مع احترامى

لسنا ملائكة ولا شياطين

فرج  أبو العز
فرج أبو العز

أليس من التناقض البين والمثير للجدل الإقبال الكبير على مشاهدة فيلم «أصدقاء ولا أعز» الذى يعرض على منصة إلكترونية وانقسام المجتمع حوله وحول المشاركين فيه ما بين معارض بضراوة وبين مدافع عنه لحد الاستموات أو قل الاستهبال والاستعباط.


الفيلم لا شك -استنادا لما يثار حوله فى مواقع التواصل الاجتماعى- هابط هابط هابط ولا يستند لمبررات توافق جميع الأديان السماوية أو حتى الحس الإنسانى الذى يرفض كل ما هو قبيح ومقزز مثل المثلية والخيانة وغير ذلك من الأعمال المشينة التى تعافها النفس السوية.


وإذا كان الأمر بالفعل يتعلق بمفهوم الحريات كان على صناع الفيلم التعمق لإيجاد حلول عملية لمرضى المثلية ومدمنى الخيانة وليس تقديم عمل ملىء بالايحاءات والمشاهد التى تثير الذوق العام حتى إذا كانت دون عرى.
لسنا ملائكة ولا شياطين وغالبيتنا -ولن أقول كلنا- يخطئ ويصيب لكن أكبر الخطأ أن نجاهر بعمل مشين فالمجاهرة أخطر وأشين وأكثر تأثيرا فى النفس من السلوك نفسه «إذا بليتم فاستتروا» والأديان السماوية جميعها تنهى عن المجاهرة بالفحشاء أو المنكر بشكل عام.


مبررات المعترضين على عمل هابط كهذا بكل المقاييس بغض النظر عمَّن موَّله أو الجهات التى تقف وراء إنتاجه بهدف تغيير مفاهيم أصيلة حول الصح والخطأ وخلط غريب بين حقوق الإنسان وحقوق المرأة التى تتحدث عنها المواثيق الدولية العديدة وبين الترويج لجماعات المثليين التى ترفضها جميع الدول مثلما ترفضها الأعراف والتقاليد والنفس البشرية السليمة. لست مع فنانة شهيرة تصف ما فعلته بطلة العمل منى زكى بالإبداع والجرأة.. ولست مع المتعاطفين معها وكل فريق العمل ومموليه بدعوى الحرية المطلقة فليس هناك ما يسمى حرية مطلقة بل هى حرية مسئولة محكومة فقط بتقاليد وعادات مجتمعاتها وإلا تحول عالمنا إلى بار مفتوح تختلط فيه القيم بل والأنساب.
لست أيضا مع إعلامى كبير حاز من الشهرة ما لم يصل إليه الكثيرون يقف إجلالا واحتراما لبطلة العمل بينما يرفض بشدة مشهد صيدلى يقرأ القرآن أثناء عمله فهذا يمثل تحديا لرأى عام يرفض عملا هابطا يؤثر على قيم المجتمع ويرفض الخلط بين الفوضى والإباحية وبين احترام حقوق الإنسان وحقوق المرأة ما دامت لا تتعارض مع مفاهيم وتقاليد مجتمعاتها وكذلك مع روح الأديان السماوية.
على المنوال نفسه أرفض من يحاول تسييس القضية وربطها باتفاقية «سيداو» وهو الاختصار لاتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على التمييز ضد المرأة ويعتبر تلك الاتفاقية طريقا أو معبرا للترويج لجماعات المثليين.
قبل كتابة تلك السطور قرأت الاتفاقية كاملة والتى دخلت حيز التنفيذ عام 1981 وليست حديثة ووقع عليها بالفعل 190 دولة حول العالم بينها 20 دولة عربية والاتفاقية تتكون من ديباجة و30 مادة فى ستة أجزاء جميعها تتحدث عن ضرورة التخلص من التمييز ضد المرأة بشكل عام فى العمل والتعليم والجوانب المادية والاقتصادية واختيار دينها وشريك حياتها وعدم الانتقاص من دورها فى تربية أطفالها ودققت وبحثت جيدا ولم أجد أى نص صريح أو تلميح بضرورة منح حقوق للمثليين أو أى إجازة للخيانة والعياذ بالله.


إذن الاتفاقية بريئة تماما من دعاوى أنها تشجع على المثلية وربما جماعات المثليين الذين يتخذون من «قوس قزح» شعارا لهم أرادوا إلصاق التهمة بالاتفاقية وإحراج الدول التى وقعت عليها سياسيا وهذا أمر مرفوض تماما فى مجتمعاتنا الشرقية. أقول لمن يعارضون الفيلم حقيقة وليس تمثيلا للفضيلة: الصمت أجدى من الترويج دون قصد لعمل كهذا من منطق «الممنوع مرغوب». قاطعوا مشاهدته واصمتوا عن الحديث عنه وسترون النتيجة.