تعليق النقاد علي اعتزال المخرج داود عبد السيد

اعتزال المخرج داود عبد السيد
اعتزال المخرج داود عبد السيد

آية محمد عبد المقصود

يبدو أن قرار المخرج الكبير داود عبد السيد بالاعتزال بعد7 سنوات من الغياب عن الساحة الفنية، كان صادما لعدد كبير من محبي الأستاذ، سواء داخل الوسط الفني أو في أوساط الجمهور، بل أن البعض وصفها بالخسارة الفادحة للسينما المصرية، وبالأمر الكارثي..أخبار النجومألتقت بعدد من النقاد للتعرف منهم على أسباب ذلك القرار، وعن إمكانية وجود حل لتلك الأزمة.. إليكم ما قاله النقاد.

فى البداية يرى الناقد عصام زكريا أن صناعة السينما حاليا مكتفية بما لديها، ولن يفرق معها أن مخرج كبير مثل داود عبد السيد يعلن اعتزاله الإخراج، حتى ولو كانت تلك خسارة كبيرة لفن السينما، ويضيف زكريا: “يوميا تتعرض السينما لخسائر بتجاهل مشاريع فنية ذات قيمة لصالح أعمال تجارية، وهو ما تكرر مع داود، الذي لازال يملك مشاريع سينمائية هامة، لكن لم ينظر أحد لها”،  ويرى زكريا أن أسباب إهتمام المنتجين حاليا بالأعمال التجارية غير الفنية سببه: “النجاح يجبر المنتج على تكرار التجربة التجارية، وهو ما يصنع التشابه في الأعمال المقدمة، لكن في الدول التي تملك صناعة سينما متقدمة يوجد لديها تنوع في الأفلام المعروضة لارضاء كل الأذواق،خاصة أن السينما تصنع المفاجآت، فكثير من الأعمال التي توقع لها الفشل حققت نجاحات كبيرة، والأمر فقط يحتاج للتجربة،وذوق الجمهور ليس ثابت،بل متغير طوال الوقت، كما أن الأفلام حاليا لا تصنع فقط لدور العرض، لكن أصبح هناك منافذ أخرى للعرض مثل المنصات”. 

وفي عودة لقرار داود بالاعتزال يعلق زكريا:”قرار محزن، لأنه مخرج اجتمع الجمهور والنقاد أنه أحد أهم المخرجين، والآن ليس لديه فرصة للتواجد والعمل،وهو ليس وحده في ذلك،بل يوجد فنانين ومخرجين  كبار آخرين، وهذا بسبب عدم استيعاب الصناعة لهؤلاء الفنانين الكبار، لذلك لابد من توفر حلول”. 

وعن أهم أفلام داود يقول زكريا: “كل أفلام داود مهمة،لكن أكثرها قربا إلى قلبي (الكيت كات، البحث عن سيد مرزوق، أرض الخوف، ورسائل البحر)”. 

ويقول الناقد رامي عبد الرازق: “لا يوجد صناعة سينمائية حاليا، وما يحدث مؤخرا هو أمر عشوائي ومفكك ومرتجل وليس له ضوابط ولاقواعد ولا خطوط عريضة،وهذا الوضع موجود منذ 10 سنوات، ورغم أن مصطلح صناعة هو أمر توراثناه منذ عقود للتعبير عن السينما في مصر، لكن الآن الأمر أصبح خارج نطاق الإحتراف، حيث أننا نعيش بمنطق (خبطة لفوق مرة وصدمة لتحت مرة)، وهذه العشوائية التي أقصدها، فإرتفاع أسماء واعتزال أخرى كل هذا يتم بشكل فردي، وليس له ضوابط للنجاح أو الفشل، وليس هناك تيار أو موجةأواتجاه أو مشروع محدد، ورغم وجود تقنيات متطورة لكن لا يوجد فن، ويوجد محاولات لكن النتائج ضحلة وغير مرضية، ووسط هذا المشهد (الكابوسي) و(العبثي)، يعلنالمخرج الكبير داود عبد السيد اعتزاله، والأستاذ علي بدرخان ليس له وجود على الساحة الفنية،وأعتقد أن شعور داود بأنه أصبح خارج المعادلة،وأن المسألة ليست مفهومة، وكأنها شفرة ليس لها من حل، هو ما دفعه لهذا القرار”. 

وعن أهم أعمال داوود عبد السيد يقول عبد الرازق: “على رأسهم (الكيت كات)، وهذا الفيلم نموذج يدرس لعملية الاقتباس من الآدب، وأيضا (أرض الخوف) وهو أيضا نموذج يدرس عن كيف تكتب فيلما بروح الآدب”.

الناقد أندرو محسن بدأ حديثه بالقول:”نشعر باشتياق لأفلام داود  قب إعلان إعتزاله، فهو غائب بالفعل منذ 6 سنوات، وبالتأكيد اختفاء اسم داود عبد السيد خسارة كبيرة، لأننا حاليا في حاجة كبيرة لأصحاب المواهب الحقيقة، والأمر لا يتوقف على جيل الكبار فقط، فالجيل الجديد من المخرجين يعاني أيضا من غيابات، مثل غياب المخرجة هالة خليل،ولحل تلك المشكلة فالأمر سهل وممكن، فهولاء المخرجين يبحثون عن صناديق لدعم أعمالهم،وهو أمر سهل توفيره من جهات الإنتاج في مصر، والحل الثانيأن تتجه الدولةإلى الإنتاج، وهذا ما يحدث في أغلب دول العالم، فكثير من المخرجين الكبار أو المهتمين بتقديم أعمال سينمائية غير تجاريةيحصلون على دعم من الدول التابعين لها، وهذا ما نفتقده في مصر، كما أن الأسباب التي صرح بها المخرج داوود عبد السيد ليست إنتاجية فقط، لكن أمور عديدة، وأعتقد بإختفائها فلن يمانع في العودة مجددا”. 

وعن أهم أفلام داود يقول أندرو: “رغم قلة أفلامه لكنها تعد من الروائع، وأحبها إلى قلبي هو (الكيت كات) و(رسائل البحر)، و(الكيت كات) بالتحديد له مكانة خاصة، لدرجة أن مهرجان القاهرة السينمائي أحتفى بمرور 30 سنة على عرضه في الدورة الأخيرة”.

ويقول الناقد أحمد سعد الدين: “اعتزال المخرج الكبير داود عبد السيد ليس له تأثير على الصناعة كإيرادات، لكنه يؤثر عليها كقيمة، فكان هناك عدد من المخرجين مثل داوود عبد السيد ومحمد خان وعاطف الطيب وخيري بشارة، وهؤلاء القامات قدموا أروع الأفلام الإجتماعية والواقعية في الثمانينات والتسعينيات، لكن مع دخول الألفية ظهرت موجات كوميدية،لكن لاظيوجد فيلم واحد نعيش معه قصة واقعية حقيقية، ولا نظرة فلسفية للحياة مثلما شاهدنا في أعمال داود الملقب بـ(فيلسوف السينما)،لكن المشكلة هنا أن أفلام داوود لا تستطيع المنافسة تجاريا أمما الأفلام الكوميدية، لكن بالتأكيد قيمتها الفنية أكبر من الإيرادات،لكن في النهاية المنتج يبحث عن مخرج شاب وقصة بسيطة للتسلية، ولا يبحث عن النجوم الكبار، ومن هنا تأثر جيل داود عبد السيد، ويكفيأن خلال العشرين عام الماضيين كان رصيد أفلام داوود 4أفلام فقط، لذلك لابد أن يمر داود بحالة من الاحباط،خاصة أنه لا يوجد منتج واحدمغامر قادر على الإنتاج له، ومن هنا نطرح سؤال مهم: (هل هذا يؤثر على سوق السينما؟)،الإجابة: بالطبع يؤثر، والدليل على ذلك إنني كنت واحد من لجنة اختيار الأفلام لـ(الأوسكار) لهذا العام،وعرض على اللجنة 22 فيلم لا يوجد واحدا فيهم يصلح لتمثيل مصر، لأن مستوى الأفلام المقدمة لا يليق.. وفي النهاية أتمنى أن يتراجع داود عن قراره،رغم أن المشكلة ليست فيه،بل في سوق السينما نفسها”.

وأضاف سعد الدين،أن الحل لهذه الأزمة موجود منذ12سنة، وهي جائزة وزارة الثقافة لدعم السينما، والتي كانت تقدربـ20 مليون جنيه،توزع على 4أفلام سينمائية، وفاز بها سابقا داود، وأنتج حينها فيلم “رسائل البحر”، كما أنتج المخرج مجديأحمد علي بنفس الجائزة فيلمه “عصافير النيل”، ويضيف سعد الدين: “السؤال هنا لماذا ألغيت هذه الجائزة؟،وهذه الجوائز تمنح للسيناريوهات الأفضل وكانت فرصة للمخرجين الكبار لصناعة أفلام تليق بهم بدلا من الوقوع تحت أيادي المنتجين التجاريين، وأعتقد أن هذا حل جيد لعودة المخرجين والأعمال الهامة للساحة مرة أخرى”. 

وعن أهم أفلام داوود يقول سعد الدين: “على مدار 40 عاما أخرج داود 9 أفلام روائية طويلة،أفضلهم وأشهرهم تجاريا (الكيت كات)،لكن فنيا أفضلهم (أرض الخوف) و(رسائل البحر)”.