شوقى حامد
هو من أبرز الأسماء فى قائمة المدربين العالميين.. هو الأعظم بين المدربين الوطنيين.. هو الأفضل بين أفذاذ المهاجمين.. هو صاحب الأرقام القياسية فى المهنة الرياضية كلاعب ومدرب ومخطط ومستشار.. هو الذى قام بتطوير وتحديث العديد من كرات العالم فى البلاد العربية والخليجية والأردنية وحط رحاله أحيانا فى الجبلاية وأسهم بجهوده وأفكاره فى الارتقاء بالكرة المصرية حتى وإن لم تثمر هذه الجهود عن النجاح الكامل والتطوير الشامل.. والكابتن محمود نصير يوسف الجوهرى أحد أشهر الخالدين فى الساحة الرياضية من مواليد سبتمبر عام ٣٨ من أسرة عريقة تنتمى لطائفة الأشراف، وكان طريقه ميسورا فى مشاويره الكروية والتعليمية .
انضم للأهلى ولم يبلغ ١٧ عامًا لموهبته المبكرة ومهاراته المتعددة كما التحق بمصنع الأبطال ليتخرج ضابطا ويعمل بسلاح الإشارة ويترقى فى الرتب المختلفة حتى وصل إلى مرحلة الضباط العظام وشارك فى حروب مصر التحررية وأبلى بلاء حسنا فيها، غير أنه آثر تكملة المشوار الرياضى واعتزال العمل العسكرى وكان نابغا فى المجالين.
ربطتنى بالكابتن الجوهرى وشائج وطيدة وقربتنى منه أواصر عديدة، فنحن ننتمى لأسرة القوات المسلحة التى يتآخى فيها كافة العناصر وتنصهر الفوارق وتذوب الفواصل بين أعضائها.. صحيح لم أتشرف بالعمل معه أو زمالته فى الكلية الحربية كما وقع مع بعض الأقران أمثال الكابتن ميمى الشربينى وسمير زاهر وحمادة إمام.. غير أننى سافرت معه إلى العديد من الدول فى رحلات طويلة ومشاركات للمنتخب فى بعض دول أفريقيا وكذلك البلاد العربية.. وأشهد من خلال تلك الأسفار أنه حاد الذكاء متوقد الذهن ألمعى القريحة أوقف اهتماماته على التبحر فى علوم وفنون كرة القدم ليبلغ طموحاته ويحقق رجاءاته .
سافرت مع الكابتن الجوهرى مثلا إلى تشاد وناميبيا والأردن وسمح لى بأريحيته وبساطته أن أقترب منه وأعبر عنه وأختلف أحيانا معه حتى ولو جاءت خلافاتنا غير متعمدة أو مقصودة وأغلبها فى الرؤى الفنية.. فى الرحلة إلى تشاد توقفنا فى العاصمة الأثيوبية أديس أبابا وحضرت له شبه مؤتمر مع بعض المصريين من الجالية هناك.
وضمت الجلسة كلا من فتحى مبروك ومحمد عامر وبعض الإعلاميين وتطرق الحديث للدوافع التى أقصت اللاعب طاهر أبوزيد من القائمة الدولية، وأفاض الكابتن الجوهرى فى سردها حيث كان أبوزيد يومها من النجوم الجماهيرية.. وطلب منى الكابتن الجوهرى ساعتها ألا أنشر تلك الفضفضة وأذعنت لطلبه غير أن أحد الزملاء نشره فى مجلة الأهرام الرياضى ولم يتردد أبوزيد فى اللجوء إلى القضاء لإثبات حقه ووجدت نفسى الشاهد الوحيد فى القضية.. وأدليت بما سمعته وشاهدته.
وتعرض الجوهرى للمساءلة غير أن الأمر انتهى بالمصالحة وكانت بالنسبة لى تجربة قاسية لم أشأ أن تتكرر بعد.. فى رحلة ناميبيا اختلفت مع الكابتن المحترم فى الأمور الفنية وعندما استفسرت منه عقب المباراة أوضح لى أنه تأخر فى التغيير لأنه كان يتمنى أن يأتى التعادل بأقدام حسام حسن ولم يحدث لعدم التوفيق بينما جاء بأقدام عبدالظاهر السقا.. ولعل الكابتن الجوهرى هو المدرب الوحيد الذى قاد فوارس الكرة المصرية بناديى الأهلى والزمالك وهو الذى أسهم فى فوز الأهلى بست بطولات دورى وثلاث كأس مصر وكأس الجمهورية العربية المتحدة وشارك فى أوليمبياد روما عام ٦٠ كلاعب وكان هداف كأس أمم أفريقيا 59.
بعد اعتزال الكابتن الجوهري، اللعب لإصابته بالرباط الصليبى اشتغل مع الخبير الألمانى كرامر بالسعودية ثم أندية الشارقة الإماراتى والأهلى السعودى والأهلى المصرى والمنتخب الوطنى والزمالك والوحدة الإماراتى ومنتخب عُمان والمنتخب الأردني.. وقاد المنتخب للفوز بكأس أفريقيا ببوركينا فاسو وفاز للأهلى ببطولة أفريقيا عام ٨٢ عندما تغلب على كوتوكو فى المباراة الشهيرة.. وجد الكابتن الجوهرى الراحة فى العمل بالأردن حيث قاد منتخبها فى المشاركات الآسيوية ونال من عاهلها وسام العطاء والتميز وفاضت روحه إلى بارئها هناك فقام الملك بإقامة جنازة عسكرية له حضرها ولى العهد وأقيم له بوطنه مصر نفس الجنازة وترك الراحل العظيم بصمات عميقة وآثارا هائلة وحفر اسمه بحروف نورانية فى المدونات الرياضية التاريخية.