كنوز | المواقف المضحكة لشيخ الملحنين فى ذكرى ميلاده الـ 126

الشيخ زكريا أحمد يلحن ويهدد بالعود
الشيخ زكريا أحمد يلحن ويهدد بالعود

جاء شيخ الملحنين زكريا أحمد للدنيا فى السادس من يناير1896، فمن يا ترى احتفل بذكرى ميلاده غير أفراد أسرته وقدامى عشاقه، ومن أضاء 126 شمعة لشيخ الملحنين الذى أسعدتنا الحانه ومازالت تسعدنا حتى اليوم؟..

و«الأخبار» تحتفل بذكرى ميلاده كالمعتاد من خلال صفحة «كنوز» لما له من قيمة وقامة كبيرة فى الموسيقى العربية، وقد روى لنا الكاتب الراحل الكبير صبرى أبو المجد مشوار حياة شيخ الملحنين فى كتاب بعنوان « زكريا أحمد » نقتبس منه بعض المواقف الطريفة التى تترجم ملامح شخصيته الإنسانية، وجميعها تؤكد أنه كان يتسم بالطيبة ونقاء السريرة، والحذر والوسوسة أحيانا، والكرم الحاتمى.

وفى كثير من الأيام التى كان يعود فيها إلى بيته متأخرا كان يشاهد سيدة تجلس أمامها «مشنة» فجل وكرات وجرجير، ورأسها تترنح وهى تغط فى النعاس، كان يترك لها ما يجود به كرمه فى كل مرة، لكنه ايقظها فى إحدى الليالى وأخذ يستفسر منها عن سبب جلوسها فى الزقاق لوقت متأخر والناس نيام، وعندما علم أنها ترعى أيتاما دفع لها مبلغا كبيرا من المال وحمل « المشنة » على كتفه وأمرها أن تعود لتنام فى بيتها مع أطفالها، الصدمة أصابت زوجته عندما رأت المياه تتساقط من «المشنة» على بذلته «الرندجوت» الفاخرة، وعندما روى لها القصة سألته مندهشة: «لماذا أخذت منها «المشنة»، لماذا لم تتركها لها بعد أن أعطيتها عشرة أضعاف ثمن ما بها ؟» فقال لها: «لو تركت لها « المشنة » ستظل جالسة فى مكانها ولن تعود لأولادها اليتامى!!»..

سألته زوجته: «وماذا سنفعل بكل هذا الجرجير والكرّات والفجل؟ »، قال وهو يخلع ملابسه : «وزعيه على الجيران» ! وفى مساء اليوم التالى قابله جاره وشكره على الجرجير والفجل قائلا : «هو ده من عزبة حضرتك ؟ »، ضحك الشيخ وهو يقول: « أيوه يا سيدى من العزبة اللى أنا زارعها فوق السطوح! »..

ومن نوادر الكرم التى يتسم بها شيخ الملحنين، أنه تعود أن يتعشى عند « كبابجى » بالسيدة زينب، وكان يرافقه فى أغلب الليالى زجال متطفل عليه، وكان الشحاذون يعرفون موعد وصوله فينفحهم بكرمه وينصرفون، وذات ليلة طلب الزجال من الشيخ زكريا أن يأمر الكبابجى بأن يقدم له العشاء على حسابه عندما يكون الشيخ مشغولا فى عمل يمنعه عن الحضور، لكن الشيخ رفض خشية أن ينتهز هذا الزجال المتطفل كرم الشيخ ويدعو آخرين للعشاء على نفقته من باب «الفشخرة»، والغريب أن كلبا عجوزا كان يأتى عند المحل لحظة حضور الشيخ، وقال الكبابجى للشيخ زكريا: « تصدق يا أستاذ، هذا الكلب لا يقترب من المحل ولا يدخله بكل هذه الجرأة إلا عندما تكون موجودًا به، وكأنه يشتم رائحتك»، ضحك الشيخ قائلا: «كلب وفى، قدم له ربع كفتة على حسابى كل يوم حتى ولو لم أكن موجودا»، بهت الزجال المتطفل قائلا : «معقول يا أستاذ، لقد طلبت منك نفس الطلب من قبل ورفضت، أتفضل عليّ الكلب ؟»، فقال الشيخ زكريا: «أنت لك لسان يعبر عن جوعك، أما هو فلا ينطق إلا بالهوهوة، ثم ده كلب عجز وزمان كلاب المنطقة مش مخليينه يتهنى على لقمة، أفهم بقى !».  


كان الشيخ زكريا من أظرف ظرفاء عصره، محبًّا للفكاهة وخبيرًا متمكنًا فى صياغة النكتة والقفشة التى تنم عن حضور قوى، فعندما نقل صديقه اللواء حسن خالد إلى محافظة أسوان مديرًا لأمنها، وجاء قرار الترقية فى شهر يوليو الشديد الحرارة فى تلك المحافظة، بعث له زكريا أحمد ببرقية تهنئة بالمنصب الجديد يقول فيها: «تستاهل أكتر من كده»، الأمر الذى جعل اللواء يحتار من نص البرقية التى لم يعرف إن كان الشيخ يهنئه بالترقية أم يتشفى لنقله إلى أسوان فى عز الحر، ومن «اللزمات» التى كان يرددها الشيخ زكريا دائمًا أنه كان يقول: « كل من أقابل أحد يقول، عليَّ الطلاق، أنا مندهش لأنه لا أحد يقول فى مرة، عليّ الجواز !». 


وذات يوم كان يجلس فى محل «جروبى» مع أصدقائه وطلب فنجانًا من القهوة، وقبل أن يرتشف رشفة واحدة قال: «بسم الله الرحمن الرحيم»، فنظر إليه أحدهم وكان من الذين اغتنوا بعد فقر، وقال له مستنكرًا : «أنت لسه فقى يا شيخ زكريا ؟»، غضب الشيخ وقال: «يعنى علشان ما ربنا سهلك كتير، ها تنسى اللى خلقك ؟!» ثم تربع على الكرسى وبدأ فى تلاوة القرآن الكريم بصوت مرتفع ليثبت لصاحبه أنه «لسه فقى بحق وحقيقى !».


من كتاب «زكريا أحمد» 

اقرأ أيضاً|كنوز الأميرة| ممنوع اقتراب الرجال l سينما «للنساء فقط»