك العمارة.


وشملت عمارة هذا الطريق العديد من المنشآت المعمارية المائية مثل السواقى والآبار والبرك والسدود والأحواض وخزانات المياه، وشق القنوات، وأيضا العمائر الخدمية كالمنازل، والقصور والاستراحات، والمناهل والخانات، والعمائر الحربية مثل الأبراج والقلاع والأسوار.
وأضافت: شهدت الأعمال شق الجبال وإصلاح وتمهيد الطرق والعقبات المتعددة، وأعمال الرصف والتمهيد والتهذيب والتذليل والتوسع والقطع  مع توفير الأمن والحراسة عليها.


وشهدت الأعمال- أيضا- بناء القناطر والجسور والسدود والبرك والمصانع والصهاريج والمنارات والنواطير والاعلام، كما شلمت هذه المظاهر- أيضا- فى العصر المملوكى، العديد من الأمراء والتجار وكبار الأعيان ممن كان لهم اسهامات تبرع فى عمارة الطريق.


فضلا عما قام به السلاطين من رصد أوقاف للصرف على طريق الحج المصرى عبر شبه جزيرة سيناء ورصد العطيات والرواتب.
وأوضحت الباحثة فى نتائجها -أيضا- أن الآثار شهدت على وجود مقابر لدفن الموتى من الحجاج خلال فترة أداء المناسك ومن الشواهد وما تم دراسته من عمائر ومنشآت نجد أن طريق الحج المصرى عبر سيناء، استخدم كطريق حربى وتجارى ودينى فى فترات متفاوتة، وفى وقت واحد خلال عصر سلاطين المماليك.


وقد تلاحظ وجود تطور عددى ومعمارى فى منازل ومناهل درب الحج المصرى ما قبل العصر المملوكى وخلال المملوكى وفى أواخره بدأت بثمانية ثم عشرة الى ان أوردها القلقشندى إلى خمسة عسر منزلا.


وتعددت المظاهر الحضارية لطريق الحج المصرى بين مظاهر علمية واقتصادية ومعمارية وغيرها من مظاهر الحضارة التى كان لطريق الحج عبر سيناء دور فى أبرازها وتطويرها.


وقد دللت الرعاية المملوكية لطريق الحج على تلك النزعة الدينية لدى سلاطين المماليك وقيامهم برعاية الجوانب الدينية والعمل على تذليل الصعاب فى طريقها.


تم مناقشة الرسالة بقسم الدراسات التاريخية بكلية الآداب جامعة العريش، باشراف د. محمد فؤاد عبدالعزيز استاذ الجغرافيا وعميد الكلية ود. محمد رضا عبدالعال، استاذ التاريخ الاسلامى بالكلية وضمت لجنة المناقشة كلا من: د. محمود محمد الجندى، استاذ الآثار بكلية الآداب، جامعة بورسعيد، د. محمد عبدالسلام عباس، استاذ التاريخ بالمعهد العالى للسياحة بالاسكندرية.

اقرأ ايضا | الآثار الحضارية لطريق الحجيج فى شبه جزيرة سيناء خلال عصر المماليك (648-923هـ/1250-1517م).. دراسة تاريخية، آثارية