آنا جولدي.. أخر سحرة أوروبا المعدومين

آنا جولدي.. أخر سحرة أوروبا المعدومين
آنا جولدي.. أخر سحرة أوروبا المعدومين

السحر هو جزء من تاريخ أوروبا الأسود التي طالما سعت لمحوه ولكن ما حدث وما ذكرته الروايات جعله يزداد يوميا في ذاكرة التاريخ ليكتب بأقلام من الحبر يستحيل مسحها ففي أوقات انتشار أحداث لم يتمكن العقل من تفسيرها لجأت المجتمعات إلى تفسير ذلك بالسحر والشعوذة ليصبح مرض منتشر وسبب رئيسي للموت ومجال مسموح للانتقام يكفي فقط أن تدعي أن هذه السيدة تمارس السحر ليصدر فرمان إعدامها على الفور دون مقدمات.

فكانت النساء في ذلك الوقت هن المتهمات الأوائل بممارسة السحر والشعوذة فتم قتلهن حرقا أو إعداما حتى دون إثبات التهمة أو التأكد من صحة الدلائل يكفي أن تكون سيدة فقيرة أو مكروهة أو تظهر في كوابيس أحدهم على هيئة ساحرة أو حتى ترتدي ملابس براقة أو يدعي أحد الأطفال أنها تمارس السحر ليتم اتهامها وإصدار الحكم عليها بتهمة السحر كانت ترتبط بالولاء للشيطان ومحاربة الإله وكان لذلك عقوبة واحدة وهي الموت.

وفي ظل انتشار هذه الأحداث أعلنت أوروبا عن انتهاء السحر على أراضيها بإعدام آخر ساحرة "آنا جولدي" هي آخر سيدة سويسرية يتم إعدامها بتهمة السحر في أوروبا بعد أن عاشت حياة مليئة بالبؤس.

ولدت آنا جولدي في بلدة "سينوالد" في "كانتون سانت جالن" في ثلاثينيات القرن الـ 18  بحسب موقع " culturetrip" ومرت بالكثير من الأحداث الصعبة في حياتها بداية من وفاة أحد طفليها بعد فترة بسيطة من ولادته ليتم اتهامها بشبهة قتله ومحاكمتها للمرة الأولى بناء على هذا الاتهام.

حيث تم وضعها في حظيرة في ساحة البلد أثناء المحاكمة كشكل من أشكال العار العام حيث تعرضت بسبب ذلك للإذلال والإهانات الكثيرة وتم الحكم عليها بالإقامة الجبرية لمدة 6 سنوات ولكنها تمكنت من الهروب وانتقلت إلى مدينة "جلاروس" في عام 1780 وهناك بدأت تبحث على عمل حتى تتمكن من الاستمرار على قيد الحياة وبالفعل عملت كخادمة في منزل " يوهان جاكوب تشودي" طبيب وقاضي ثري يتمتع بمكانة اجتماعية عالية في المدينة.

وبعد فترة من عملها ادعى اثنان من أطفال الطبيب الخمسة عن عثورهم على دبابيس في طعامهم لتكون المتهمة الأولى "آنا" المسؤولة عن إعداد الطعام وتم طردها على خلفية محاولتها إيذاء أبنائه ولكن بعد أيام من طردها أصيبت أبنة الطبيب والتي ادعت بوجود دبابيس في طعامها بمرض شديد لتسود الشكوك حول "آنا" مرة أخرى وبدأ سكان البلدة في الشك في أنها استخدمت وسائل خارقة للطبيعة لتسميم الطفلة.

ليعيدها الطبيب إلى المنزل مرة أخرى واتهمها أنها سحرت الطفلة وأجبرها تحت تهديد التعرض للتعذيب على أن تقوم بشفائها مثلما تسببت بمرضها وحدثت المعجزة تحسنت الطفلة بعد أن قامت "آنا" برعايتها وهو الأمر الذي أكد اعتقاد أنها تمتلك قوى غير طبيعية حسمت شفاء الطفلة وليكون تحسن الحالة الصحية دليل ضدها أمام الطبيب وعائلته الذين اتهموها بممارسة الشعوذة والتسبب في مرض الفتاة.

ليتم القبض عليها وتعذيبها حتى أن اعترفت بأنها أبرمت اتفاق مع الشيطان لإيذاء الطفلة انتقاما لسوء سلوك والدها وسوء المعاملة ليتم محاكمتها وإصدار الحكم عليها بقطع رأسها عام 1782 ولكن بعد إعدامها بفترة انتشرت شائعات حول أن الطبيب وآنا كانا عاشقين ولفق لها التهمة لمنعها من إفشاء السر وتدمير سمعته ليتم تبرأتها في عام 2008 وأعلن المسؤولون في "جلاروس" أن هذه القضية تشكل إجهاض للعدالة ولرواية قصتها تم افتتاح متحف "آنا جولدي" حيث يمكنك اكتشاف القصة بأكملها وإعادة بنائها باستخدام الوثائق الأصلية من التجارب وحياتها.