نقلة كبرى للنهوض بالحقوق والحريات السياسية

مصر بكرة أد التحدي| الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان ركيزة الجمهورية الجديدة

الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال حديثه فى جلسة نقاشية «حقوق الإنسان الحاضر والمستقبل»
الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال حديثه فى جلسة نقاشية «حقوق الإنسان الحاضر والمستقبل»

مصر تواجه أى مغالطات خارجية فى ملف حقوق الإنسان بكل حسم

تعزيز الحريات وحقوق الإنسان عملية تراكمية

سيادة القانون والشفافية والمواطنة مبادئ أساسية

بخطى ثابتة استطاعت مصر فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى أن تحقق نقلة نوعية كبرى فى النهوض بأوضاع حقوق الإنسان والحريات الأساسية، تُوجت هذه النجاحات بإطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان فى شهر سبتمبر الماضي، والتى نالت العديد من الإشادات الدولية والإقليمية والعربية، مما يجعل عام ٢٠٢١ المنصرم عام حقوق الإنسان فى مصر بامتياز، كسِمَة أساسية من السمات البرّاقة للجمهورية الجديدة التى أسسها الرئيس السيسى بكل حكمة وكفاءة واقتدار.

الرئيس عبدالفتاح السيسى يطلق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان

وتسعى مؤسسات الدولة المصرية إلى ترجمة ما نص عليه الدستور المصرى على نطاق واسع من الحقوق والحريات إلى تشريعات وبرامج واستراتيجيات، وبما يسهم فى الارتقاء بحياة المواطنين، كما تؤكد مصر احترامها لالتزاماتها الدولية والإقليمية بموجب الاتفاقيات التى تعد طرفاً فيها، وتسعى دوماً لتنفيذها والامتثال إليها، وتسعى مصر أيضاً إلى تطوير مستوى تعاونها القائم بالفعل مع الآليات الدولية والإقليمية المعنية بموضوعات حقوق الإنسان، وقد شاركت مصر فى جهود تطوير الآليات الدولية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة بما فيها مجلس حقوق الإنسان الذى شغلت عضويته مرتين، وتم انتخاب العديد من الخبراء المصريين فى عضوية هيئات معاهدات حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، كما ساهمت مصر بشكل فعّال فى الجهود المبذولة فى إطار الاتحاد الأفريقى ومنظمة التعاون الإسلامى وجامعة الدول العربية، لتطوير الآليات الإقليمية ذات الصلة.

خطوات مهمة
لقد استطاعت مصر أن تحقق خلال السنوات الماضية خطوات مهمة على صعيد تعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية على المستويات التشريعية والتنفيذية والمؤسسية، بيد أنه من المؤكد أن تعزيز حماية حقوق الإنسان عملية مستمرة وتراكمية الأثر، وتظهر نتائجها بشكل متدرج، ومهما بُذل من جهد أو تحقق من إنجاز فى هذا المجال، تظل دائماً هناك تحديات تستلزم مواصلة العمل من أجل التغلب عليها لضمان تمتع الجميع بحقوقهم التى كفلها لهم الدستور والقوانين الوطنية.

وتُعد الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان خير دليل على السعى الجاد نحو مواجهة أى تحديات تحول دون التمتع بحقوق الإنسان وكذلك دليل على توافر الإرادة السياسية لإعطاء دفعة قوية للجهود الوطنية فى هذا الشأن، فهى نتاج لجهد وطنى بمبادرة مصرية خالصة تهدف إلى الارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان للمواطن المصرى بمفهومها الشامل وكجزء من بناء الدولة المصرية الحديثة التى ينعم فيها كافة المواطنين بحقوقهم التى كفَّلها لهم الدستور والقوانين المصرية، واتساقاً مع التزامات مصر الدولية بموجب القانون الدولى لحقوق الإنسان.

اقرأ أيضاً | تعرف علي أشهر الأحداث الأثرية التي خلدت ذكرى الأجداد في عام 2021

وتُعد الاستراتيجية الوطنية الأولى من نوعها، وتعتمد مقاربة شاملة ومتكاملة لتعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية من خلال رؤية وتوجهات استراتيجية واضحة، إذ تبنى على التقدم الفعلى المحرز وتأخذ بعين الاعتبار عند تحديد نتائجها المستهدفة ما يفرضه السياق الوطنى من فرص وتحديات، بحيث تمثل خريطة طريق وطنية للنهوض بأوضاع حقوق الإنسان، وأداة مهمة للتطوير الذاتى فى هذا المجال .. وتم تحديد إطار زمنى لتنفيذ الاستراتيجية، بحيث تبدأ عملية تنفيذها منذ إطلاقها سبتمبر الماضى وتستمر لمدة خمس سنوات تنتهى فى سبتمبر ٢٠٢٦ .. وتشتمل الاستراتيجية على ٤ محاور عمل رئيسية تتكامل مع بعضها البعض، وتتمثل فى: الحقوق المدنية والسياسية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وحقوق الإنسان للمرأة والطفل والأشخاص ذوى الإعاقة والشباب وكبار السن، والتثقيف وبناء القدرات فى مجال حقوق الإنسان.

مبادئ الاستراتيجية
وتستند الاستراتيجية الوطنية إلى مجموعة من المبادئ وعلى رأسها أن حقوق الإنسان متأصلة فى الكرامة الإنسانية، وهى عالمية، مترابطة ومتشابكة وغير قابلة للتجزئة إذ يعزز كل منها الآخر ، كما تشير أيضاً إلى عدم التمييز، وكفالة حقوق الإنسان فى إطار من المساواة، وتكافؤ الفرص، واحترام مبدأ المواطنة.
كما ترتكز الاستراتيجية إلى إن سيادة القانون أساس الحكم فى الدولة، واستقلال القضاء، وحصانته، وحيدته ضمانات أساسية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية والديمقراطية وحقوق الإنسان مترابطان، ويعزز كل منهما الآخر، كما تستند كذلك إلى تعزيز الحكم الرشيد، ومكافحة الفساد، وإرساء قيم النزاهة والشفافية لضمان التمتع بحقوق الإنسان والحريات الأساسية وأن الحق فى التنمية حق من حقوق الإنسان، وبموجبه يحق لكل إنسان ولجميع الشعوب المشاركة والإسهام فى تحقيق التنمية الشاملة، والتمتع بعوائد هذه التنمية.

كما ترتكز الاستراتيجية أيضاً إلى ضرورة وفاء كافة الأفراد فى المجتمع بواجباتهم ومسئولياتهم تجاه احترام حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية ، بالإضافة إلى أن الحقوق والحريات اللصيقة بالإنسان لا تقبل تعطيلًا ولا انتقاصًا، ولا يجوز لأى قانون ينظم ممارسة الحقوق والحريات أن يقيدها بما يمس أصلها وجوهرها. ولا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة الحقوق والحريات إلا تلك التى ينص عليها القانون وتشكل تدابير ضرورية لحماية الأمن القومي، أو السلامة العامة، أو النظام العام، أو الصحة العامة، أو الآداب العامة، أو لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم.

عمل تشاورى
وتعد الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان أحد الأساسات الرئيسية لترسيخ قواعد الجمهورية الجديدة تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي، وجاءت هذه الاستراتيجية كنتاج عمل تشاورى واسع النطاق مع المكونات الوطنية المختلفة للمشهد الحقوقى المصرى بما فى ذلك المؤسسات الرسمية الحكومية والمجتمع المدنى الوطنى والمجلس القومى لحقوق الإنسان باعتباره المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، وأدت عملية التشاور هذه إلى إعداد الاستراتيجية بشكلها الحالى وبنتائجها المستهدفة الطموحة للغاية.

المجتمع المدنى
وينظر المجتمع الدولى والمجتمع المدنى المحلى إلى استراتيجية حقوق الإنسان، بكثير من الانبهار والإعجاب لما تمكنت مصر من تحقيقه من خلال المبادرة الرئاسية «حياة كريمة»، والتى تهدف إلى تحسين الأحوال المعيشية لحوالى 60 مليون مواطن فى قرى الريف المصرى حيث إن المشاريع التى تم ويتم تنفيذها تحت مظلتها لها أثر إيجابى مباشر على تعزيز حقوق الإنسان المصرى بمفهومها الشامل، خاصة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بما ذلك الحق فى السكن اللائق والحق فى الصحة والحق فى العمل وغيرها، ومن اللافت أن الكثير من مشاريع «حياة كريمة» يتم تنفيذها عبر شراكات مع المجتمع المدنى بمفهومه الواسع، مما يعزز بدوره دور المجتمع المدنى المكمل لدور الدولة الرئيسى فى دفع عجلة التنمية.

منظومة متكاملة
وتمثل حقوق الإنسان منظومة متكاملة غير قابلة للتجزئة، أى أن حقوق الإنسان يجب أن يتم تناولها بمنظور متسع ولا يتم ذلك إلا بالأخذ بها بمفهومها الشامل الذى يضم فى طياته الحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ومع الأسف تقوم بعض الجهات فى الخارج بتناول الجانب السياسى والمدنى فقط لحقوق الإنسان فى مصر مستندين فى ذلك إلى مصادر إما مجهلة أو مسيسة فاقدة لعنصر الحياد والموضوعية، وتغفل ما تحقق على هذا الصعيد من خطوات إيجابية إلى جانب غضّ الطرف عن جهود الدولة التنموية التى كانت ولازالت لها أثر إيجابى بالغ على تعزيز حقوق الإنسان بمفهومها الشامل .. وتعود تلك الانتقائية فى التناول إلى عدم صدق النوايا والأجندات السياسية التى تسعى لدعمها هذه الجهات من خلال الاستغلال السلبى للتحديات التى تواجهها مصر فى مجال حقوق الإنسان.

ضمانات وطنية
وبالنسبة للتعامل مع مثل هذه الانتقادات فى ضوء تعليق بعض القوى الغربية مؤخراً على أحكام القضاء المصري، ففى البداية يجب التنويه أن الدستور والقانون يضمنان حق كل متهم فى المحاكمة العادلة وتتماشى هذه الضمانات الوطنية مع المعايير الدولية التى أرساها قواعد القانون الدولى لحقوق الإنسان فى هذا الصدد، ولذلك لا يجوز التدخل فى أعمال السلطة القضائية بما فى ذلك سير المحاكمات والتى تتسم بالعدالة والشفافية ومراعاة كافة ضمانات المحاكمة العادلة، وتقوم وزارة الخارجية بدورها بالرد على ما قد يصدر عن دولة أو أخرى من تناول غير موضوعى لحالة حقوق الإنسان فى مصر، وتلعب اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان باعتبارها الجهة الوطنية التنفيذية المختصة بحقوق الإنسان دوراً تنسيقياً وداعماً لوزارة الخارجية فى هذا الصدد.

تحديات متفاوتة
وفى الختام، يبقى القول إنه لا يوجد دولة فى العالم وصلت إلى الكمال فى ملف حقوق الإنسان، وتواجه جميع دول العالم بلا استثناء تحديات متفاوتة فى مجال حقوق الإنسان وذلك وفقاً لما تشهده كل دولة على حدة من ظروف وتحديات لها خصوصيتها النابعة من الأوضاع الاجتماعية والثقافية والسياسية وحتى الاقتصادية، ولذلك من الخطأ الاعتقاد بأن أى دولة قد وصلت إلى الكمال فى مساعيها لحفظ وتعزيز حقوق وحريات مواطنيها، ومن العبث أن تعتقد أى دولة أنها تمتلك السلطة الأخلاقية لتقييم أداء الدول الأخرى فى مجال حقوق الإنسان من منطلق كمال معالجتها هى لأوضاعها الحقوقية بالداخل.