«سوق الكربون».. آلية للتنمية النظيفة

«سوق الكربون».. آلية للتنمية النظيفة
«سوق الكربون».. آلية للتنمية النظيفة

لم تحظَ قضية عالمية بالزخم الذى تحظى به قضية تغير المناخ، مع تزايد مساعى الدول والحكومات لاتخاذ إجراءات وتدابير تهدف إلى الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وتأتى من بينها عملية تداول الكربون التى تُعتبر إحدى الآليات المساعدة للدول للوفاء بالتزاماتها المناخية، مع إمكانية تحقيق عوائد اقتصادية جراء خفض الانبعاثات. وتعد آليات الكربون جزءًا من الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية التى تعدها مصر، حيث يتم بحث البدائل الخاصة بإنشاء نظام وطنى لتداول الكربون، وفق القواعد الجديدة التى حددتها نتائج قمة المناخ الأخيرة بالمملكة المتحدة.


وتهدف تجارة الكربون إلى المساهمة فى الحد تدريجيًا من الانبعاثات وفق عدد من الآليات التى تُمكّن الدول من تداول الكربون فى صورة وحدات  معتمدة. هذه التجارة وآلياتها شهدت تحولات كبيرة خلال السنوات القليلة الماضية، حسبما يوضح الدكتور شريف عبدالرحيم رئيس الإدارة المركزية للتغيرات المناخية بوزارة البيئة، مشيرًا إلى أن أسواق الكربون ظهرت مع إقرار بروتوكول كيوتو المُلحق باتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ، الذى اعتمد عدداً من الآليات التكميلية المرنة لمساعدة الدول المتقدمة للوفاء بالتزاماتها لخفض غازات الاحتباس الحراري.


تابع: إحدى هذه الآليات تسمى آلية التنمية النظيفة، التى تتيح للدول المتقدمة تنفيذ مشروعات لخفض الانبعاثات فى الدول النامية عوضًا عن تنفيذها على أرضها، حيث يتم حساب هذا الخفض فى صورة وحدات خفض انبعاثات، وهو ما بدأناه لدينا منذ عام 2005 بعدد من المشروعات. إلا أن شكل تجارة الكربون تغير بعد اتفاق باريس للمناخ عام 2015، والذى أصبحت جميع دول العالم بموجبه ملزمة بتقديم إسهامات وطنية لخفض الانبعاثات وفق مبدأ المسؤولية المشتركة متباينة الأعباء، وكذا إجراءات التكيف مع آثار التغيرات المناخية.


ويوضح الدكتور وائل فرج مدير عام الإدارة العامة للتخفيف وآلية التنمية النظيفة بوزارة البيئة، أن عملية تداول الكربون فى مصر مرت بأكثر من مرحلة، بدءًا من المرحلة التى أعقبت إقرار بروتوكول كيوتو والتى قمنا خلالها بإنشاء اللجنة الوطنية لآلية التنمية النظيفة، التى أصبحت الآن إحدى المجموعات التابعة للمجلس الوطنى للتغيرات المناخية، والتى تقوم بمراجعة المشروعات المقدمة وإصدار خطابات الموافقة اللازمة لتسجيل المشروعات دوليًا فى إطار الآلية، حيث تم حتى الآن تسجيل عدد 27 مشروعًا فى قطاعات الطاقة المتجددة والنقل المستدام والصناعة وتحسين كفاءة الطاقة والمخلفات.

 

 

أول وأكبر هذه المشروعات تم تنفيذه بشركة أبوقير للأسمدة، لخفض انبعاثات أكسيد النيتروز، الذى يعادل الطن الواحد منه نحو 265 طناً مكافئاً من ثانى أكسيد الكربون.


يضيف: لننتقل إلى مرحلة جديدة بعد إقرار اتفاق باريس الذى ألزم الدول بتحديد مساهماتها الوطنية، حيث حددت المادة السادسة من الاتفاق عدداً من الآليات لخفض الانبعاثات، من بينها آلية لتسجيل المشروعات المعتمدة على إصدار وحدات خفض الانبعاثات، وأخرى لتنظيم عملية تداول هذه الوحدات بين الدول، لتفادى ازدواجية احتساب خفض الانبعاثات بين خفض الكربون المدرج ضمن المساهمات المحددة وطنيًا للدولة، وبين تلك التى يمكن أن يتم تداولها فى صورة وحدات، حيث تم التوافق مؤخرًا فى قمة المناخ التى عقدت بمدينة جلاسكو على القواعد والإجراءات الخاصة بتنظيم تجارة الكربون فى إطار اتفاق باريس.


وتابع: على المستوى الوطنى يتم تقييم الوضع الوطنى لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري، عن طريق حصر القطاعات المتسببة فى الانبعاثات، وتحديد فرص التخفيف والآليات أو الإجراءات الملائمة، التى ستمكننا أيضـاً من المشاركة فى آليات سوق الكربون وفق قواعده الجديدة.

اقرأ ايضا | المفوضية الأوروبية تتبنى مقترحا بشأن إزالة الكربون من الغلاف الجوي