لأول مرة| الكشف عن وجه هازم الهكسوس.. مومياء أمنحتب الأول تبوح بالأسرار

الدكتور زاهى حواس
الدكتور زاهى حواس

شهاب طارق

لطالما ظلت مومياء أمنحتب الأول لغز حير الكثير من علماء الآثار لسنوات طويلة، إذ ظلت المومياء مخبأة تحت اللفائف وقناع الوجه الجنائزى حتى تم الكشف عنها مؤخرًا فى الدراسة العلمية التى نُشر فى مجلة فرونتيرز فى الطب لعالم المصريات الدكتور «زاهى حواس»، والدكتورة سحر سليم أستاذة الأشعة بكلية الطب جامعة القاهرة والخبيرة فى أشعة الآثار.


استخدمت التقنيات الحديثة للأشعة المقطعية فى إزالة اللفائف عن مومياء الملك أمنحتب الأول بشكل افتراضى آمن بواسطة برامج الحاسب الآلى وبدون المساس بالمومياء

استخدمت الدكتورة سحر سليم، والدكتور زاهى حواس تقنية أشعة متطورة من التصوير المقطعى المحوسب وبرامج الكمبيوتر المتقدمة لفك اللفائف من على مومياء أمنحتب الأول بشكل رقمى آمن ودون الحاجة إلى لمس المومياء.

فكشفت الدراسة المصرية لأول مرة عن وجه الفرعون وعمره وحالته الصحية بالإضافة إلى العديد من أسرار تحنيط المومياء وكذلك إعادة دفنها، خاصة بعدما ظل وجه صاحب هذه المومياء والمعلومات عنه حبيسة اللفائف وخلف القناع الملكى حتى كشفت عنها الدراسة العلمية التى نشرت مؤخرا فى المجلة  العلمية، وقد فحص العالمان المصريان مومياء الملك امنحتب الأول باستخدام جهاز التصوير المقطعى المحوسب والموجود فى حديقة المتحف المصرى بالقاهرة.


 كما استخدمت التقنيات الحديثة للأشعة المقطعية فى إزالة اللفائف عن مومياء الملك أمنحتب الأول بشكل افتراضى آمن بواسطة برامج الحاسب الآلى وبدون المساس بالمومياء. فهذه التقنية تحفظ المومياء سليمة بدون لمس عكس الطريقة القديمة فى فك اللفائف بشك فعلى و الذى كان يعرضها للتلف.


تقنيات دقيقة
وقال الدكتور «زاهى حواس» إن  هذه الدراسة نجحت ولأول مرة منذ أكثر من ثلاثة آلاف سنة من فك اللفائف بواسطة الكمبيوتر، إذ تكشف وجه الملك أمنحتب الأول والذى اتضح أنه يشبه بشكل كبير والده الملك أحمس الأول و المحفوظة فى متحف الأقصر.

كما حددت الدراسة بشكل دقيق عمر الملك امنحتب الأول وقت الوفاة وقد قدرته بـ ٣٥ عاما. وأكد «حواس» أن الدراسة وضحت الحالة الصحية الجيدة للملك فلم تظهر أية  أمراض أو إصابات بالمومياء تنبئ عن سبب الوفاة. وكشفت الدراسة معلومات مثيرة عن طريقة تحنيط الملك أمنحتب الأول المميزة حيث اتضح أن وضعية تقاطع الساعدان على جسد مومياء الملوك (التى تسمى الوضعية الآوزيرية) بدأت بمومياء الملك امنحتب الأول، فهذه الوضعية الأوزيرية لم ترى يكشف عنها فى ملوك سبقوا الملك أمنحتب الأول، وقد استمرت بعده وقت ملوك المملكة الحديثة.

وأثبتت الدراسة أن «المخ» لا يزال موجود فى جمجمة الملك أمنحتب الأول فلم تتم إزالة المخ فى عملية التحنيط على عكس معظم ملوك المملكة الحديثة مثل توت عنخ آمون ورمسيس الثانى وغيرهما حيث تمت إزالة المخ ووضع مواد تحنيط وراتنجات بداخل الجمجمة. 


كما كشفت صور الأشعة ثلاثية الأبعاد الدقيقة فى الدراسة عن وجود ٣٠ تميمة فى داخل المومياء وبين لفائفها، كذلك  وجود حزام أسفل ظهر مومياء الملك مكون من ٣٤ خرزة من الذهب.

كما كشفت الدراسة التى قام بها الفريق المصرى عن التقنية الدقيقة للمصريين القدماء فى صناعة القناع الجنائزى للمومياء ووضع الأحجار الثمينة عليه.


كتابة تاريخ
وكشفت الدراسة ولأول مرة عن أسرار معالجة كهنة الأسرة ٢١ للمومياوات الملكية لإعادة دفنهم فى الخبيئتين الملكيتين فى وادى الملوك و الدير البحرى فأثبتت الدراسة العناية الفائقة التى أولاها كهنة الأسرة ٢١ فى إعادة دفن مومياء الملك امنحتب الأول والحفاظ على الحلى الذهبية.

 

ووضع العديد من التمائم بداخل المومياء مما يعيد الثقة فى حسن نوايا فى مشروع إعادة دفن المومياوات الملكية للحفاظ عليها عكس المزاعم التى أثيرت عن أن الهدف كان لسرقة الحلى والنفائس من مومياوات الملوك القدامى لإعادة استخدامها لملوك الاسرة الـ٢١. 


الجدير بالذكر أن الدكتور «زاهى حواس» والدكتورة «سحر سليم» قاما باستخدام الأشعة المقطعية لفحص أربعين مومياء ملكية من المملكة الحديثة فى مشروع المومياوات الملكية التابع لوزارة الآثار المصرية و الذى بدأ منذ عام ٢٠٠٥ ومستمر حتى الآن.

ومن النتائج المهمة لهذا المشروع الكشف عن أسرار مقتل الملك رمسيس الثالث فى مؤامرة الحريم ومقتل الملك سقنن رع فى معركة حرير مصر من الغزاة الهكسوس وهو الأمر الذى يدل على أن علوم الآثار الحديثة التى تتم بأيادى الخبراء المصريين يمكنها إعادة كتابة التاريخ.


قناع جنائزى 
ويعد الملك أمنحتب الأول هو ابن الملك أحمس والذى تغلب على الهكسوس وقد تولى عرش مصر بعد والده وحكم البلاد لمدة واحد و عشرين عاما (من 1525 إلى 1504 قبل الميلاد فى الاسرة ١٨).


وقد تم العثور على مومياء الملك أمنحتب الأول عام 1881 فى مخبأ الدير البحرى الملكى فى الأقصر، حيث قام كهنة الأسرة الحادية والعشرين بإعادة دفن وإخفاء مومياوات العديد من الملوك والأمراء لحمايتهم من لصوص المقابر. وبعد نقلهم إلى القاهرة، تم فك اللفائف عن كل المومياوات الملكية و ذلك فى الفترة ما بين ١٨٨١ و ١٨٩٦ عدا مومياء الملك أمنحتب الأول، لتصبح فى النهاية المومياء الملكية الوحيدة التى لم يتم فك اللفائف عنها فى العصر الحديث وذلك حفاظا على جمال المومياء المغطاة بالقناع الجنائزى وبأكاليل الزهور الملونة. 

 

اقرأ ايضا

الأشعة المقطعية تكشف عن وجه نجل محرر مصر من الهكسوس