أمام الشيوخ.. قانون حماية الشهود والمبلغين يعود للمناقشة

قانون حماية الشهود
قانون حماية الشهود

منى ربيع

من جديد عادت المطالبات بإصدار قانون لحماية الشهود والمبلغين وذلك من خلال مقترح تقدم به النائب الدكتور ياسر الهضيبي عضو مجلس الشيوخ، وأستاذ القانون الدستوري وحقوق الإنسان يطالب فيه كلا من  اللجنة التشريعية وحقوق الإنسان بمجلس الشيوخ بشأن ضرورة إقرار مصر لقانون حماية الشهود والمبلغين، وتحديد قواعد وآليات تشريعية واضحة في هذا الشأن، وذلك التزامًا بحق الشهود والمبلغين في الحماية وتطبيقًا لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، مؤكدًا على ضرورة وحتمية وجوده الآن؛ لأن منظومة العدالة بحاجة إليه حيث أنها لن تكتمل بدون توفير مناخ آمن وحماية كاملة للشهود والمبلغين، «اخبار الحوادث» تواصلت مع النائب الدكتور ياسر الهضيبي لنعرف منه تفاصيل ذلك المقترح المهم والذى حدثنا عنه في السطور التالية.
 

 في البداية يقول الدكتور ياسر الهضيبي عضو مجلس الشيوخ: إن مصر الآن بحاجة ضرورية لوجود ذلك القانون، فهو تأخر كثيرًا عن الصدور؛ لذلك تقدمت  باقتراح برغبة لكل من اللجنة التشريعية وحقوق الإنسان بمجلس الشيوخ بشأن ضرورة إقرار مصر لقانون حماية الشهود والمبلغين، وتحديد قواعد وآليات تشريعية واضحة في هذا الشأن، وذلك التزامًا بحق الشهود والمبلغين في الحماية وتطبيقًا لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.


لماذا تقدمت بذلك المقترح الآن؟

أرى أن تحقيق حماية الشهود يعد من العوامل الرئيسية التي تساعد في كشف الفساد، فعندما سيجد المبلغ نفسه أن بياناته ستكون سرية وأن القانون سيحميه بعد بلاغه أو شهادته فسوف يتحرك هو وغيره في حرية وأمان دون أن يخاف من بطش أو انتقام أحد، لذا يجب تحقيق التزام الدولة في هذا الشأن من خلال تحقيق ضمانات وحماية للمبلغين أو الشهود.


هل مصر ملزمة بإصدار ذلك القانون؟

 نعم مصر ملزمة بإصدار ذلك القانون وذلك لان مصر وقعت على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في ديسمبر 2003، والتي اعتبرت أن حماية الشهود والمبلغين يمثل أحد أهم البنود الواجب تحقيقها ضمن أي آلية لمكافحة الفساد، وبالرغم من ذلك مصر حتى الآن لم تعد تشريعًا وافيًا لحماية الشهود والمبلغين، رغم العديد من المزايا التي سيحققها ذلك القانون في منظومة العدالة ناهيك عن الالتزام ببنود الاتفاقية، رغم العديد من المحاولات في الفترة الماضية إلا أنها لا تكلل بالنجاح وإصدار تشريع لهذا الشأن.


هل ترى أن منظومة العدالة في حاجة ضرورية لإصدار ذلك القانون؟

رد الهضيبي قائلا: بالطبع نحن في حاجة ضرورية لذلك، خاصة وأن الدولة تعمل على قدم وساق لمحاربة الفساد، لذلك أرى أنه لا خلاف حول أن منظومة العدالة لا يمكن أن تكتمل بدون توفير مناخ آمن وحماية كاملة للشهود باعتبارهم مفتاح الحقيقة المنشودة في القضايا المختلفة، كما إن تأكد الشاهد من حصوله على هذه الحماية يجعله آمنًا مطمئنًا لا يخشى الإدلاء بشهادته خوفا من مجرم أو غيره.


وفي نهاية حديثه اقترح النائب الدكتور ياسر الهضيبي عضو مجلس الشيوخ عقد جلسات حوار مجتمعي بحضور ممثلين عن أجهزة الدولة الرسمية كوزارة العدل والداخلية، والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني ذات الصلة، لتباحث آلية تشريعية لحماية الشهود والمبلغين، وكذلك الاستعانة بتجارب الدول الأخرى في شأن قوانين حماية الشهود والمبلغين، وتطبيق اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، كما طالب بالعمل على إنشاء إدارة مستقلة تتبع وزارتي العدل والداخلية لحماية الشهود والمبلغين وتخصيص ميزانية خاصة لها في موازنة 2022/2023.


محاولات سابقة

مقترح الدكتور ياسر الهضيبى لم يكن الأول؛ فكانت هناك محاولات سابقة لإصدار ذلك القانون المهم خاصة بعد وقوع بعض العمليات الإرهابية والتى استهدفت مجموعة من ضباط الشرطة للانتقام منهم على مابذلوه في خدمة وطنهم أو من كان له دور كبير في كشف الإرهابيين الهاربين من السجون مثل الشهيد المقدم محمد مبروك والشهيد المقدم محمد ابوسريع واللذان اغتالتهما وغيرهم ايدى الجماعة الارهابية نظرًا لقيامهم بأداء واجبهم تجاه الوطن وفي تلك الفترة بدأت المطالبات بإصدار ذلك القانون المهم.


ففي عام 2014 تم تقديم مشروع قانون يتناول حماية الشهود والمبلغين وتمت الموافقة عليه من مجلس الوزراء برئاسة الدكتور حازم الببلاوى في تلك الفترة وتم احالته للمناقشة في مجلس النواب، والذى نص على حماية الشهود والمبلغين والخبراء، عن طريق تحقيق عدد من الضمانات لتوفير الحماية اللازمة لهم في مواجهة أية أفعال تهدف إلى ترهيبهم أو تهديد حياتهم.


إلا إنه لم يتم مناقشة القانون وظل حبيس الأدراج لمدة ثلاث سنوات حتى عام  2016 إلى أن تقدم النائب مدحت الشريف وكيل لجنة الشؤون الاقتصادية بمجلس النواب، بمشروع قانون قائم على حماية المبلغين والشهود والخبراء بشكل عام في جرائم الفساد ثم جرائم الإرهاب والجريمة المنظمة مؤكدا أن القانون المصري لا يعطي حماية للمبلغين والشهود والخبراء بالقدر المطلوب.

مجلس النواب

في عام 2017 أعلنت لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب؛ انه سيتم مناقشة مشروع قانون حماية الشهود الذى تقدم به النائب مدحت الشريف فى بداية دور الانعقاد التشريعى الثانى عقب الانتهاء من مشروع قانون الإجراءات الجنائية، ويمثل ذلك القانون ضرورة جادة فى إطار تحقيق العدالة الناجزة واستراتيجية مكافحة الفساد لكنه فى الوقت ذاته لا زال يثير جدلًا وانقسامًا بين نواب البرلمان حول صعوبة تنفيذه لما يتطلبه من موازنة مالية كبيرة وكيفية توفير آليات الحماية لكل شخص.


ويستند ذلك المشروع على تشكيل إدارة مشتركة من وزارتي العدل والداخلية تسمى «إدارة حماية الشهود»، وتختص بحماية الشهود والمبلغين والخبراء والمحامين المتعاملين مع القضايا ذات الخطورة والمهددين والمشمولين بهذه الحماية على أن تعتبر بيانات المشمول بالحماية سرية ولا يجوز الإفصاح عنها إلا فى الأحوال المبينة بالقانون، ووضع حراسة على الشخص والمسكن، والذى يستهدف منه حماية آلاف الشهود الذين يواجهون تعقبًا حقيقيًا خلال فترة الإدلاء بالشهادة مما يجعل الكثير يعزفون عن التقدم بما لديهم من مستندات فساد أو وقائع تثبت تورط شخصيات بعينها فى جرائم جنائية أو إرهابية.

 كما أعدت أيضا وزارة العدل مشروع بقانون لتحقيق هذا الغرض، إلا أن تكلفة تنفيذ برامج حماية الشهود والمبلغين تحمل الدولة تكلفة مالية عالية جدا، لذلك فإنه يرى قصر برامج حماية المبلغين والشهود على قضايا الإرهاب، وفي عام 2018 عاد الحديث عن مشروع قانون الإجراءات الجنائية فى المواد من 564 إلى 568 والمتعلقة بكيفية حماية الشهود، وهى مواد مستحدثة لم تكن موجودة من قبلحيث جاءت طرق حماية الشهود من خلال عدة إجراءات؛ وهي أن الشاهد يمكن أن يجعل قسم الشرطة أو مكان عمله  محل إقامته.


أيضًا فى حالة أن الشاهد ستكون حياته معرضة للخطر إذا تم الإعلان عن بياناته أجاز القانون للمحكمة أو المحامى العام أن يستمع لشهادته دون ذكر بياناته على أن يتم عمل ملف فرعى للقضية تدون فيه بيانات الشاهد وشخصيته، كذلك أعطى مشروع القانون للمتهم الحق فى مواجهة الشاهد الذى أخفى بياناته ومناقشة الشاهد من خلال أي وسيلة فنية عن بعد بحيث لا يتم الكشف عن هويته.


أيضًا عاقب المشروع كل من يدلى بأية بيانات عن الشاهد الصادر أمر بإخفاء شخصيته بالحبس المشدد لو كانت الجريمة محل التحقيق إرهابية وبالإعدام لو نتج عنها موت شخص، أخيرًا أعطى مشروع القانون للمتهم فى الطعن على الأمر الصادر بإخفاء بيانات الشاهد إذا رأى أن الكشف عن هوية الشاهد لا غنى عنها لمباشرة الدفاع، ومنذ عام 2018 لم يخرج مشروع قانون حماية الشهود الى النور ليظل حبيس الادراج مرة أخرى حتى تقدم الدكتور ياسر الهضيبي بمقترحه ليعاود الظهور بقوة الى مناقشات مجلس الشيوخ مرة ثانية.