لا تسخر من أحلام الشباب، فإن السخرية منها من أعراض مرضي الشيخوخة، يسميه المرضي »الحكمة»‬.. وشباب بلا أحلام ربيع بلا زهور من   الطرائف الصحفية الذكية، ما كان يحدثنا به الاستاذ الدكتور خليل صابات رحمه الله، استاذ الصحافة بقسم الصحافة - كلية الاداب، جامعة القاهرة اعرق جامعات الشرق أثناء الدراسة، فترة ستينيات القرن الماضي.. فكرا وثقافة ونشاطا رياضيا  وثقافيا وفنيا.. كنا ندرس الصحافة علي يد اساتذة عظام في مقدمتهم د.عبداللطيف حمزة رئيس القسم ود. إبراهيم امام ود. مختار التهامي وحسنين عبدالقادر ود. احمد حسين الصاوي ود. لطيفة الزيات استاذة اللغة والادب الانجليزي ود. سامية اسعد استاذة اللغة الفرنسية وآدابها، ويضيق المكان علي ذكر الكثير منهم. كان د. خليل صابات يحدثنا عن رسالة الصحافة ودورها الخطير في المجتمع، في التنوير والتثقيف، وفي التوعية بالحقوق والواجبات الملقاة علي عاتق المواطن والدولة والمشاركة الايجابية في بناء مصر الحديثة.. الخ بالصدق والجدية والامانة والاخلاص في العمل، كان يحدثنا بحكاية طريفة عن رسالة الصحافة وعلاقتها بالتربية والتعليم قائلا: قديما سئل رجل عن صناعته فقال معلم، فقيل له: كيف ذلك وقد سمعنا انك تصدر صحيفة؟! فقال: نعم، لما رأيت الناس لا يرسلون ابناءهم الي المدرسة، ارسلت المدرسة اليهم في بيوتهم! هذا القول الحكيم يوضح لنا الدور التربوي الذي يمكن ان يقوم به التعليم والاعلام في صياغة فكر وعقل وسلوك الانسان، فالرسالة واحدة وان تعددت المسميات، لذلك فإن مؤسسات التربية والتعليم ووسائل الاعلام من صحافة واذاعة وتليفزيون وما قد يستجد من وسائل في الزمن الآتي، من اقوي وسائل التثقيف والتربية الجماهيرية، فهي مرشدة ومربية للروح الوطني والسياسي والتماسك الاجتماعي والادبي بما تقدمه من فكر وفن وعلم وقيم روحية واخلاقية، وهي من مقومات الثقافة العامة في المجتمع، هذه الثقافة هي التي تصوغ في النهاية ضمائر الناس وتحدد المعايير لافكارهم وتوجهاتهم الثقافية والسياسية، وهي قوة دافعة إلي التقدم والتحضر اذا احسن توظيفها. والسؤال الآن: أين نحن اليوم من مؤسسات التربية والتعليم والاعلام من هذه الرسالة. لقد رأينا في السنوات الاخيرة خروجاً علي التقاليد المهنية المتعارف عليها، وانتشرت برامج السب والقذف والكيد، وأصبح البعض يكيد بعضهم لبعض، وهذه الضجة علامة في دنيا الفضائيات. هذه الرسالة الاعلامية تم اختراق قواعدها الراسخة عند الممارسة اليومية، والكثير منها يسعي بالوقيعة بين ابناء الوطن الواحد، واصبحت تضخم الاحداث او تهون منها علي خلاف الحقيقة. رأينا اصحاب برامج تليفزيونية يتميزون بالصوت العالي »‬والسرسعة» ويطلق علي هذا النوع من مقدمي البرامج »‬سرسوع أفندي».. أو »‬سرسوعة هانم».. بل ان بعضهم نصب نفسه زعيما قوميا، يصول ويجول بلا علم ولا معرفة، بالقضايا التي يتحدث عنها، وفقدت وسائل الاعلام مصداقيتها في نقل الاحداث في حيادية وموضوعية. وتحولت وسائل الاعلام من منابر للرأي الحر والفكر المستنير الذي يبني ولا يهدم إلي منابر للتنابذ والتشاحن والبغضاء واصبحت يستدعي او تستقطب مجموعات يسبق اسم بعضهم لقب »‬دكتور»، ويطلق المذيع عليهم صفات ما انزل بها الله من سلطان مثل: الفقيه الدستوري او الخبير الاستراتيجي حتي ضجت الساحة بالفقهاء والخبراء، تستدعيهم الفضائيات عند اللزوم خدمة لاهدافها وفي اوقات محددة ليصبوا الزيت علي النار لتزداد هوة الخلاف بين ابناء الوطن الواحد غير مبالين بمصالح الوطن. وخطر لي خاطر: لماذا لا تسمي وسائل الاعلام، القنوات الفضائية باسم ملاكها او مالكها، ويكتب اسمه علي الشاشة بخط واضح، ليكون المشاهد علي بيئة من توجهات هذا المالك، والقائمين عليها هذا الاقتراح ليس القصد منه ان نقيم محاكم تفتيش في ضمائر ونوايا أحد، بك اجلاء للحقيقة ليس إلا..؟!.. والباقي مفهوم!