الأمين المساعد للجامعة العربية: الوضع في ليبيا معقد.. والانتخابات النزيهة بداية الحل |حوار

السفير حسام زكي خلال حواره مع «الأخبار»
السفير حسام زكي خلال حواره مع «الأخبار»

سعداء بدورنا في إنهاء مشكلة لبنان حتى ولو كان متواضعًا

موقف بايدن من القضية الفلسطينية ليس على المستوى المأمول

سلوك إيران فى المنطقة العربية لا يقل خطورة عن برنامجها النووى 

(لا ينبئك مثل خبير) فما بالك إذا كان الوضع العربى كل اهتماماته وهذا ما دفعنا إلى السعى لحوار الأمين العام المساعد للجامعة العربية السفير حسام زكى أحد نبهاء مدرسة الدبلوماسية العريقة وله بصمات متميزة فى كل المواقع التى خدم فيها داخل ديوان الوزارة بالقاهرة أو فى الخارج الذى رشحته مصر لدورتين لمنصب الأمين العام المساعد للجامعة العربية حيث يزداد تألقًا ونجاحًا من يوم إلى آخر منذ أن جاء الى الجامعة مع الإجماع على اختيار أحمد أبو الغيط أميناً عاماً لها والذى بدأ عمله فى صيف عام 2016 وحتى الآن لدرجة ان هذا العام شهد أحد الاستثمارات الناجحة للهامش المتاح لمهام الأمين العام، فذهب السفير حسام زكى مبعوثاً له فى محاولة الإسهام فى حل أزمتى السودان بعد قرارات الفريق عبدالفتاح البرهان فى ٢٥ أكتوبر الماضى، حيث التقى به وبالدكتور عبدالله حمدوك والذى كان محدد الإقامة فى منزله.

كما ذهب لنفس الغرض إلى لبنان بعد أزمته مع بعض دول الخليج على إثر تصريحات وزير الإعلام السابق جورج قرداحى وطالب علناً باستقالته كبداية طبيعية لإنهاء الأزمة مما يعنى ثقة من قادة البلدين وترحيبًا بدور الجامعة وقدرتها على المساهمة فى الحل، حيث أعرب عن سعادته بدور الجامعة ونتائج تحركها تجاه الملفين خاصة السودان ولبنان حتى لو كانت متواضعة كما قال نصًا.

 فى هذا الحوار الذى يمثل حصاداً لعام غادرنا فى انتظار سنة جديدة يقدم السفير حسام زكى رؤية متكاملة وصريحة ومباشرة وواقعية للوضع العربى، تحدث عن الجمود فى القضية الفلسطينية وأرجعها الى ثلاثة أسباب: غياب شريك للحوار والسلام فى إسرائيل رغم غياب نتنياهو، وثانياً: انشغال الإدارة الأمريكية بقضايا أخرى مما جعل ثمار مواقف بايدن لم تكن على المستوى المأمول، وثالثًا: إن الوضع العربى ليس فى أفضل حالاته، تحدث بكل وضوح عن المواقف من عودة سوريا الى الجامعة، كاشفاً عن وجود تحفظات لدى دول عربية بعلاقات دمشق مع إيران وحزب الله، وقال إن الانتخابات الليبية بداية الحل والمهم القبول بنتائجها، وفسَّر غياب الجامعة عن أى دور للوساطة فى الأزمة الأخيرة بين الجزائر والمغرب بأنها معادلة صفرية. أعاد المسئولية للدول العربية فى نجاح قمة مارس العربية فى الجزائر، توقف عند علاقات الدول العربية بالجوار الجغرافى خاصة إيران والتى اعتبر أن تدخلاتها فى الشأن العربى لا تقل خطورة عن سعيها الى امتلاك السلاح النووى وهذا نص الحوار..

 

أحد أهم مؤشرات عمل الأمانة العامة للجامعة العربية فى عام ٢٠٢١ هو الاستثمار الناجح للهامش المتاح للأمين العام حيث تدخلت كمبعوث من أحمد أبو الغيط فى أزمتى السودان ولبنان ونحتاج تقييمًا لمهمتك فى الخرطوم وبيروت؟

ملف السودان شائك ومعقد، وفيه الكثير من الاعتبارات والعناصر التى تحكم أى تحرك سواء للجامعة العربية أو غيرها، حتى لمنظمة الأمم المتحدة أو للأطراف المهتمة بالشأن السوداني؛ وذلك يرجع إلى أن الدولة السودانية تمر بحالة من «السيولة»، وأعتقد أن هذه السيولة مرجعها إلى طبيعة المرحلة التى يعيشها السودان حالياً.


والهدف من أى تحرك من جانب الجامعة العربية فى إطار تفعيل صلاحية الأمين العام للجامعة وقدرته على أن يبادر بالتدخل أو المساعدة فى أى ملف، هو مدى استعداد الأطراف لتقبل هذا التحرك..

ففى السودان رصدنا على الفور أن هناك استعداداً لهذا الأمر، وهذه كانت الخطوة الأولى فيما كانت الخطوة التالية أن يستشعر الجانب السودانى بمجمله أن تحرك الجامعة العربية هو تحرك إيجابى لا يهدف إلى تغليب مصلحة طرف على الآخر، ولكنه يستهدف الوضع السودانى عموماً وإعادته إلى مرحلة من الاستقرار التى تمكّن السودان من استكمال مسيرته فى المرحلة الانتقالية..

وأعتقد أن هذا الأمر تحقق عند اللقاء مع الفريق أول عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني، لأنه استشعر مباشرة أن الجامعة العربية ومبعوثها يتحدثون معه باللغة التى تقوم على فكرة احترام السودان وخياراته واحترام خيارات الشعب السوداني.. وكان حديثى مع «البرهان» يقوم على أساس البيان الصحفى الذى صدّق عليه الأمين العام للجامعة فى يوم 25 أكتوبر الماضى عند اتخاذ الإجراءات التى أُعلنت من جانب قيادة مجلس السيادة وقتها، وكان الهدف هو مساعدة السودان فى استعادة القدر المناسب والمطلوب من الاستقرار بما يمكنه من المضى قدماً.. وفى ختام اللقاء طلبت منه أن توافق السلطات على طلبى بلقاء الدكتور عبدالله حمدوك؛ لعلمى فى ذلك الوقت أن «حمدوك» كان أساسياً فى المطالب الشعبية والسياسية عموماً.

وعودته إلى مكانه مهمة.. وبالفعل تلقينا الضوء الأخضر لهذا اللقاء، حيث كان وقتها اللقاءات مع «حمدوك» ليس مسموحاً بها لكل المبعوثين الدوليين الذين زاروا السودان.


> وماذا عن لقائك مع الدكتور عبدالله حمدوك رئيس وزراء السودان؟ وأين كان يُقيم وقتها؟
استقبلنى الدكتور عبدالله حمدوك فى منزله، وكان يقيم فى منزل «البرهان» لبضعة أيام، ولكننى قابلته فى منزله.. وكان «حمدوك» كريماً جداً فى استقباله لي، وكانت المقابلة فى منتهى «الإيجابية»، واستشعرت منها أنه حريص كل الحرص على مصلحة بلده وتحقيق الاستقرار فى السودان والوصول إلى أرضيات مشتركة بين المكونين العسكرى والمدنى فى السودان..

وكانت كلماتى كلها له تشجيعية، وكان الهدف معاونة الطرفين للتعرف وإيجاد أرضية مشتركة بينهما لكى تمضى المرحلة الانتقالية إلى الأمام.. وأعتقد أن هذا الأمر تحقق فبعد اللقاء بحوالى 13 يوماً تم التوقيع على اتفاق سياسى بين «البرهان» و«حمدوك»، ووصفت ذلك وقتها بـ «تفاؤل حذر».


لقد صدر بيان الجامعة العربية للتعقيب حول الاتفاق السياسى سريعاً.. فهل كان هناك استعداد مسبق للسيناريوهات السودانية؟
قراءتنا للمشهد السودانى كانت «الحمد لله مظبوطة».. وضعنا مبادئ معينة، وافق عليها الأمين العام للجامعة، والهدف منها كلها هو الحفاظ على استقرار البلد.. وببساطة شديدة، المبادئ هى أن الحوار أساسى والمرحلة الانتقالية والتمسك بمبادئها وبميثاقها أمر أساسي، وكذلك المكونان العسكرى والمدنى أساسيان ولا غلبة لمكون على آخر.. فهذه مبادئ أساسية.

وكل ما قمنا به أننا صغنا هذه المبادئ فى بيان واحد، وبالتالى أزعم أن أطرافاً كثيرة أخرى أخذت عنه وسارت على ضوئه، وهذا أمر يسعدنا جداً لأن هذا تشخيص حقيقى للواقع وبدون تسييس أو انحياز لطرف على حساب الآخر.


الأزمة معقدة
وكيف تقيّم الوضع الحالى فى الخرطوم؟
هناك تطور الآن فى الأوضاع السودانية، وقد يصل الأمر إلى أن يستقيل الدكتور عبدالله حمدوك من منصبه كرئيس للوزراء، وهذا أمر أصابنا بقلق.. وهناك تواصل مستمر مع الأطراف السودانية، كما أن هناك تواصلاً مع المبعوث الأممى للسودان بشكل مستمر، ورؤانا مع المبعوث الأممى تكاد تكون متطابقة فى تشخيص الوضع ورغبتنا فى مساعدة السودان.. ولكن الوضع السودانى به تعقيدات كثيرة بعضها مرتبط بالشارع وبعضها مرتبط بالأحزاب السياسية وبعضها مرتبط بالمكون العسكرى وأخرى مرتبطة بالحركات المسلحة.. فالسودان «قصة كبيرة» وكلنا أمل أن أى تطور يحدث فيها يتم بدون التضحية بالاستقرار لحقن دماء كل السودانيين.

ويتم تحقيق الهدف وهو الوصول إلى الانتخابات لأن الانتخابات هى التى يمكن أن تخرج الوضع السودانى كله من عنق الزجاجة المسمى بالمرحلة الانتقالية.


وكيف تقيّم الوضع السودانى لو استقال الدكتور عبدالله حمدوك من منصبه؟
لا نريد أن نستبق الأحداث، ولكن خسارة الدكتور عبدالله حمدوك ستكون كبيرة للمشهد السياسى فى السودان فى هذه المرحلة، فهو يتسم بالوطنية والتجرد ولديه معرفة عميقة بالاقتصاد السوداني.

ويستطيع أن يدلى بدلوه بشكل كبير ومفيد للوضع فى السودان، وخاصة الوضع الاقتصادي.

وهذا أمر أحبذ أن نتفاداه، ولكن إذا حدث وغاب عن المشهد فى هذه المرحلة، فسيتم اختيار شخص آخر بديل، ولكن الهدف يظل دائماً وكما نقول ضرورة الحفاظ على الاستقرار فى هذا البلد.

والأمر الآخر هو ضرورة الحفاظ على العلاقة بين المكونين العسكرى والمدنى بالشكل الذى يرضى الجزء الأكبر من الشارع السودانى والرأى العام السوداني، بحيث أن يكون لكل مكون مهامه وصلاحياته.


وهل قامت الجامعة العربية بأى محاولات أو ضغوط لإثناء «حمدوك» عن الاستقالة؟
الجامعة العربية لا تقوم بأى ضغوط على الإطلاق تُبذل على أى وجه من الوجوه، نحن نقوم بعملية حوار دائم وتواصل، والهدف من ذلك أن نوضح لكل طرف النقاط التى نعتقد أنها ربما تكون خافية عليه، ونستمع إلى ما لدى كل طرف من وجهة نظر ربما تحمل إشكالات فى التعامل مع الطرف الآخر، فما تقوم به الجامعة العربية هو «محاولات تسهيل».

وهو هدف يشترك ويتشابه إلى حد كبير مع ما تقوم به منظمة الأمم المتحدة أيضاً.
وهل من الممكن أن تقوم الجامعة العربية بدور أكبر فى الأزمة السودانية، كاقتراح وثيقة معينة للوصول إلى بر الأمان؟
فى الأزمة السودانية، نحن حريصون جداً وأيضاً حذرون جداً، لأن السودانيين لديهم «غيرة» على استقلاليتهم وسيادتهم.

وأغلبهم لديه ثقة فى الجامعة العربية ودوافعها، وهذا الأمر يغرينا بأن نقدم المزيد وأن نستمر فى سعينا معهم للتوصل إلى مخارج للأزمات التى يواجهونها فى هذه المرحلة.


متابعة للملف اللبنانى
نأتى الى الزيارة المثيرة الأخرى لبنان كيف اتخذت الامانة قرار التدخل المباشر فى الأزمة بين لبنان وبعض دول الخليج؟
جامعة الدول العربية تواكب الملف اللبنانى فى كل أوضاعه وتقلباته وإشكالاته وأزماته، وعندما انفجرت الأزمة الأخيرة بسبب هذه التصريحات. كان هناك تواصل بين الأمين العام للجامعة العربية ووزير الخارجية السعودي، حيث قال له الأمين العام «إننا متابعون للوضع.

وهو وضع صعب، لأن لبنان دولة تواجه مشاكل اقتصادية حادة وتواجه انهيارا اقتصاديا ومعيشيا إلى حد كبير.

ونحن نريد أن ندخل على خط هذا الوضع، وما الذى يمكن أن يكون مرضياً للسعودية لكى نوقف تزايد هذه الأزمة؟».
وبالتالى كان المنطق الذى تحركنا به هو أن نقطة البداية لحل هذه الأزمة يجب أن يكون أن الشخص الذى أدلى بتصريحات تسيء إلى السعودية والتحالف من أجل اليمن، يتنحى عن منصبه..

وهذا الأمر كان حاضراً جداً فى المناقشات ليس لسبب إلا لأن اللبنانيين أنفسهم كانوا يتحدثون عن هذا الموضوع وعن هذه الفرضية وإمكانية حدوثها، ثم توقف كل الحديث بسبب أن هناك فريقا معينا اختطف الكلام كله فى اتجاه الحفاظ على السيادة اللبنانية.


ولم أذهب إلى لبنان حتى أتحدث كالعادة فى الشأن اللبنانى الداخلى الذى نساعد فيه، أو الأمور التى نعرف أن لبنان دائماً يواجه مشاكل فيها.. فهذه المرة كانت هناك مشكلة بين لبنان ودول شقيقة له، فبالتالى قلنا إن هذا الموضوع يجب أن نعامله بشكل مختلف.

ولهذا لم تشمل اللقاءات سوى الرؤساء الثلاثة ووزير الخارجية فقط لا غير.. وكانت رسالتنا واضحة جداً بأنه لكى يحدث أى حلحلة فى هذا الموقف، فإن نقطة البداية هى أن الشخص الذى أدلى بالتصريحات يتنحى طوعاً.. نحن فى الجامعة العربية سعداء بدورنا حتى لو كان إسهاما قليلا ومتواضعا، ولكن يعبّر عن رغبة الجامعة وإمكانية أنها تدخل على خط الأزمة وتقوم ولو بحلحلة بسيطة فيها.


الوضع فى ليبيا مختلف
ننتقل إلى الملف الليبي، كان هناك تفاؤل بالخير بإجراء الانتخابات الليبية ولكن تم تأجيلها.. ما رؤيتك فى حل الأزمة الليبية، خاصة أنك شاركت فى عدة مؤتمرات حول ليبيا؟
الملف الليبى بالفعل أيضاً فى غاية التعقيد، ومع الأسف الوضع فى ليبيا كان يمكن أن يكون أكثر سهولة من أوضاع أخرى فى مناطق أزمات كثيرة، لأنه لا توجد مشاكل عرقية ولا دينية ولا لغوية ولا مشاكل من هذا النوع الذى يثير النزاعات بين مكونات الوطن الواحد..

وإنما هناك مشكلة «جهوية»، وهى فى رأيى مشكلة يجب ألا تكون مطروحة، ولكن الوضع الليبى به ما به من تعقيدات.


إن الانتخابات الليبية والاتفاقات عليها، جاء نتيجة الحوار الذى تم تنظيمه بين عدد من الأطراف برعاية الأمم المتحدة وهم 75 طرفاً، وتمثل هذه الأطراف كل المناطق الليبية وكذلك التوجهات، وقد تم التوافق على إجراء الانتخابات، وتعامل المجتمع الدولى بجدية مع هذا الأمر، وأيد الانتخابات وتاريخها، وشجع الليبيين على المضى قدماً فى هذا الطريق بالخريطة التى تم وضعها.

ولكن نتيجة وجود مصالح شخصية ومصالح حزبية ضيقة ومصالح جهوية وفئوية، سارت الأمور بدون توصل الأطراف الذين يمثلون المؤسسات فى الدولة الليبية، إلى توافق حول كيف يمكن أن ننفذ هذه الانتخابات..

وبالتالى أدى ذلك إلى الوصول للتاريخ المتفق عليه لإجراء الانتخابات دون أن تُستكمل وتُنفذ الآليات والإجراءات والخطوات المطلوبة، ومن هنا جاء تأجيل موعد الانتخابات لفترة «أتوقع أنها ستزيد على شهر».


والمأمول هو أنه عندما يتم تنظيم هذه الانتخابات، تعكس الإرادة الحرة للشعب الليبي، ويبدو من عملية تسجيل الناخبين فى ليبيا أن الشعب الليبى راغب جداً فى أن يقول رأيه فى من سوف يحكمه فى المرحلة القادمة، وهذا الأمر نحن نحترمه.

ونطالب كل الأطراف الموجودة على الساحة الليبية باحترامه.. ونحن كجامعة عربية موجودون لكى ندعم ليبيا والليبيين، وإذا طُلب منا شيء فنحن حاضرون له، وهناك طلب من المفوضية الليبية للانتخابات لنرسل عددا من المراقبين، وقد وافق الأمين العام للجامعة على هذا الطلب،

وعندما يتم الاتفاق على موعد الانتخابات الجديد سوف نكون حاضرين فيه، كما نحضر فى انتخابات الدول الأخرى.


وهل إجراء الانتخابات فى ليبيا هو الحل لإنهاء الأزمة؟
الانتخابات فى حد ذاتها ليست حلاً.. والتجربة العربية وغير العربية تقول إن عقد الانتخابات فى حد ذاته ليس العلاج الوحيد الموصوف لإنهاء مثل هكذا أزمة.. والعلاج هو فى انتخابات حرة تعكس إرادة الشعب الليبى بحرية من ناحية.

ومن ناحية أخرى لا تقل عنها أهمية هى قبول من خاضوا الانتخابات بنتائج هذه الانتخابات، وإذا لم يتحقق هذا القبول ستكون هناك مشكلة.

وقد يفتح هذا باباً لعدم الاستقرار، ونأمل ألا يُفتح مثل هذا الباب.


من يتحمل مسئولية ارتباك المشهد الليبي؟ هل الليبيون أنفسهم أم التدخلات الدولية؟
لا نحب أن نلقى باللائمة على العالم الخارجى وحده، لا شك أن مسئولية أى مجتمع هى مسئولية أبنائه فى المقام الأول، إذا استطاع أبناء هذا المجتمع أن يتفقوا، فهم بذلك يحصنون مجتمعهم من التدخلات الخارجية، فالتدخلات الخارجية تستفيد وتزدهر عندما يكون هناك خلافات وانقسامات بين أبناء المجتمع وليس خلافات عادية.

ولجوء بعض أبناء هذا المجتمع إلى الخارج للاستقواء به على الداخل أمر صعب ويجعل الصورة أكثير تعقيدا وهشاشة.


شرعية الرئيس التونسى
على عكس الموقف من أزمة السودان ولبنان كان موقف الجامعة العربية مختلفا حسمت أمرها وأعلنت انحيازها للرئيس قيس سعيد وقرارات ٢٥ يوليو رغم التباين الداخلى حولها؟
نعم موقف واضح ،لأن الوضع فى ليبيا والسودان يختلف تماما عن الوضع فى تونس؛ لأن فى تونس هناك رئيسا منتخبا من الشعب، لكن السودان وليبيا الأوضاع فى طور التشكيل. فى تونس هناك رئيس منتخب وقام بإجراءات واضحة لحماية الاستقرار فى بلده والحيلولة دون أن ينزلق الوضع فى البلد إلى ما هو أسوأ من ذلك طبعا هذا الأمر نؤيده.

وهذا شيء طبيعى خاصة إذا أضيف إلى ذلك عنصر أن هناك تأييدا شعبيا واسعا للإجراءات التى اتخذها الرئيس.


لماذا غابت الجامعة العربية عن ملف الخلاف بين المغرب والجزائر؟
لا أحد يدخل على هذا الملف؛ لأنه معادلة صفرية، لأنك إذا أردت أن تدخل فيه لابد أن تمسك بشعرة المنتصف وهى غير موجودة، تدخلك إما سيجلب لك الانتقاد من هذا الطرف أو ذاك الطرف والطرفان أصلا لا يشجعان تدخل أى أطراف خارجية، بالتالى الملف شائك وحساس جدا.


هل يؤثر الخلاف على مسألة انعقاد القمة العربية بالجزائر؟
القمة العربية ستعقد فى الجزائر دون أدنى مشكلة وسبق أن عقدت قبل ذلك قمم، الدولة المضيفة يمكن أن يكون لديها مشكلة مع طرف عربى لكن يتم استقبال ممثلى هذا الطرف العربى بكل الاحترام والتقدير، هناك تقاليد للجامعة العربية فى قممها ولا افتئات على هذه التقاليد أبدا وهناك تفرقة بين هذا الأمر وبين الخلافات السياسية.


هل تحدد موعد القمة؟
نحن بصدد الاتفاق على موعد القمة مع الدولة المضيفة وإخطار الدول به، لكنها ستعقد طبقا للميثاق قبل نهاية مارس المقبل.


هل هناك اتجاه لعودة سوريا لمقعدها فى الجامعة العربية؟
هذا الموضع محل توافق بين الدول، إذا حدث هذا التوافق وبلغناه، سوف يرفع التجميد عن المشاركة السورية، إذا كان المناخ غير مناسب لهذا التوافق فسيتم تأجيل البت فى هذا الموضوع، من الآن حتى انعقاد القمة هناك مرحلة من الوقت فيها الكثير يمكن أن يحدث.


هناك تباين عربى واضح فى هذه المسألة بين دول خطت خطوات واسعة حول تطبيع العلاقات مع دمشق وأخرى تدعو الى ضرورة التأنى وقيام الحكومة بالعديد من الخطوات المطلوبة منها وفقا للقرارات الدولية؟
يجب ألا نستهين بفكرة أن سوريا شهدت أمورا كثيرة من مارس 2011 حتى الآن، هذه الأمور كان لها تداعيات ونتائج ليس بالضرورة أن الكل له نفس الرأى فى تأييد ما حدث أو أن ما حدث أمر جيد وطيب ودعونا نطوى الصفحة كما لو أن شيئا لم يكن.

هنا اختلافات بين الدول فى وجهات النظر والتعامل مع الوضع مستقبلا لأن هناك علامات استفهام كثيرة على قوة ومتانة العلاقة ما بين دمشق وطهران ودمشق وأطراف أخرى بما فيها حزب الله فى لبنان، هذه الأمور تجعل بعض الدول لديها شكل من أشكال التأنى فى الاستجابة لهذا المطلب فى الوقت الحالى هذه قراءتنا للوضع، ننتظر إذا كانت الدول سيكون لها رأى مختلف أو لا.


جمود القضية الفلسطينية
كيف ترى الوضع فى القضية الفلسطينية خاصة فى ظل التفاؤل بعد فشل نتنياهو فى الانتخابات وانتهاء فترة ترامب التى حفلت بمحاولة تصفية القضية؟
مع الأسف الوعى العالمى والوضع الإقليمى لا يمكنان من استعادة زيادة القدر من الاهتمام الدولى بالقضية الفلسطينية، للأسف أيضا أن الإدارة الأمريكية لديها انشغالاتها بما لا يمكنها أن تضع هذا الموضوع فى مقدمة اهتماماتها كما كنا نأمل، للأسف ثالثا أنه لا يوجد شريك للسلام ولا للحوار فى ظل وجود رئيس الحكومة الحالى لأن تصريحاتهم وكلامهم ومواقفهم تدل على تشنج وتطرف وعلى أن هذه الحكومة غير معنية على الإطلاق بمد الأيدى إلى الطرف الفلسطيني، بالتالى للأسف الشديد نحن فى هذا الوضع، ربما الوضع العربى كما تعلمون ليس فى أفضل حالاته هذا يغرى الجانب الإسرائيلى بالمضى قدما فى هذه الحماقات، لكن نقول دائما إن الإسرائيليين يفعلون الكثير من أجل تصفية القضية الفلسطينية. لكن الشعب الفلسطينى مستمر على أرضه صامد فى كل الأماكن التى يعيش فيها.


هل نستطيع أن نقول إن سقوط ترامب أعطى قبلة الحياة للقضية الفلسطينية وتوقفت محاولات التصفية؟
من ناحية أن محاولات تصفية القضية توقفت نعم، لكن من ناحية أنه أعطى قبلة حياة إيجابية بشكل يشجع على استئناف العمل السياسى للأسف لا نرى ذلك. الإدارة الجديدة قريبا سوف تبلغ العام الأول، حيث ما قامت به فى القضية أمور رمزية بسيطة، بعضها حمل أخبارا طيبة للجانب الفلسطيني، لكن إجمالا ليست على المستوى المأمول وإن كان المأمول أكثر من هذا بكثير لكن للأسف لم يتحقق حتى الآن.


هل الجامعة العربية غائبة عن الملف اليمني؟
نحن فى الملف اليمنى لدينا موقف ينعكس فى قرارات الجامعة، الموقف هو تأييد الشرعية اليمنية ممثلة فى الرئيس هادى والحكومة اليمنية، من هنا لا نستطيع أن نقول إننا نمسك بتلابيب هذا الملف نحن لدينا موقف واضح فى هذه الأزمة، لكن هذا لا يعنى أننا لا نتابع الأمر مع المنظمة الأممية مثلا، فيتحدثون معنا ويتشاورون معنا وندلى بدلونا ورأينا معهم فى هذا الملف بشكل منتظم.

ونقول لهم طالما استمرت أرض اليمن مهددة لجيران اليمن لن يكون هناك ضمانة للاستقرار فى هذه المنطقة، المأمول وما نطمح إليه أن يتم تحييد هذه المخاطر عن دول الجوار وهذا الأمر لن يتحقق إلا برفع الأيدى عن اليمن وكف الأيدى العابسة عن القيام بهذه التحركات.


شهد العام 2021 استمرار تدخلات الدول الإقليمية فى الشأن العربى مما ألقى بظلالها وتأثيراتها السلبية على المنطقة ولنبدأ بتركيا؟
تركيا كانت تعمل بشكل فيه تصادم كبير مع وحدات رئيسية فى العالم العربي، والتدخلات التركية فى عدد من الدول العربية سلبية، الآن رأينا حالة جديدة من التواصل بين هذه الوحدات العربية الرئيسية وتركيا، من غير الواضح إلى أين وصل هذا التواصل وهل سيفضى إلى تغير السلوك التركى بالكامل، وأن تعود تركيا جارا مأمونا للعرب وجارا لا يتدخل فى الشأن العربى ويحافظ على حسن الجوار.


وبالنسبة لإيران؟
الكل يعلم أن إيران وتدخلاتها فى عدد من الدول العربية هو أمر سلبي، ولا تحدث تحولات إيجابية فى السلوك الإيرانى إلا بضغوط وتدخلات كبرى للتوسل للجانب الإيرانى لكى يعدل من سلوكه وهذا أمر مرفوض، لدينا تحفظات كثيرة جدا على السلوك الإيرانى فى المنطقة وتحفظات على أن المجتمع الدولى ممثلا فى الدول الست التى تتفاوض مع إيران حول الملف النووى ربما لا تأخذ الاعتبارات العربية دائما فى حسبانها ودائما تركز على المسألة النووية التى ندرك خطورتها بطبيعة الحال، لكن نقول إن السلوك الإيرانى فى المنطقة لا يقل خطورة عن امتلاك إيران لسلاح نووى أو فرص امتلاكها لسلاح نووي.

 

اقرأ ايضا | المبعوث الأممى للسودان: اتفاق البرهان وحمدوك أنقذ البلاد من حرب أهلية

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي