قمة المناخ فى شرم الشيخ| مصر تسعى لإنقاذ كوكب الأرض

مصر تسعى لإنقاذ كوكب الأرض
مصر تسعى لإنقاذ كوكب الأرض

ندى البدوى

على قدمٍ وساق تجرى استعدادات مصر لاستضافة مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ، المُقرر إقامته بمدينة شرم الشيخ خلال شهر نوفمبر القادم، وهو الحدث البيئى الأبرز عالميًا الذى تتعاظم أهميته مع تزايد التحديات والمخاطر المُترتبة على ظاهرة الاحترار العالمى يومًا بعد يوم، والتى تُعد بمثابة تهديد وجودى لكوكب الأرض. وتمثل استضافة مصر للمؤتمر فرصة كبيرة لتعزيز العمل المناخى الدولي، وتوحيد مطالب الدول الأفريقية والدول النامية فيما يتعلق بقضايا التمويل والتكيف مع آثار تغير المناخ، التى تأتى على رأس أولوياتنا فى مسار المفاوضات المناخية.

القمة التى تجمع قرابة 30 ألف مشارك من 196 دولة حول العالم، تتولى استعدادات تنظيمها اللجنة العليا المعنية بالتحضير لاستضافة مصر لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ "COP27" وتُعنى اللجنة بكافة الجوانب الفنية والتنظيمية واللوجيستية الخاصة بالمؤتمر.

اللجنة يرأسها الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، وتضم فى عضويتها جميع الوزارات والهيئات ذات الصلة، ومنها وزارة الخارجية، ووزارة البيئة المعنية بالتنسيق الوزارى للمؤتمر لوجيستيًا وفنيًا، بجانب وزارات المالية والتخطيط والتعاون الدولى والإسكان والتنمية المحلية، كما تضم اللجنة وزارات الإسكان والكهرباء والبترول والاتصالات، وزارة السياحة والآثار ووزارة الطيران المدني.

وتؤكد الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة أن القيادة السياسية تولى ملف تغير المناخ اهتمامًا غير مسبوق، ما جعل لنا الريادة فى العمل البيئى والتنموى فى المنطقة، ويتبدى ذلك فى الخطوات التى قطعناها فى مواجهة تغير المناخ، ويأتى على رأسها إنشاء المجلس الوطنى للتغيرات المناخية، وإعداد الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ التى تشمل الخريطة التفاعلية للمناطق المهددة بآثار تغير المناخ، فضلاً عن خطة الدولة للتحول إلى الاقتصاد الأخضر، وإقامة مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة ومشروعات النقل المستدام وغيرها، إضافةً إلى التعاون مع وزارة المالية لإصدار السندات الخضراء، وتوجّه البنوك إلى تمويل المشروعات التى تُراعى الأبعاد البيئية والمناخية.

وشـــددت وزيــــرة البيئــــة فـى تصـــريحات صحفية على أن مصر تسعى للخروج بنسخة مميزة من مؤتمر تغير المناخ الذى نشرف باستضافته خلال شهر نوفمبر القادم، بحيث تكون المشاركة المجتمعية وتوحيد الجهود سمة أساسية به، موضحة أنه يجرى الآن تنفيذ خطة لتحويل شرم الشيخ إلى مدينة خضراء، ضمن استعدادات مصر لاستضافة المؤتمر، وتضم الخطة عددا من المحاور تتمثل فى الإدارة المتكاملة للمخلفات من خلال منظومة ذكية لعمليات الجمع والنقل ونظافة الشوارع والمرافق العامة، وتعزيز السياحة المستدامة عن طريق تقييم فنادق المدينة للحصول على العلامة الخضراء، وتدريب العاملين على المعايير البيئية وآليات السياحة الخضراء، كذلك تشجيع مراكز الغوص عليها. فضلاً عن المحور المعنى بالطاقة وآليات النقل المستدام فى المدينة، حيث سيتم الاعتماد على الأتوبيسات الكهربائية مع تنفيذ وإقامة مسارات للدراجات. 

وتؤكد الدكتورة نهى سمير عميد كلية الدراسات العليا والبحوث البيئية بجامعة عين شمس، أن استضافة مصر لقمة المناخ القادمة تعد فرصة كبيرة للتوعية بقضية المُناخ التى تعد القضية الحاسمة فى عصرنا، مع تفاقم الآثار المدمرة التى طالت جميع أنحاء العالم، وهذا ما نعمل عليه من خلال البرنامج التدريبى لتأهيل سفراء المناخ، والذى يستهدف تخريج 5 آلاف سفير للمناخ من الكوادر الواعدة من الشباب المتطوعين الذين يؤمنون بقضايا البيئة، للمساهمة فى محو الأمية الكربونية للمواطنين وتدريب شباب الجامعات، ما يعنى زيادة الوعى البيئى والتوعية بقضية المناخ وأسبابها والمخاطر الناجمة عنها. وذلك ضمن مبادرة المليون متطوع للتكيف المناخى التى شاركت الكلية فى إطلاقها.

تتابع: يتم اختيار المتدربين بناء على مقابلات شخصية، حيث نحرص على اختيار سفراء المناخ من الشباب المُلهمين والمؤثرين، القادرين على التأثير والتواصل المجتمعي. نحن الآن بصدد تخريج الدفعة الثالثة من البرنامج الذى ننظمه بالتعاون مع وزارة البيئة ومؤسسة الفريق التطوعى للعمل الإنساني، ويشتمل البرنامج على جوانب نظرية وتطبيقية تتناول العديد من المحاور المتعلقة بالتغيرات المناخية وأثرها على الصحة العامة والأمن الغذائى والمياه وغيرها، فضلاً عن مفاهيم التنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر. فضلاً عن التوعية بالممارسات الصديقة للبيئة، حيث يتضمن البرنامج تدريب سفراء المناخ على كيفية حساب البصمة الكربونية الفردية، من خلال تطبيق إلكترونى على الهواتف المحمولة. غير أننا نعمل حاليًا على إعداد منصة تعليمية توعوية تغطى قضية تغير المناخ بكافة جوانبها، لتعزيز بناء القدرات الخاصة بالتكيف المناخى وتقليل البصمة الكربونية للأفراد.

من جانبه يرى الدكتور هشام عيسى خبير علوم البيئة وتغير المناخ، أن النتائج التى خرجت بها قمة المناخ التى انعقدت فى جلاسكو بالمملكة المتحدة خلال شهر نوفمبر الماضي، زادت من الآمال المعلقة على المؤتمر القادم الذى تستضيفه مصر، خاصة أن قمة جلاسكو للأسف لم تحسم بشكل واضح ومُحدد أى قضية تخص ملف تغير المناخ، خاصة ما يتعلق بالتوافق على قضايا التمويل والتكيف مع تغير المناخ للدول النامية. فمسار المفاوضات بمؤتمرات المناخ بصفة عامة يدور حول عدد من الملفات الرئيسية، يأتى على رأسها ملف التمويل المناخي، وملف الالتزامات الخاصة بخفض الانبعاثات، كذلك تدابير الاستجابة الخاصة بالتعويضات المطلوبة للدول البترولية لمساعدتها فى التحوّل إلى الوقود النظيف.

متابع: نحن نتحدث عن أكبر حدث دولى يرتبط بأهم قضية وجودية تمس كوكب الأرض، وتلقى بآثارها المدمرة على العالم بأسره. تنظيم هذا الحدث يعطينا أكثر من ميزة على مستوى القضية ذاتها، بدءًا من قيادة المفاوضات المناخية. فالدولة المضيفة وانتماءاتها كدولة متقدمة أو نامية لها تأثير كبير على مسار التفاوض. قيادة هذا المسار تمنحنا قوة وثقلا سياسيا فى ملف المناخ، حيث إن مصر تتفاوض باسم 70 دولة أفريقية وعربية، ما يزيد من فرص توحيد الرؤى لتحقيق مصالح الدول النامية والدفاع عن أولوياتها، التى تتمثل فى زيادة التمويل المناخي، وتيسير الحصول على هذه التمويلات والتكيف مع آثار تغير المناخ.

ويوضح عيسى أن قضية تغير المناخ لم تعد قضية علمية فقط، لكنها أصبحت قضية سياسية واقتصادية بالأساس، تخضع لمواءمات ومصالح واعتبارات عديدة لدول العالم وتحالفاتها. متابعًا: هناك لعبة كبيرة تمارسها الدول المتقدمة فى ملف التمويل المناخي، تنطلق بشكل أساسى من فلسفة التمويل لدى جهات ومؤسسات التمويل الدولية، التى تتعامل مع التمويل المناخى بمنطلق اقتصادى بحت، فبعد خروج اتفاق باريس الذى ألزم الدول المتقدمة بوضع تمويل للدول النامية لمساعدتها على مواجهة آثار الظاهرة، انطلاقًا من المسئولية التاريخية لهذه الدول. وضعت آليات ومعايير وقواعد صارمة للمنح والإقراض فى إطار الحصول على التمويل الأخضر، هذه الشروط فى مجملها صعبة وصارمة ومكلفة اقتصاديًا، ما يجعل الدول النامية غير مؤهلة لتحقيقها.