حجر الأساس

محمد سعيد
محمد سعيد

فى عصور ما قبل التاريخ.. ابتكر ملوك إحدى الحضارات تقليد وضع «حجر الأساس» لتوثيق مشروعاتهم التنموية.. هذا ما كشفت عنه وثيقة موجودة فى المتحف الألمانى عبارة عن صفيحة معدنية.. تلك الوثيقة تحدثت نقوشها التى جاءت بأحرف اللغة المسمارية عن سيرة الملوك الآشوريين الذين دأبوا على إرساء ذلك التقليد فى مشاريعهم العمرانية.

فى العصور الحديثة.. عاصرنا ومن سبقونا وضع مئات الآلاف.. إن لم تكن الملايين من أحجار الأساس لمشروعات وصفت - وقتها - بالقومية.. إلا أن أغلب تلك المشروعات لم نسمع عنها بعد ذلك ولم يتبق منها إلا «حجر الأساس».. الصورة التى تكرست فى الأذهان لسنوات طويلة عن ذلك «الحجر» أكسبته سمعة سيئة.. فقد كان المفهوم السائد هو «لقطة» وضع «الحجر».. تلك السمعة تناولتها العديد من الأعمال الدرامية وأخرجتها فى قالب كوميدى يعكس المفهوم السائد فى المجتمع عن «الحجر».

فى العصر الحالى.. أصبحنا نعيش واقعا مختلفا عما عهدناه فى حقب ماضية.. يد العمران والبناء أصبحت تمتد أطرافها بامتداد حدود القطر المصرى.. تعمل فى صمت.. تواصل الليل بالنهار كأنها فى سباق مع الزمن.. تجاوزت الدولة فكرة «حجر الأساس» لنفاجأ بين الحين والآخر بالمشروع نفسه وقد دخل الخدمة أو بدأ الإنتاج.