من الإدمان ما قتل | ذبح زوجته ثم قفز من البلكونة

المتهم
المتهم

..من جديد عاد شبح الجرائم الزوجية شديدة البشاعة يُطل برأسه على سطح الأحداث ويؤكد يومًا بعد الآخر  أن هناك من لا يحمل قلبه مثقال ذرة من مودة أو رحمة.


الضحية هذه المرة شابة يافعة يُقسم الجميع ببراءتها وحُسن أخلاقها، لم تقترف ذنبًا أكبر من صمتها عن تناول زوجها وشريك حياتها للأقراص المُخدرة، تلك المواد التي حولته إلى وحشٍ كاسر قطع عنقها وفصل رأسها عن جسدها داخل غرفة نومهما التي كانت شاهدةً على أجمل اللحظات التي عرفتها الفتاة حتى رحلت عن الدنيا عن عمر ناهز الاثنين وعشرين ربيعًا، تاركةً سيرتها الطيبة وابنتها الطفلة التي لم تُكمل ربيعها الثالث بعدْ، وشيطان يتلبس وجه زوجها ويدعو ويزعم أنه لم يكن في وعيه، وإلى التفاصيل.

 

مريم محمد عبدالغني عيسى طالبة جامعية بالكاد تخطت عامها الأول بعد العشرين، مثل بنات سنها قبل أربع سنوات دق قلبها لشاب أحبته وأحبها، وتعلق قلبها به على الرغم من أنه يكبرها بأكثر من ست سنوات، لكنه الحب، وسرعان ما توجه الشاب أحمد السيد الصباحي، إلى منزل مريم وتقدم لخطبتها وتم الزواج سريعًا في الوقت الذي كانت أسرة الفتاة تُفضل استكمال ابنتهم لتعليمها، لكنها رغبتها ونصيبها وما حدث.


مرت فترة الزواج الأولى في سعادة بين الزوجين لا يعرفان فيها سوى خلافات بسيطة وربما تافهة لا ترقى لأن يُطلق عليها خلافات، قبل أن تفاجأ مريم بآلام تؤكد حملها في طفلتهما الأولى والوحيدة منى، الصغيرة ذات الوجه الملائكي التي جاءت إلى الدنيا قبل ثلاث سنوات لتجعل لحياة الزوجين معنى آخر، ويوم بعد يوم تزايد الحمل وزادت نفقات المعيشة على كاهل الأسرة، وبين هذا وذاك كان أحمد كعادته منذ تخرج في كلية الحقوق وحصل على الليسانس، ذا مؤهل عالٍ لكن سيئ الحظ فيما يتقاضاه ويتحصل عليه من مال، وظروف دفعته قبل سنوات لأن يفتح محلا لبيع المنظفات، لكن المال الذي كان يأتيه ربما لم يكُن لأجل الأسرة ونفقاتها فقط؛ إذ عرف الشاب طريق إدمان المواد المُخدرة وأقراصها، التي كانت كلمة السر في انفلات الزوج وتغير سلوكياته مع زوجته.

 

بين عشيةٍ وضُحاها تبدل حال الزوج وأدمن متعة زائفة صورتها له الأقراص التي يتعاطاها وقتًا بعد الآخر، وتبدلت أحواله وساءت تصرفاته وصار غريبًا عن ذاك الذي عشقته مريم وتعلقت به واختارته دون الجميع ليشاركها حياتها وفضلته عن كل شيء، لكنه لم يعُد ذا مودة أو رحمة ليرأف بحالها ويُقدر كيف تُعاني وتُجاهد للتوفيق بين دراستها وبيتها وابنتها، وفوق ذلك لتحمل تصرفاته تحت تأثير المواد المُخدرة، ووسط كل شيء تحملها كل هذا دون أن تُخبر أسرتها بأن زوجها قد تبدل ولم يعُد الملاك الذي يختلف اختلافات بسيطة، بل صار شيطانًا يعيش تحت تأثير الكيف ويُدمن ما يُبعده عن الواقعة ويفصل بينه والجميع.


عصرالثلاثاء، وبينما انتهى اختبار مريم بالفرقة الرابعة في دراستها بالمرحلة الجامعية، عادت إلى منزل أسرتها لتؤكد على أنها سعيدة كل السعادة والرضا بشأن إجابتها في اختبار اليوم، وحين همت الأم بوضع طعام الغداء اعتذرت الفتاة بأنها ستتناول طعامها رفقة زوجها وابنتها، وتركت والدتها وكأنها تودعها، لتترجل إلى منزلها في هدوءٍ عم المنطقة حتى تمام التاسعة مساءً؛ حين دوت صرخات زوجها وهو يقف في شرفة مسكنهما ويعلو صوته بعبارة بات الصغير يحفظها قبل الكبير: «أنا دبحتها..أنا موتتها».


قبل أن تفترق عقارب الساعة لتُعلن الوقت الذي يعلو فيه صوت الزوج إيذانًا بكشف ستار جريمته كان خلافًا بسيطًا لا يعرف كنهه سواه وزوجته قد نشب بينهما أمام أعين ابنتهما الطفلة منى، وفي عجالة أخذ أحمد سكين المطبخ وقطع رأس زوجته حتى فصل بينها وجسدها، وترك الدماء والسكين وذهب إلى الشرفة كما لو كان يُدلي باعترافاته إذا ما كان عاقلًا وواعيًا لما اقترفته يداه، أو في لحظات زهوٍ صورتها له أقراص المُخدر الذي أدمنه ودفعه للخلاص من الإنسانة الوحيدة التي عشقته وعشقها يومًا ما.


في ثوانٍ معدودات قفز الشاب من شرفة المنزل ليسقط أرضًا وقد تهشمت عظامه، لكن طائرالموت أبى أن يجمع بين روحه وروح زوجته ونهايتهما ساعةً واحدةً، ليتجمع الجيران وأهل القرية المعروفة بـ كفر الجنينة، التابعة لنطاق ودائرة مركز شرطة نبروه بمحافظة الدقهلية، وتحضر عربة إسعاف ليتم نقل الزوج وآثار دماء زوجته لا تزال مختلطة بدمائه التي خلفتها قفزته إلى مستشفى نبروه المركزي، في الوقت الذي حملت عربة أخرى جثة الزوجة غارقةً في دمائها.


الأجهزة الأمنية بمديرية أمن الدقهلية، بإشراف اللواء السيد سلطان، مساعد وزير الداخلية مديرأمن الدقهلية، تلقت إخطارًا من اللواء إيهاب عطية، مدير المباحث الجنائية بالمديرية، بشأن ما تبلغ لمركز شرطة نبروه بورود إشارة من مستشفى نبروه المركزي بوصول المجني عليها مريم محمد عبدالغني عيسى، طالبة جامعية وربة منزل تقترب من الـ 22ربيعًا، جثةً هامدةً جراء جرح ذبحي تعرضت له وفارقت الحياة فوره.


على الجانب الآخر، استقبل المستشفى زوج المجني عليه المدعو أحمد السيد الصباحي، 28 عامًا،حاصل على ليسانس حقوق، مصابًا بكدمات وكسور بأنحاء متفرقة بالجسد جراء سقوطه من شرفة منزله، قبل أن يُدلي ويُقر ويعترف الزوج بأنه ذبح زوجته لوجود خلافات بينهما، فضلا عن سببًا آخر رفض الإفصاح عنه.


تحريات رجال المباحث الجنائية بمديرية أمن الدقهلية وأقوال الجيران دلت على نشوب مشاجرات عديدة في أوقاتٍ سابقة بين الزوجين خلال الفترة الأخيرة، فيما أفادت التحريات بأن الزوج المتهم أحمد كان يهدد زوجته بصوتٍ مرتفع بأنه سيقتلها، فيما دلل أهل المنطقة على أن الزوج كان يتعاطى المواد المُخدرة وأن زوجته كانت تُعنفه بشدة بسبب إنفاق المال على شراء الأقراص المُخدرة وتطالبه بالتوقف والعلاج، لكنه دومًا ما كان يرفض لتزايد الخلافات وتتكرر المشاجرات.


“ضهري انكسر».. عبارة موجعة ومؤلمة خرجت ممزوجة بالدموع على لسان والد مريم وهوَّ يصف كيف مُنع من الدخول على جثة ابنته وقت نقلها إلى المستشفى بعدما قُتلت، قبل أن يؤكد على أنه كان رافضًا زواج ابنته من زوجها القاتل منذ البداية، إذ كان الأب يرغب في أن تُكمل ابنته دراستها، لكنها أصرت على الزواج بدافع حبها لـ أحمد، منوهًا بأنه كان يعتبر زوج ابنته بمثابة سنده الذي يستشيره في كل شيء، لكن النهاية كانت موجعة لا يقوى قلب بشر على تحملها، وأن صدمته كبيرة في كل شيء، وأن ابنته لم تكن تستحق تلك النهاية البشعة على يد زوجها.


من جانبها، أمرت جهات التحقيق في مركز شرطة نبروه بمديرية أمن الدقهلية بالتحفظ على الزوج المتهم في المستشفى لحين تمام علاجه وتعافيه من إصاباته، فضلًا عن إجراء تحليل لفحص وبيان مدى تناوله للمواد المُخدرة من عدمه، وطلبت تحريات المباحث الجنائية حول الواقعة وملابساتها وكيفية حدوثها، قبل أن تُصرح بدفن جثة الزوجة المجني عليها عقب الانتهاء من الصفة التشريحية.

اقرأ ايضا | من جديد عاد شبح الجرائم الزوجية شديدة البشاعة