بسبب التطعيم الاجباري

مافيا شهادات كورونا «المزورة» تجتاح فرنسا.. 400 تحقيق وعشرات المعتقلين

تزوير شهادات لقاح كورونا
تزوير شهادات لقاح كورونا

مى السيد
 

تباشر الجهات القضائية فى فرنسا التحقيق فى انتشار جرائم التزوير المتعلقة بالتصاريح الصحية الخاصة بفيروس كورونا، والتى تسمح لحاملها التعامل مع كافة المؤسسات الحكومية، ودخول عدة أماكن يومية كالحانات والمطاعم ودور السينما والمسارح والمستشفيات وقطارات المسافات الطويلة والطائرات، وتمكنت أجهزة الأمن من إحصاء  أكثر من 110 آلاف تصريح مزور، مما مكنها من تحديد أكثر من 800 متورط.

استطاعت الشرطة تقديم 400 قضية حتى الآن إلى القضاء، بجانب 100 متهم تم القبض عليهم، تبين من التحقيقات الأولية أنهم متورطون في توزير تلك الشهادت، منذ أن تم الإقرار بتلك الوثيقة الصيف الماضى، أما باقى الـ 800 شخص، فهم موضوعون ضمن عملية الاشتباه ويمكن القبض عليهم فى أى وقت.


تسلسل زمنى
فى شهر أغسطس الماضى، كانت فرنسا من أوائل الدول على المستوى الأوروبى، التى أعلنت العمل بالتصريح الصحى، والذى أصبح جزءا من الحياة اليومية للسكان، بعد مصادقة المجلس الدستورى عليه، وذلك بهدف السيطرة على انتشار فيروس كورونا السريع داخل المدن الفرنسية، وأدى إلى مئات الآلاف من الإصابات وآلاف الوفيات.


وحذرت الحكومة الفرنسية وقتها جميع الفرنسيين، من عدم حمل الشهادة الصحية، حتى يتاح للجميع العيش بحرية ودخول كافة الأماكن السياحية والترفيهية، وصرح وزير الصحة الفرنسى أوليفييه فيران وقتها، بأن التصريح الصحى إجراء ملزم للجميع وضرورى، من أجل تجنب المزيد من إجراءات حظر التجول والإغلاق التى كان يتم فرضها بين الحين والأخر، بسبب التدهور الصحى فى البلاد.


مظاهرات غاضبة
 ومع بدء تطبيق ذلك الإجراء، ومنع مئات الآلاف من التجول بحرية كما كان في السابق، انفجرت المظاهرات الغاضبة فى شوارع باريس، والمدن المجاورة على مدى أسابيع قدرتها الأجهزة الأمنية فى اليوم الأول فقط بـ 217 تجمعا ضمن حوالى ربع مليون مواطن.
أما خارج باريس فقد سجلت المسيرات الأكبر فى جنوب البلاد، منها مدينة  تولون حيث تظاهر 22 ألف شخص، ومدينة مونبيلييه تظاهر 7500 شخص، وأيضا مدينة نيس تظاهر ستة آلاف شخص، ومدينة مرسيليا  تظاهر ستة آلاف أيضا، وسجلت أيضا مشاركة 4200 شخص فى بوردو، وثلاثة آلاف فى مدينة ليون، و2600 فى مدينة ليل.


ورفع المحتجون لافتات معارضة لذلك النظام منها "حرروا فرنسا" و"احمل تصريحك يا ماكرون وارحل"، منددين بتقييد حرياتهم، موجهين اللوم للحكومة على ذلك الإجراء الذى منعهم من مواصلة حياتهم بدون قيود، معتبرينها ديكتاتورية صحية". 


إصرار حكومى
لم تفلح تلك المظاهرات والإحتجاجات التى تواصلت لما يقرب من 6 أسابيع متتالية، مع إصرار الحكومة على تطبيق ذلك الإجراء المهم، حيث خرج الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون فى خضم الأحداث قائلا: أنه لن يتنازل عن إقرار الشهادة الصحية، مؤكدا أن اللقاح هو أفضل سبيل لإعادة فرنسا إلى مسار الحياة الطبيعية، وأن تلك الشهادات هى السبيل لتحقيق ذلك". 


وشدد ماكرون أنه لن يرضخ لعنف المتظاهرين، والتى وصفها بالمهددة للديمقراطية، وتابع: "أظن أنهم ينشرون الفوضى باستمرار فى سعيهم لوضع وجود النظام الديمقراطى موضع الشك، لكننى لن أستسلم"، مضيفا أن "بضع عشرات الآلاف من المواطنين فقدوا إحساسهم بالواقع وهم يدعون أننا نعيش فى ظل دكتاتورية".


كما قال وزير الصحة الفرنسى ردا على تلك المظاهرات؛ أن فرنسا تشهد مائة ألف إصابة يومية بكوفيد 19، وهذا الإجراء الحكومى يهدف لمنع إغلاق وطنى رابع، وكشف أن من بين كل 10 مصابين منهم 9 غير ملقحين ضد كوفيد، وإذا أراد المواطنون دخول المطاعم والمتاحف والمسارح ودور السينما والمهرجانات والحدائق العامة ومدن الترفيه، والتنقل بين المدن فى القطارات، عليهم الحصول على اللقاح الذى بدوره يعطى الشهادة الصحية.


مافيا الشهادات
مع ذلك الضغط الحكومى، وفى المقابل رفض فئات كبيرة من الشعب تلقى اللقاح، وبالتالى عدم استخراج شهادات صحية، ومع إصرار الحكومة على غلق جميع الأماكن فى وجه غير المحصنين، ظهرت نوع من أنواع المافيا، التى عملت على تلبية احتياجات تلك الفئات الغاضبة، وإعطاءهم الشهادات بدون التلقيح ضد كورونا.


ذلك الأمر دفع الآلاف من المحتجين إلى البحث عن هؤلاء المزورين، لشراء الشهادات أيا كان ثمنها، وفى بداية الأمر سار الموضوع كما يجب أن يكون، ولم تلاحظ الأجهزة الأمنية ولا السلطات الصحية، وجودها على أرض الواقع، إلا بعد اشتباه أحد أفراد التأمين الصحى فى إحدى الشهادات.


ومع بداية اكتشاف الأمر لم يكن فى مخيلة رجال الشرطة أن يكون الوضع بهذا التعقيد، حيث تم إجراء تحقيقات إلكترونية كبيرة، حول إختراق حسابات أطباء وصيادلة، وتبين أن هناك فئات كبيرة جدا، قامت بإستعمالها، بل واكتشف المحققون أنه تم استخدام أساليب متنوعة لعمل تلك التصريحات، منها بيع شهادات التطعيم المزيفة على الإنترنت والإستخدام الإحتيالى لرمز الإستجابة السريعة لطرف ثالث.
ومع بدء اكتشاف آلاف الشهادات المزورة، دخل التأمين الصحى على الخط لمساعدة الأجهزة الأمنية فى اكتشاف الأساليب والطرق المستخدمة، من خلال تحديد حالات التزوير عبر تقنيات التحليل الإحصائى فى قاعدة بيانات متابعة التطعيم، ويقوم بتحليل البيانات عن طريق استعمال الذكاء الإصطناعى.


وفي خلال أيام تمكنت الداخلية الفرنسية من جمع خيوط كبيرة خاصة بمزورين، وتمكنت من توقيف شبكات كاملة تتاجر فى تلك الشهادات، منهم زوجان شاركا فى بيع الشهادات، كما قبض المحققون على رجل إطفاء وإختصاصى فى العلاج الطبيعي، من مونبلييه عاصمة هيرولت، سيحاكمان فى فبراير، لتوفيرهما شهادات وإجراء 123 فحصا سريعا سلبيا مزورا لحوالى ثلاثين من أقاربهما.


وتبين من التحقيقات أنهم حصلوا على الشهادات المزورة من الموقع الإلكترونى المخصص لإدارة شهادات الفحوص التابع لجهاز الإطفاء والإنقاذ، حيث تم استخدام تلك الشهادات من قبل المستخدمين فى رحلات الترفيه والأنشطة.


وفي منطقة باريس، أوقف طبيب يُشتبه فى أنه باع ما لا يقل عن 220 شهادة صحية مزورة مقابل ألف يورو لكل شهادة، وفق بيان النيابة العامة فى مدينة كريتاى.


وكشفت أجهزة الأمن أن المتورطين تمكنوا من جمع تعريفات خاصة بصيادلة من الموقع الإلكترونى للنقابة الوطنية للصيادلة، وباعوا ما يقرب من 10 آلاف تصريح مزيف، محققين أرباحا تخطت الـ 2 مليون يورو، كما أحصى التأمين الصحي 41 ألف تصريح مزور ، من خلال العمل المستمر.


ذلك الأمر جعل وزير الداخلية الفرنسى يعلن نتائج التحقيقات أولا بأول على عامة الشعب الفرنسى، حيث قال فى أخر إحصائية؛ أنه تم توقيف 100 شخص حتى الآن فى إطار 400 تحقيق جار لمعرفة كافة المتورطين في الأمر، كما تم رفع دعاوى قضائية ضد 800 شخص.
وقالت وسائل الإعلام الفرنسية؛ أن وزارة الداخلية تمكنت من اكتشاف ما يقرب من 110 آلاف تصريح صحى مزور فى فرنسا منذ إقرار استعمال هذه الوثيقة فى الصيف، أما قائد الشرطة المتخصصة فى التحقيقات السيبرانية فأكد أن هناك زيادة حادة فى تلك الظاهرة على شبكات التواصل الإجتماعى.


ووصفت الشرطة الوضع بالمعقد كون المحتالون يقومون بتغيير كلمات المرور الخاصة بالمختصيين فى الرعاية الصحية عن بعد وينشأون تصاريح بأسمائهم، ثم يبيعونها بعد ذلك، مؤكدا أن هذه الشبكات شبيهة بـ" الجريمة المنظمة مع وجود مرشدين ومتواطئين وتجار ومجرمين يستغلون إرادة البعض بعدم التلقيح".


ويعاقب القانون الفرنسي من يستعمل مستند مزور بعقوبة تصل إلى 3 سنوات سجنا وغرامة 45 ألف يورور، ويمكن أن تصل إلى حد المنع من مزاولة المهنة بالنسبة للمتهمين من قطاع الرعاية الصحية.