رعب صينى من أقمار «ماسك» .. مشروعه يستهدف إتاحة الإنترنت المجانى للعالم

ماسك يهدد الصين
ماسك يهدد الصين

خالد حمزة

منذ أيام نشرت صحيفة الديلى تلجراف البريطانية، تقريرا بعنوان إيلون ماسك الملياردير الأشهر فى العالم، متهم بشن حرب فى الفضاء، بعدما اقتربت أقمار ستارلينك الصناعية التى أطلقها، لتوفير الإنترنت عبر إشارات فضائية من الاصطدام بمحطة الفضاء الصينية.

التهديد حدث مرتين خلال العام الماضى، وهو ما دفع الصين لتوجيه شكوى لوكالة الفضاء الدولية، لأن طاقم محطة الفضاء، اضطر للقيام بمناورات عنيفة فى الفضاء لمنع الاصطدام، حسب البروتوكولات المعروفة دوليا.

ويتعارض مشروع ستارلينك مع المصالح الصينية، حيث يسعى لتغطية الكرة الأرضية بآلاف الأقمار الصناعية الصغيرة، التى توفر الإنترنت فى مختلف أنحاء العالم، بينما تحجب الصين الكثير من الأنشطة على الشبكة الدولية.

ووصفت الصين ما حدث بأنه حرب من نوع جديد مكانها فى الفضاء الخارجى، وساحة جديدة من الحرب المعلنة وغير المعلنة بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية، حتى وإن كانت وراء ستار بعض الشركات الخاصة مثل شركة إيلون ماسك، الذى يمارس عمله بموافقة الحكومة الأمريكية، وبأن مشروع ستارلينك، هو مشروع مارق بالدرجة الأولى.

وحتى الآن، أطلقت شركة سبيس إكس، التى يملكها إيلون ماسك أغنى رجل بالعالم، حسب تصنيف مجلة فوربس الأمريكية بأغنى أغنياء العالم، 1900 قمر صناعى لخدمة مشروع ستارلينك، وكانت قد أعلنت أنها ستوفر له 12 ألف قمر صناعى، لتوفير الإنترنت منخفض التكلفة أو المجانى كهدف نهائى، ودون أى رقابة، أى أن المستهدف هو تسلل الإنترنت لكل العالم فى نهاية المطاف، بينما تقول الصين إن الأقمار الصناعية لماسك، يمكن استخدامها للتنصت على الأنشطة الفضائية الصينية وتتبعها، والأخطر اختراق خصوصيتها كدولة وشعب.

ولم تكتفِ بذلك، بل ألقت وزارة الخارجية الصينية باللوم على الولايات المتحدة، لفشلها فى القيام بأنشطتها الفضائية بطريقة مسئولة، وتقدمت بشكوى رسمية إلى الأمم المتحدة، اتهمت فيها واشنطن بتجاهل التزاماتها، بموجب معاهدة حماية سلامة طاقم محطة تيـــانجـــونــج الصينيـــــة الفضائيــــة، وبالفشــــل فى تنفيذ التزاماتها لحماية سلامة رواد الفضاء، بموجب معاهدة عام 1967 الخاصة بالاستخدام السلمى للفضاء، وإنه يجب على الجانب الأمريكى اتخاذ الإجراءات الفورية، لمنع تكرار تلك الممارسات والفوضى، وحماية أرواح الأشخاص الذين يجولون فى المدار المحيط بالأرض.. القلق المتزايد من الصين، يقابله قلق مماثل من عدة دول بالعالم، خاصة تلك التى تمتلك أقمارا صناعية، أو لها طموحات فى إرسال الأقمار المأهولة للفضاء، خاصة منذ أن قامت الشركة، بعرض المسارات الأولية التى ستتخذها أقمار ماسك، التى قد تشوه منظر السماء أو ما يسمى بالأفق، وقد تحد من القدرة على استكشاف الفضاء الخارجى بصورة منظمة وعادلة، بسبب التشويش الصادر عنها، الذى يؤثر فى صور التلسكوبات التى ترصد الأجسام القريبة من الأفق، وتؤدى بالنهاية لفوضى فضائية، يصعب السيطرة عليها مستقبلا.

ومشروع ماسك تم تأسيسه على إطلاق 12 ألف قمر صناعى توضع فى مدارين، الأول يضم 4425 قمراً على ارتفاع 1200 كم، والثانى يضم 7518 قمراً على ارتفاع 340 كم، وبهدف أن يتم التواصل بين الأقمار فى المدارين، وبين كوكب الأرض بسرعة أكبر من السرعات الحالية التى يعرفها العالم، وتكمن المشكلة حاليًاً، فى أن خدمات الإنترنت الفضائى ليست متاحة فى كل الدول، أو أن بعض الدول لا تسمح بها لأسباب مختلفة اتقنية أو سياسيةب، كما أن تكلفة الحصول على الخدمة الآن، أعلى من خدمة الإنترنت الأرضى، بجانب أن أغلب الشركات المقدمة لخدمة الإنترنت الفضائى حاليا، تقدم سرعات تعد الأعلى فيها، أقل بكثير من السرعات المقدمة عبر الإنترنت الأرضى، وهذا ما يلعب عليه إيلون ماسك، بتقليل السعر إلى الحد الأدنى، ورفع السرعات بما قد يتعدى سرعة الإنترنت الأرضى نفسه، وقد يأتى يوم تقدم فيه هذه الخدمة بالمجان، كما أنه من غير المعروف حتى الآن، ما هى التكنولوجيا اللازم توافرها لدى الأفراد لاستقبال هذه الخدمة، وهل ستكون مجانية، أم سيُدفع فى مقابلها أية رسوم، وأين ستقف حدود وسلطات الدول؟ وهى ترى هذه الحرية فى الوصول إلى المعلومات متاحة لمواطنيها، دون رقيب أو حسيب.

السباق بدأ منذ عقدين من الزمن، حينما بدأ تأسيس شركة ماسك، وقال وقتها إن وجهته النهائية هى كوكب المريخ، وإنهاء سيطرة الشركات العملاقة الأمريكية مثل: لوكهيد وبوينج العاملة فى مجال تصنيع الطائرات وسفن الفضاء، بصواريخ أقل تكلفة وقابلة للاستخدام عدة مرات، وليس تفجيرها بمجرد عودتها للأرض، وكان تحالف لوكهيد وبوينج الذى تأسس عام 2006، هو الذى يقود تلك العمليات، وبتكلفة وصلت لنحو 200 مليون دولار للعملية الواحدة، انخفضت مع شركة ماسك لنحو 70 مليونا فقط.

وبالمقابل، فان مخاوف الصين من أقمار ماسك قد يكون لها ما يبررها، فهى تحظر على مواطنيها، استخدام مواقع الإنترنت الدولية كجوجل ويوتيوب ومواقع التواصل الاجتماعى كفيس بوك وتويتر، ومعظم الصينيين قد لا يعلمون عن هذه المواقع شيئا، فهى ممنوعة قانونا، ويبرر المسئولون الصينيون ذلك، بأن الصين تخاف من العولمة، وتحافظ على هويتها الثقافية، التى تعتز بها منذ آلاف السنين، ولذلك كانت سباقة فى الدخول لعالم الإنترنت، ففى عام 1987 تحديدا، أرسلت أول رسالة إلكترونية لها إلى الخارج، وكان نص الرسالة (من وراء سور الصين العظيم يمكننا الوصول إلى أى ركن فى العالم)، ثم تبنت استخدام الإنترنت رسميا بتشغيل خط إنترنت مرتبط بالشبكة الدولية، وأصبحت الدولة رقم 77 فى العالم التى تتمتع باستخدام الإنترنت بمختلف مجالاته، ومن بين الخطوات المهمة التى تشير إلى تطور شبكة الإنترنت الصينية، تسجيل شركة تشاينا دوت كوم للإنترنت وهى تابعة للدولة فى بورصة ناسداك الأمريكية عام 1998، وتسجيل موقع على بابا الشهير للتجارة الإلكترونية فى البورصة الأمريكية، وتعد أسهمه من بين أقوى الأسهم فى الأسواق الأمريكية والعالمية، كما أصبح للصين عالم الإنترنت الخاص بها، وأبرز معالمه: موقع بايدو وهو جوجل الصين، وتم الإعلان عنه عام 2000، ويعدُّ اليوم الخامس عالميا والأول بالصين من حيث الانتشار، حسب تصنيف الأسكا العالمية للمواقع.

ايوكوب هوالموقع العملاق الأول فى الصين لمشاركة مقاطع الفيديو، ويعتبر شبيها بموقع يوتيوب، ويعتبر ارن رنب هو فيس بوك الصين، فهو الموقع الأول للتواصل الاجتماعى فى البلاد، وأُنشئ فى عام 2005، أما سينا ويبو فهو تويتر الصين، ووى شين هو تطبيق مجانى لهواتف الأندرويد فى الصين، وهو واتساب الصينى، ويبلغ عدد مستخدميه أكثر من 300 مليون مستخدم، ولم تكتفِ الصين بذلك، بل أطلقت محطة الفضاء المأهولة تيانجونج فى أبريل الماضى، للتنافس مع أقمار ماسك، ومنعه من احتكار الفضاء، ويحكم ذلك كله، خطوط سبعة حمراء، تم التوافق عليها فى قمة الإنترنت الصينية التى عُقدت فى 2013 فى جونجو عاصمة إقليم خونان، وهذه الخطوط هى القانون والاشتراكية والنظام السياسى ومصلحة الدولة وحقوق الآخرين والأنظمة الاجتماعية والأخلاق وصحة المعلومات، كما لا تسمح الهيئة المنظمة لألعاب الفيديو فى الصين للاعبين الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما، باللعب عبر الإنترنت إلا لمدة ساعة واحدة فى أيام الجمعة، وعطلات نهاية الأسبوع والإجازات.. وهناك قلق دائم لدى مستخدمى الإنترنت فى الصين، مع عزم السلطات إغلاق الفجوات التى يستعينون بها، للنفاذ مما يشبه السور الإلكترونى العظيم، التى كانت تمكنهم من الوصول إلى المواقع المحظورة بالبلاد، حيث يستخدم عشرات الملايين فى الصين شبكات خاصة لمنع الحجب، للتغلب على الحظر المفروض على مواقع شهيرة مثل افيسبوك وتويترب.