دوشة

.. ومين اللى غلب ؟

محمد حامد
محمد حامد

فور إطلاق حكم المباراة صافرة النهاية، وتبدأ فى تبادل النقاش مع أصدقائك حول ما دار خلال الـ90 دقيقة، يظهر من ينجذب إلى أطراف الحوار، وعندما يعلم أن الحديث عن لقاء كرة قدم - التى لا يعرف عنها الكثير - يسأل «مين اللى غلب يا جماعة ؟» .


سؤال مُحيّر، ويفتقد للكثير من الدقة، ويجعل الحياة أكثر صعوبة تعتمد على التسرُّع فى الوصول إلى الحلقة الأخيرة، السرعة فى التطفُّل دون قراءة للتفاصيل، نعم نحن فى عصر السرعة ولكن كم من رؤى ثاقبة كسرت قوالب ثابتة ظن البعض أنها غير قابلة للتحطيم .


البحث عن اللقطة الختامية، دمّر فكر أجيال كثيرة، جعلهم يتوقفون عن الاجتهاد، ينظرون إلى الأشياء من منظور ضيق، يريدون فور إشراق يوم جديد الحصول على كل ما يريدون، يأخذون دون أن يعطوا، حينما يجدون أمامهم قصة ذاع صيتها يقومون بالبحث عن الفصل الأخير ليحكموا عليها .


أما الأمر الأكثر شيوعاً فى كرة القدم بالسنوات الأخيرة، تلك الاستديوهات التى تخترق أضواؤها العيون وتملأ الأسماء الحاضرة بها المسامع، هؤلاء الذين تعلقنا بهم منذ الصغر، ينتقدون بسخرية، يحكمون على المدربين واللاعبين ومنظومة كرة القدم بدون علم، يُدخلون مسمّيات ذاع صيتها على مواقع التواصل الاجتماعى، بشكل أو بآخر استنبط منهم العامة مقولة «ومين اللى غلب ؟» ..

لا يهّم الشكل الخططى، وأسلوب اللعب، والسيرة الذاتية للمدرب أو اللاعب خاصة وأن الأخير قد يخطئ داخل الملعب، إمكاناته لا تسمح له بالوصول لما هو أعلى مما يقدمه، فيتم التنمر عليه ولديه أسرة وعائلة .


عدم الاهتمام بالتفاصيل، تجاهل مشوار الكد والعمل-حتى وإن اقتصر على النوايا السليمة وحب الخير للجميع- أصبح هو السائد، لا يحترمون حتى مقولة «ملك الملوك إذا وهب .. لا تسألن عن السبب».


لا توجد نهاية تجعلنا نتجاهل التفاصيل سوى التى نتوقف معها عن الأسئلة، عن التفكير، ترتاح عندها النبضات، يهدأ العقل، تتعطل ضربات القلب، ندعو الله حينما تأتى ونفارق الحياة، ينسى الأحياء التفاصيل ويرددون : «رحمة الله عليه .. نظن أنه رُزق بحسن الخاتمة «.