قصائد الشاعر الياباني «كينجى ميازاوا»

كينجى ميازاوا
كينجى ميازاوا

رفيدة جمال ثابت 
كينجى ميازاوا (Kenji Miyazawa) شاعر وكاتب قصص أطفال يابانى. ولد فى عام 1896 فى مقاطعة (ايواتي) الواقعة بشمال اليابان لعائلة ثرية تعتنق البوذية وتعمل بالتجارة. كتب كينجى فى سن مبكرة القصائد اليابانية القصيرة المسماة بالتانكا، والتى تتألف من 31 مقطعاً صوتياً. كما قرأ نصوص (لوتس سوترا)، وهى نصوص مهايانية بوذية، تركت أثراً واضحاً عليه طيلة حياته. رفض كينجى العمل فى تجارة العائلة، فالتحق بكلية زراعية ودرس الأساليب الزراعية الحديثة. وبعد التخرج انتقل للعيش بطوكيو حيث اشتعل فى مصححاً لغوياً، ثم عاد فى عام 1921 ليعتنى بشقيقته المريضة. ظل فى (ايواتي) حتى وافته المنية، مكرساً نفسه لقضية تعليم الفلاحين الفقراء وتحسين أحوالهم المعيشية؛ إذ أخذ على عاتقه تعليمهم الدورة الزراعية وتعاقب المحاصيل، وتحسين التربة، واستكشاف الطرق لاتقاء شر الفيضانات والجفاف، لاسيما وأن منطقة (ايواتي) ابتليت بتلف متواصل فى المحاصيل. كان كينجى مُقلاً فى طعامه، يعتمد فى غذائه على النباتات فحسب، تضامناً مع الفلاحين الفقراء فوهنت صحته، إلى أن مات بالسل فى عام 1933 عن عمر يناهز سبعة وثلاثين عاماً. 

تباشير الصباح
على الثلج المتدحرج
تنسكب 
عصارة قرنفلية زاهية، 
والقمر المكتمل 
يطن رويداً فى السماء الزرقاء
ينهل مجدداً من الضياء المنتشر


جبل النيران
النيران الحمراء الدموية
تنزلق –بلامبالاة- على الجبل
تشكل تاجاً مفزعاً
عند القمة المتفحمة السوداء
ترخى لساناً من اللهب
تنهمر إبر متوهجة 
تهتاج أوراق الصفصاف
.... كلب ينبح بجنون
انعكاس وحيد على الجرف الطينى...
يتبدل إلى شكل إكليل أو رئة ممزقة،
أسفل هذه الزهرة الليلية الضخمة الرهيبة
يعود أهالى القرية
سكارى وهم يصيحون 
(إلهي، إلهى، عيناك ملطختان بالدماء)
مدينة سابورو
الضوء الرمادى يسيل من بعيد
على رمال الفِناء الملتوى
أحول أحزانى إلى أساطير زرقاء 
وأبعثرها
لكن العصافير لا تقربها.


نقاش غامض عن غيم ربيعى
لو روعك
هذا الغيم الأسود
سأقول إنه يشبه سيكولوجية الجماهير
على امتداد مئات الأميال بطول النهر
عشرات الآلاف من أناس يشبهوننا 
يحرثون الحقول البيضاء
ويجزون أشجار التوت
عاجزون عن محاربة الشتاء
فيحولون غضبهم الآن
إلى آمال واهية
وأفكار حزينة غامضة
 تحن إلى الماضي
لا يعرفون أين ينظرون
فيصوبون أبصارهم نحو الغيم
تلك الكتلة القاتمة كالوحل
تلك السلسلة من المياه الدافئة 
أقول لك إنها الحب ذاته-
تبادل غاز الكربون،
إحساس الربيع الكذوب
أقول لك
إنها الحب ذاته.


فى منتهى السماء الزرقاء
فى منتهى السماء الزرقاء
فوق طبقات الجو حيث يشح الهيدروجين،
تعيش كائنات خالدة شفافة
سيبلغ بها الملل أن تطرأ لها
أفكار كهذه: «أنا كل هذا الكون.
العالم هو ظل حلم ازرق عابر».


هذيان
خطيئتى تحولت إلى علة،
أنا عاجز
أنام فى سماء الوادى.
على الأقل على الأقل
فى هذا الجسد المحموم
تنغرس نصال الرمح الأزرق لهذا العام.
ومن هذا الهواء الرطب،
يولد المطر
ويروى الأرض العطشى.


رسالة 
ينهمر مطر شفاف 
بين صور العقل المضطربة
والنباتات المبتلة
يستطيل شعر شجرة السرو 
صدرى مُعتِم وحار
كأنه يتخمر
جانب هذه الضفة الخضراء مخضل بالغيث
عباءة مكسوة بالمطاط كأنها زرقاء من الوحل
تتحرك بأناة 
لابد وأنها شىء قوى
أين أنتِ الآن؟ 
هل تقفين مستقيمة الظهر
فى الظل المصفر بجوارى؟
يستحيل المطر أكثر شفافية وقوة
هل ثمة طفل يمضغ؟
رجل يصيح هنالك 
أود الآن أن أذهب إلى الرواق
رجاءً تعالى واذهبى معى كثيراً 
بقدميكِ الحافيتين الكبيرتين اللامعتين 
على الألواح الخشبية الباردة
رجاءً سيرى معى.

 

اقرأ ايضا | مـحـمد بـــرادة يكتب الـكُـلّ يـقـول أحبك العـواطف وسـطوة التـقاليـد