الأدب اليونانى فى مصر

قسطنطين كفافيس
قسطنطين كفافيس

كتب : د. خالد رؤوف

 عاش اليونانيون ويعيشون مثلهم مثل المصريين يمتهنون نفس الحرف ويعيشون فى نفس الأحياء والمنازل، فهم ليسوا خواجات... هم أبناء وطن إحتضنهم فأحبوه وأعطوا له الكثير ولازالوا يعطونه.

هناك جملة تستوقفنى كثيرًا عندما يأتى الحديث عن اليونانين فى مصر وهى ما ذكرها اللورد كرومر فى مذاكراته عن فترة خدمته فى مصر حين قال... «أينما ترفع حجرًا فى مصر، ستجد تحته يونانيًا»... وهذا الأمر صحيح فى الحقيقة وواضح لمن يمعن النظر فى تاريخ مصر الحديث وليس فقط، فالشائع هو أن وجود اليونانين فى مصر يرتبط فى أذهاننا بالعصر الحديث وفترة الكوزموبوليتان ولا سيما فى الإسكندرية المدينة اليونانية الأصل كما يحلوا للبعض أن يسميها وهو شيء لطيف إذ أنه يرتبط بمفهوم الحنين/ النوستالجيا الرائج فى أيامنا.

لكن فى واقع الأمر إن وجود اليونانيين فى مصر لم يكن فى العصر الحديث أى فى مع فترة محمد على باشا الذى جاء حاكمًا لإقليم كالاماتا فى شمال اليونان ومنه إلى مصر حيث أحضر بالكثير من اليونانين معه ومن هنا بدأت الهجرات العشوائية والمنتظمة إلى المحروسة بحثًا عن حياة أفضل.

لكن فى واقع الأمر أن وجود اليونانين فى مصر كان قبل هذه الحقبة بألاف السنين منذ عصور المصريين القدماء ولنا فى كتابات هيرودوت خير دليل الذى لم يأت إلى مصر كونه رحالًا بمحض الصدفة أو بحثًا عن المغامرة بل كانت هناك أسباب أو لنقل سوابق لزيارته لمصر يجدر بنا أن نذكر فى هذا الصدد أن علماءً وفلاسفة من أساطين الفكر الإنسانى قد جاءوا إلى مصر «للتعلم» مثل أرسطوطاليس و سقراط وبلاتون (أفلاطون) وبيثاغواراس (فيثاغورث).

 

وغيرهم فى صروح مصر العلمية ومعابدها وليس هم فقط بل ومن قبلهم وتاريخ الفن خير شاهد على هذا لو لاحظنا فى العصور الأولى للفن اليونانى سواء النحت أو العمارة سنجد تأثرًا واضحًا بالفن المصرى القديم مما لا يدع مجالًا للشك أن اليونانين نقلوا الكثير عن المصريين فى مجالات شتى فكان الأساس الذى منه انطلقوا وأبدعوا فى مختلف العلوم والفنون ولا يظنن أحد أن دخول الإسكندر الأكبر إلى مصر كان محض صدفة فقد كان أحد تلامذة أرسطوطاليس النجباء أى أنه عرف إلى أى أرض أتى.


... ومن الإسكندر الأكبر إلى البطالمة ومنه إلى العصر الحديث ومن ثم إلى يومنا هذا.
ماذا يأتى إلى ذهننا اليوم عندما تذكر كلمة اليونان أو اليونانيين... بالتأكيد لها وقع مختلف إذ أن حضورهم فى وجدان المصريين كبشر وكثقافة وحضارة كان مختلف لكن كبشر بشكل خاص إذ أن فى البشر العاديين تتكشف كل المعالم الثقافية والحضارية والتاريخية دون أن يعرفوها بشكل تفصيلى لكن أعتقد أن حكمة الحضارات القديمة الراسخة تتجسد فى الحمض النووى لأبناءها وأحفادها على مر العصور بغض النظر عمّا يطرأ على هذه العصور من صلاح أو طلاح أو من تقدم أو إضمحلال... فتلك الحضارات وتلك الشعوب شاءت أم أبت تحارب الموت والفناء بلا كلل لقرون طويلة ولا تزال هنا حية لا تفنى ولا تموت، باقية ما بقى الزمن...

والحديث هنا عن اليونان ومصر، إذ أن ارتباطهما فى رأيى الشخصى هو أزلى وحتمى بحكم التاريخ والجغرافيا والفكر والروح وحب الحكمة الأبدى الراسخ فى وجدان أبناءها على مر العصور كما يقول النجيب، محفوظ «كانت مصر ثم جاء التاريخ...»
وكذلك يقول أحد عظماء الإنسانية الآخرين، «نيكوس كازانتزاكيس» 
«كانت جزيرة كريت هى الأرض الأولى فى أوربا التى استقبلت نور الحضارة الذى جاء من الشرق».


فاليونان عزيزى القارئ ليست محض دولة أوربية ولا متوسطية ولا غيرها من المسميات... اليونان تنتمى للإنسان، للبشرية، اليونان فكر وعلم وحضارة وأدب وبشر حاملين لهذه الخصائص ينتاقلونها عبر العصور والأجيال والقرون والسنين والأيام.... اليونان هى سقراط وأرسطو وأفلاطون وإيمبذوكليوس وإيسخيلوس وسوفوكليس وهيباتيا وفيلوكتيتس وكازانتزاكيس وسيفيريس وإيليتيس وكفافيس وتسيركاس وكافاذياس وذيميترياذيس وكوموتسى وغيرهم... هل تعلم عزيزى القارئ أن من أحب الكلمات لنيكوس كازانتزاكيس هذا الكاتب العالمى الألمعى كانت «فى دمائى تجرى دماءً عربية» فقط لأنه كان من جزيرة كريت...


كل هذا يأتى بنا إلى اليوم وإلى يونانى اليوم أى إلى اليونانيين المتمصرين/ أو اليونانيين المصرين... إذا تحدثت مع أحدهم سيقول لك أننى مصرى ثم يونانى وسيذكر أن مصر أو اليونان هى وطنه الثانى وسينسى أى منهما هو الوطن الأول... «أينما تعيش هو وطنك» هكذا قال سقراط. فى مصر ولا سيما فى العصر الحديث عاش اليونانيون كالمصريين تمامًا، ففى العصر الحديث وخاصة فى القرن العشرين عاشت فى مصر جاليات وجنسيات عديدة لم يبق منها فى وجدان المصريين مثل اليونانيين ولم تبق مصر فى وجدان أى جالية مثل اليونانيين.


عاش اليونانيون ويعيشون مثلهم مثل المصريين يمتهنون نفس الحرف ويعيشون فى نفس الأحياء والمنازل، فهم ليسوا خواجات... هم أبناء وطن إحتضنهم فأحبوه وأعطوا له الكثير ولازالوا يعطونه.


فى مجال الأدب أيضًا أعطوه كثيرً ولا زالوا ودعونا نأخذ ثلاثة أمثلة معبرة عن ثلاثة مراحل تاريخية هامة على أصعدة متعددة.... (قسطنطين كفافيس و ستراتيس تسيركاس و بيرسا كوموتسي)، اخترت هذه الأمثلة لأسباب متعدده فبالتأكيد هناك آخرون لكن هؤلاء أعتقد أنهم مؤثرون بدرجة كبيرة يمكن أن نلمسها بسهوله من خلال حياتهم وتجربتهم الإنسانية والإبداعية فى مصر وعن مصر.


... تنويه، اللغة اليونانية تعد لغة صغيرة أو نادرة إذا ما حسبت بعدد الناطقين بها...لكن، كم لغة صغيرة استطاعت أن تحظى أو تهدى للبشرية هذا الكم الهائل من المعارف والمفكرين والأدباء والشعراء ولا سيما فى العصر الحديث، سفيريس و إيليتيس (شاعران نوبل فى القرن العشرين) كفافيس وكازانتزاكيس، لو أن هناك تعريف لمعنى كاتب أو شاعر عالمى لأكتفيت بهذين الأسمين لأوضح ماذا تعنى أن يكون المبدع عالميًا.
سأتحدث قليلًا عن بعض الأدباء اليونانين المصريين الهامين لكنهم أثروا فى على مستويات كثيرة... لنبدأ بكبيرهم الذى علمهم الشعر.


قسطنطين كفافيس
كُتب وقيل الكثير عن الشاعر السكندرى كما يشار إليه فى كل المحافل العلمية والأدبية بالسكندرى، وهو الذى كان يقول عن نفسه «أنا شاعر المستقبل...» و «أنا لست يونانيًا، أنا هلينيستى»، أى يونانى مصرى إذ أن الهلينستية هو نتاج التفاعل بين الحضارتين اليونانية والمصرية وبهذا سمى أحد أهم العصور الإنسانية وأحد أغزرها إنتاجًا للفنون والفكر والآداب والعلوم.

وفى هذا العصر استوحى مايزيد عن الخمسين قصيدة من قصائده التاريخية وبغض النظر عن تصنيف تلك القصائد إلا أن ما يسرى عليها يسرى على كل قصائده وهو معاصرتها الشديدة إذ أنك تشعر كما لو أنها كتبت اليوم.


لم يلق كفافيس المكانة التى يستحقها عندما كان على قيد الحياة  أنها تُرجم بالصدفة من قبل صديقه إيمانويل فورستر صاحب دليل الإسكندرية ونشر فى بريطانيًا أولًا ومن ثم انتبه العالم إلى موهبته الفذة لكن حدث هذا بشكل حقيقى وأكبر بعد مماته فهو يعد الآن من أكثر الشعراء الذين ترجموا إلى لغات أخرى إن لم يكن أكثرهم... علاقتى بالشاعر بدأت فى سن صغيرة عندما نشر د. نعيم عطية أول ترجمة له عن اللغة اليونانية، لم أفهمه حينها تمامًا، لكنى قرأته ولازلت أقرأ قصائده حتى هذه الساعة.


 لم يغادر قسطنطين كفافيس مصر سوى مرات قليلة كان مجبرًا فى أغلبها سواء إلى استانبول صغيرًا أو إلى إنجلترا فيما بعد وفرنسا وأخيرًا إلى أرض اليونان عندما مرض، وكلها كانت زيارات صغيرة... كانت معشوقته الإسكندرية هى دائمًا الأرض الأم و الوطن والمدينة التى كان لها نصيبها من أشعاره.


سافرت كثيرًا وقابلت بشرًا مختلفى الثقافات والطبائع فى بقاع الأرض ولن أبالغ أننى سمعت من الكثيرين عبارة «قسطنطين كفافيس، هذا الشاعر غَيّر حياتى» هذه العبارة سمعتها فى الهند وبلدان كثيرة فى أوربا وفى أمريكا اللاتينية والشمالية بشر لهم لسان غير اليونانية، يحفظون بلغاتهم أبياتًا من شعره يحلمون بالمدينة ويبكون على أنطونيو الذى يودعها ويرتلون أسوار وشموع وأسوار وإيثاكا... شاعر كان مؤثرًا بحياته فى حياته وبعد مماته.ذاع صيته فى مصر من التسعينيات بعد نشر ترجمات لقصائده تباعًا وبعد إنشاء متحفًا له فى مدينته الإٍسكندرية وصار البيت الذى عاش فيه آخر ثلاثين سنة تقريبًا مزارًا يأتيه الناس من كل حدب وصوب... رأيت فى هذا المتحف كتابًا كبار ومشاهير من العالم يبكون ويتأثرون ويتمشون فى حجرات بيته بوجل ويرتلون بعض قصائده... عَلَمَنى شعره أن الشعر إذا لم يكن مؤثرًا وحقيقيًا ويجبرك على إعادة قراءته فلا سبب لوجوده ولن يعيش... الشعر يختبره الزمن، وكفافيس بعد مايقرب على المائة عام على وفاته يُقرأ فى كل عام أكثر من العام الذى فات ويؤثر فى بشر أكثر ممن عاصرهم.
ولنغنى لمصرنا مع ابن البلد...

 

ستراتيس تسيركاس

.وأغنى لمصر لأنها تطعمنى وتغطينى كأم
 لأنها، تتألم من أجلى كأم
 ولأنها تحلم من أجلى، كأم
بهذه الكلمات يمكننى أن ألخص «ستراتيس تسيركاس»، اليونانى المصرى، أو ابن البلد كما كان يلقبه أبناء جلدته وكذلك المصريون أيضًا مما عرفوه... كان حالة خاصة جدًا، فهو ابن حى عابدين كان والده حلاق له محل فى نفس البناية، تخرج فى المدرسة التجارية وعمل فى محالج القطن فى ديروط فى صعيد مصر وجاب مصر وعاش بين أهلها من البسطاء... كتب الشعر وإنشغل بالأدب والترجمة منذ صغره، نشأته وحياته كان من الطبيعى أن ينتج عنها أول ديوان شعر له بعنوان «الفلاحون» ونوفيلا بعنوان «نور الدين بومبة» عن مراكبى مصرى بسيط يتورط فى ثورة 1919 ضد المستعمر الإنجليزى، ومجموعات قصصية بل وكتب نقدية ودراسات، كان من القلائل الذى تقربوا من شاعر الإسكندرية كفافيس وكان من أول من كتبوا عنه كثيرًا وروجوا لعبقريته فى وقت كان الجميع يتنصل من الشاعر ولا يعطه حقه عن عمد أو حقد أو جهل فله عن الشاعر كتابين «كفافيس وعصره» وأيضًا، «كفافيس السياسي» لكن تبقى ثلاثيته «مدن جامحة» بأجزاءها (المنتدى وآريان والخفاش) أحد أهم الروايات فى الأدب اليونانى الحديث لاسباب كثيرة أولها أن لها محور ثابت يربط بين أنتاجه كاملًا من قصائد وقصص قصيرة ويمزج فيها بين الواقع والخيال ويعبر فيها عن آرائه وفلسفته فى الحياة والسياسية فى فترة صعبة كانت تتشكل فيه خريطة العالم ولا سيما الشرق الأوسط، فى الفترة مابين الحربين العالميتين وبعدها، يقف فيها الكاتب الكبير فى وجه المستعمر الإنجليزى والمستغل بغض النظر عن جنسيته يونانيًا أو مصريًا يقف دائمًا مع البسطاء من البشر.

 

بيرسا ليست فقط مترجمة أدب عربى يونانية مصرية، لكنها روائية يونانية مصرية أيضًا بالمعنى الحرفى للتعريف، أى أن ما رواياتها هى بالفعل يونانية مصرية، كتبت بيرسا حوالى ثمان روايات النسبة الأكبر منها تدور أحداثها فى مصر وشخوصها الرئيسية من المصريين واليونانين فى فترات مختلفة

وهو موقفه الدائم الذى كان واضحًا منذ كتاباته الأولى حتى إنتاجه النثرى الغزير الناضج. فى ثلاثيته ينسج أحداثًا بين ثلاث مدن بشكل أساسى «أورشليم والقاهرة والإسكندرية» يظهر فيها عشقه للشرق ولمصر ويحكى فيها عن مصر التى عرفها وعاشها وعاشته وشكلتها ولذا كان يغنى لها لأنها كأمه تحنوا عليه ويقول هذا على لسان أبطاله فى تلك الفترة الحرجة...

وأغنى لمصر، لأنها تطعمنى وتغطينى كأم  لأنها، تتألم من أجلى كأم  ولأنها تحمل من أجلى، كأم.

«مصر أم اللاجئين...» يأتى إليها كل من تلفظه أرضه وذويه من كل حدب وصوب ليبنى حياة من لاشيء على أرض النيل وتحت شمسها الدافئة... وربما لا يجد فيها سوى الصراخ والحزن والنحيب
لم تعد هناك المسلات الجميلة الفرعونية.
ولا الغروب بهيبته ولا الأهرامات بروعتها العتيقة؟
لكن نعم، أنا أغنى لمصر هذه بالتحديد
مصر التى لن تجدوها فى خرائط كوك السياحية
مصر التى تتعرقلون فيها دون أن تروها...
وأغنى لمصر، لأنها تطعمنى وتغطينى كأم
 لأنها، تتألم من أجلى كأم
 ولأنها تحمل من أجلى، كأم.


بيرسا كوموتسى
بلا أى مبالغة، كانت الكاتبة والمترجمة والآن الصديقة بيرسا كوموتسى سببًا رئيسيًا فى أن أكون مترجمًا، قبل أن أعرفها... كنت مصدر إلهام كبير بالنسبة لى... عندما كنت طالبًا فى اليونان أتجول فى مكتبات أثينا ورأيت أسمها لأول مرة على غلاف لرواية لنجيب محفوظ ومن ثم رفوفًا تحمل ترجماتها فاشتريت رواية مترجمة فثانية.

 

وتوالت قراءاتى لما كنت أحبه لمحفوظ فى ترجمة يونانية أتذكر كيف سحرتنى الترجمة وأثرت فى وصرت أشترى هذه الترجمات وأهديها لأصدقائى وأساتذتى بكل ثقة كى أعرفهم بالأدب المصرى والعربى... بعد ذلك صرت أتشجع على ترجمة الأدب اليونانى.


الكتاب والشعراء يلهمون بالتأكيد، لكن المترجمون أيضًا وبخاصة الذى ترجموا عن وإلى اليونانية. بالنسبة لى كانت بيرسا كوموتسى والراحل الأستاذ الكبير د.نعيم عطية بعطاءاته السخية ويانيس ميلاخرينوذيس وصمويل بشارة... وليس فقط بل كل أنبياء الحضارة فى كل اللغات الذين نقلوا وينقلون إلينا بسخاء كل هذه المعرفة.


ولدت فى القاهرة ونشأت فيها وتخرجت فى جامعة القاهرة ثم غادرت لليونان ومنها إلى إنجلترا ثم عادت لليونان حتى حصل نجيب محفوظ على جائزة نوبل فأيقظ بداخلها بركان كامن خمدته الأيام... عادت إلى حبها الأول للغة العربية وأدبها من خلال المعلم الكبير كما تسميه فى روايتها «فى شوارع القاهرة نزهة مع نجيب محفوظ».


لن أقول أنها امتهنت الترجمة الأدبية بل إمتهنت شغفها الذى لايزال يسيطر عليها ولا تزال تعمل عليه بشغف البدايات... نقلت عن العربية إلى اليونانية مايزيد عن خمس وأربعين عنوانًا النسبة الأكبر للكبير نجيب محفوظ بالطبع لكن لكبار آخرين منهم على سبيل المثال لا الحصر طه حسين وصنع الله إبراهيم وإبراهيم عبد المجيد بخلاف أنطولوجيات شعرية لشعراء عرب قدماء وشباب حصلت على العديد من الجوائز الأدبية فى الترجمة. أعتقد أن الثقافة العربية مدينة لشخصية فريدة مثل «بيرسا كوموتسى» بالكثير.


بيرسا ليست فقط مترجمة أدب عربى يونانية مصرية، لكنها روائية يونانية مصرية أيضًا بالمعنى الحرفى للتعريف، أى أن ما رواياتها هى بالفعل يونانية مصرية، كتبت بيرسا حوالى ثمان روايات النسبة الأكبر منها تدور أحداثها فى مصر وشخوصها الرئيسية من المصريين واليونانين فى فترات مختلفة وهى سمة لا نلمسها كثيرًا فى أدباء يكتبون عن مصر أو عن الشرق أى أنها لا تكتب عن الشرق بل تكتب منه، خصوصية شخصيتها وتجربتها الحياتية والإنسانية تنعكس بشكل مباشر على ماتكتبه... من عناوين رواياتها على سبيل المثال «الضفة الغربية من النيل ترجمها د. محمد حمدى إبراهيم ورواية «فى شوارع القاهرة، نزهة مع نجيب محفوظ» و»أصوات سكندرية، فى شارع ليبسوس» وغيرها من الذى لم يترجم بعد، نرى فيها معرفة بهواء هذا البلد وشعبه وثقافته وتركيبته وأثره على أهله ولا سيما من اليونانين والمصريين.


اليونان ومصر هما من أعرق حضارات الأرض. المصرى واليونانى هما تركيبتان لهما الكثير من الخصوصية فى رأيى... وبالتالى فاليونانى المصرى شخصية فريدة بالضرورة أما إذا ماكان مبدعًا فعلينا أن ننتبه، فإذا كنا نقرأ للآخر فنحن لا نفعل ذلك كى نعرفه بقدر ما نقترب ونعرف أنفسنا كى نحثها على التفكير والتأمل ولتكن هذه هى الغاية.

اقرأ ايضا | «اليونان» ضيف شرف الدورة الـ53 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب