سنوات الجمود فى مواجهة التنوير..سقوط الكهنــة! شيوخ الفتنة.. تجار الدم والمال والشهرة

داعية يعترف: شهوة «الشو الإعلامي» دفعتنى للفتوى

د. نهي بكر  -  اسلام الكتاتني
د. نهي بكر - اسلام الكتاتني

«وشهد شاهد من أهلها «.. هكذا شهد شيوخ الفتنة على أنفسهم بأنهم أضروا الدين الإسلامى بأكثر مما أفادوه.

والنتيجة والمحصلة النهائية متطرفون ومفخخون وأتباع لمنهج العنف ومضللون ساروا على نهج هؤلاء الشيوخ واتبعوا فتاويهم وأضلوا الناس وحرموا عليهم حياتهم بل وصلت لحد استباحة دمائهم وقتلهم بدم بارد.

ورغم اعترافاتهم بأنهم أضلوا الناس واتبعوا هواهم من أجل الشهرة أو المال إلا أنهم مازالوا طلقاء خلال الشاشات الفضائية يبثون أفكارهم المسمومة ومعتقداتهم المتطرفة بدون رقيب أو سابقة عقاب.

«الأخبار» ترصد فى السطور القادمة شهادات هؤلاء المشايخ على أنفسهم بأنهم وقعوا فى المحظور وخالفوا ضميرهم من أجل شهوات الدنيا.

كما نرصد أشهر الفتاوى التى أطلقوا لخيالهم العنان بإباحتها وتحريمها إلى حد جعل هيئات الإفتاء الرسمية تخرج لترد كيدهم.

البداية كانت مع داعية وشيخ سلفى شهير يمتلك إحدى القنوات الفضائية الدينية والذى خرج مؤخرا ليعترف ويقول بالنص: «أقر وأعترف أننا كدعاة إلى الله تبارك وتعالى طيلة السنوات الماضية وقع منا بعض الأخطاء فى الخطاب الدعوى وأسمعنا الناس بعض الكلمات التى لا يليق أبدا أن تكون مرتبطة بمنهج أرق الدعاة وسيد الدعاة صلى الله عليه وسلم»..

اعتراف لم يكن الوحيد بين الدعاة السلفيين بل سبقه أيضا اعتراف داعية سلفى آخر يطلق عليه السلفيون إمام أهل الحديث فى الأرض حيث اعترف أنه لم يكن من المفترض أن ينشر شيئًا فى سنوات الأولى التى أمضاها طالبًا للعلم، لكن حظ النفس هو ما دفعه لذلك.

وقال: «النشر شهوة لما يطلع اسمك على كتاب والناس يتداولوه وتبقى معروف ما هى دى حظ النفس عندنا كلنا»..

وفى اعتراف آخر له قال بالحرف الواحد: «إنهم جنوا على الناس بجهل وبغير علم»، وقال: «كل سُنة كنا نعرفها نعتقد أنها واجبة، ومكناش نعرف الفرق بين الواجب والمستحب وإن فيه درجات فى الأحكام.. فعرفت أنه عندما لم ندر تدرج الأحكام كيف جنينا على الناس، لم نكن ندرى درجات الأحكام فأفسدنا كثيرا بحماس الشباب»..

وأضاف هذا الداعية فى حديث له قائلا: «تمنيت لو أنى صبرت على نفسى لحد ما استويت شوية وكان عملى أجود»..

وأشار تحديدًا إلى كتب ألفها فى نقد الحديث وكان الهدف منها فقط حب الظهور والشهرة وحظ النفس، وأنه كان من الجرأة لدرجة أنه كان يتحدث عن الأئمة الكبار كما لو كانوا أصدقاءه..وأوضح: «لازم أجود بقى أبين إن أنا إمام وعالم ومحقق وفاهم ومتين وكده»، واصفًا أخطاءه بالقبيحة والتى يخجل منها، ثم تحدث طويلا عن ضعف الوسائل العلمية وأن المخطوطات لم تكن متاحة فى أيامهم، وأن العلم أتاهم بعد أن كبروا و»عجزوا».


فتاوى حرضت على الفتنة وقتل النفس للنفس والانقسام بين أعضاء الأمة الواحدة.. «الأخبار» ترصد أهم هذه الفتاوى وكيف ردت عليها هيئات الإفتاء الرسمية فى مصر.


زوال كورونا


الفتوى الأولى كانت منطلقة من ادعاء أحد المشايخ بزوال فيروس كورونا المستجد، واستدل على ذلك بحديث يقول عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا طَلَعَ النَّجْمُ صَبَاحًا قَطُّ، وَتَقُومُ عَاهَةٌ، إِلَّا رُفِعَتْ عَنْهُمْ أَوْ خَفَّتْ»، حيث فسر صاحب المنشور الحديث بأنه إذا انتشر الوباء فإن الله عز وجل يرفعه وقت ظهور نجم الثريا الذى يكون مع بداية فصل الصيف وشدة الحر، الأمر الذى نفته دار الإفتاء المصرية، مؤكدة أن هذا الادعاء غير صحيح وأن المقصود من الحديث هو ما أرشدنا إليه النبى صلى الله عليه وسلم من عدم جواز بيع الثمار قبل نضوجها .


أذان الفجر

 


أما الفتوى الثانية التى دائما ما يثيرها أتباع منهج السلفية وهى خاصة بقضية أذان الفجر، حيث زعموا أن التوقيت الحالى لأذان الفجر غير صحيح، وطالبوا بتأخير وقت الأذان فى النتيجة حتى تصح الصلاة، الأمر الذى حسمته دار الإفتاء المصرية من خلال علمائها الذين أكدوا أن وقت صلاة الفجر فى مصر صحيح 100% ولكن المتطرفين حاولوا أن يحدثوا بلبلة حول توقيت صلاة الفجر، وقامت دار الإفتاء بإصدار بيان توضيح مع هيئة المساحة يؤكد أن الدراسات المتعاقبة تؤكد أن تحديد التوقيت صحيح.


شرب الخمر


أما الفتوى الكاذبة الثالثة فقد خرج علينا أحد أساتذة الفقه بجامعة الأزهر قائلا إن البیرة حلال مادامت لا تسكر، مؤكدا أن البیرة المصنوعة من الشعیر، والخمر المصنوع من التمر والنبیذ من غیر العنب، فإنه یحرم الكثیر المسكر منه، أما القلیل الذى لا یسكر فإن تناوله حلال، طالما لا یسبب حالة من السكر.
هذا فى حين استدل القائلون من الأئمة على هذا الادعاء بأن الخمر تطلق حقیقة على كل ما یسكر قلیله أو كثیره من العنب أو من غیره بعدة أدلة منها: ظاهر الأحادیث النبویة الشریفة: ومنها ما ورد عن النبى- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «كل مسكر خمر وكل مسكر حرام».


إمامة المرأة للرجل


أما الفتوى الرابعة فقد خرج علينا أحد المشايخ ليجيز إمامة المرأة للرجل فى الصلاة مدعيا أن الإمامة عملیة تحتاج إلى مؤهل وليست حقا فطريا.. وأثارت الفتوى جدلا كبیرا، حيث أكد الفقهاء وعلماء الدين إلى أنه لا یجوز للرجل أن یصلى خلف المرأة لا فى فرض ولا نافلة، فإن صلى بطلت صلاته حتى وإن لم یعلم أنها امرأة ثم بان له أنها امرأة ووجبت علیه الإعادة، ولا یعذر بعدم علمه.


تهنئة الأقباط


أما فيما يخص الفتوى الخامسة فقد اعتاد السلفيون مع كل مناسبة دينية مسيحية إطلاق سيل من الفتاوى التى تحرم تهنئة الأقباط بأعيادهم الأمر الذى يثير الكثير من الضجة، حيث استشهد هؤلاء من قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا﴾، على عدم تهنئة غير المسلمين بأعيادهم، وفى ذلك أكدت دار الإفتاء المصرية إنما هى نظرة قاصرة للنص القرآنى؛ حيث لم يرد ذلك صريحًا فى الآية، فقد قَبِلَ النبى صلى الله عليه وآله وسلم الهدية من غير المسلمين، وزار مرضاهم، وعاملهم، واستعان بهم فى سلمه وحربه حيث لم يرَ منهم كيدًا، كل ذلك فى ضوء تسامح المسلمين مع مخالفيهم فى الاعتقاد، ولم يفرق المولى عز وجل بين من المسلم وغير المسلم فى المجاملة وإلقاء التحية وردها؛ قال تعالى: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا﴾ «النساء: 86»، والتهنئة فى الأعياد والمناسبات ما هى إلا نوع من التحية.


التحرش الجنسى


ولعل أكثر ما أثار حفيظة المصريين خلال الآونة الأخيرة وما لاح فى الأفق من حوادث التحرش الجنسى، ما تم ترويجه من بعض المتشددين فى الفتوى السادسة التى نرصدها بأن وقوع عمليات التحرش سببه نوع وصفة الملابس التى ترتديها المتحرش بها وهو ما ذهب البعض لتبرير مثل هذه التصرفات، حيث أكدت الإفتاء إن التحرش الجنسى حرامٌ شرعًا، وكبيرةٌ من كبائر الذنوب، وجريمةٌ يعاقب عليها القانون، ولا يصدر إلا عن ذوى الأهواء الدنيئة، والنفوس المريضة التى تُسوِّلُ لهم التلطُّخَ والتدنُّسَ بأوحال الشهوات بطريقةٍ بهيميةٍ، وبلا ضابط عقليٍّ أو إنسانيٍّ، وأن الشرع الشريف قد عظَّم من انتهاك الحرمات والأعراض، وقبَّح ذلك ونفَّر منه، وتوعد فاعلى ذلك بالعقاب الشديد فى الدنيا والآخرة، فالنبى صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ اللهَ لَيُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيَّء».


المواجهة مستمرة وهجمات المتطرفين أيضا


كيف يمكن مجابهة ومواجهة الأفكار المتطرفة التى يبثها مشايخ الفتنة من آن لآخر؟.. سؤال يفرض نفسه فى هذا الملف بعد أن انتشرت مئات بل آلاف الفتاوى الشاذة الخارجة عن مشايخ لا نعرف من أين أتوا بشياختهم وعلمهم


بداية يؤكد إسلام الكتاتنى، خبير فى الشئون الإسلامية، أن الازدواجية التى ظهرت مؤخرا من البعض ممن يراهم الناس علماء دين كارثة بكل المقاييس وأخطارها لا تحمد عقباها مشيرا إلى أن الكارثة الحقيقية هو أن هؤلاء المشايخ لا يعلمون أن زلة العالم زلة للعالم بمعنى أن هؤلاء المشايخ هم المحرك السلوكى لمئات البشر وذلك عن طريق التعاليم التى يتم بثها من خلالهم وتخاطب عقول الملايين فى كافة النواحى الحياتية ومع الازدواجية التى ظهروا عليها تسببوا فى مشكلتين كبيرتين.


ويوضح أن أولى هذه المشاكل أن هناك المئات من البشر تأثروا من هذه التعاليم المسمومة والتى قد تصنع منهم إرهابيين أو تصنع منهم أشخاص غير سوية دينية والثانية هو أن الكثير من الناس بعد أن يروا هذه الازدواجية سيحدث عندهم تشوش فى الأديان ومن الممكن أن يصل الأمر لديهم لإنكار الأديان والإلحاد.
ويضيف الكتاتنى: عالم الدين مثله مثل الجراح الخطأ منه قد تودى بحياة الشخص ما بالك إذا كان هذا الشخص هو محرك لملايين من البشر فإن الخطأ سينتج عنه كارثة لا يحمد عقباها ولا نتمنى أن تحدث من الأساس.


ويرى الكتاتنى الحل هو أن تتم إعادة تنظيم الخطاب الدينى فى مصر وإعطاء الحق لأصحابه وهم الأزهر الشريف وهيئة كبار العلماء والإفتاء لأنهم الأقدر على التعامل مع صحيح الدين لما يتوافر لديهم من معلومات صحيحة وفهمهم لجوهر الدين.. وفى السياق تؤكد د.نهى بكر، أستاذة العلوم السياسية فى الجامعة الأمريكية، بالقاهرة أن خطورة الأمر فى النتائج التى تحدث من حديث هؤلاء الشيوخ أو البعض منهم ممن كان سببا فى رواج الإرهاب والأدهى أن بسببهم كنا على شفا حرب أهلية فى 2013 أنقذنا الله منها بعنايته.


وتشير نهى إلى أن الحل يبدأ أولا بالارتقاء التعليمى للأفراد بحيث يكون التعلم كيفا لا كما وأيضا أن يتشارك الأزهر مع الإعلام مع منظمات المجتمع المدنى على التوعية بالدين الصحيح لإنقاذ الناس من هذا الطاعون الفكرى الذى يغزو عقولهم.


وترى نهى أن هناك حلا آخر يجب أن نسعى عليه هو إشراك الجانب النسائى فى الشق التوعوى الدينى بمعنى أن يقوم الأزهر بتدريب عدد من النساء يتسلحن بالمعرفة الصحيحة للمعلومات تجوب البيوت والمحافظات فدخول النساء للمنازل أسهل بكثير من الرجل ويقمن بالدور التوعوى لمفاهيم الدين الصحيحة.

إقرأ أيضاً|«أهمية التنشئة الأسرية من المنظور الديني» ندوة بـ«تعليم الغربية»