خبير آثار: مصر القديمة مصدر البهجة والأعياد ترمز لتجدد الحياة

صورة موضوعية
صورة موضوعية

أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار، أن المصرى القديم احتفى بالعديد من المناسبات وجعل لها عيدًا يدخل السرور على قلوب الجميع وكان سعف النخيل الأخضر من أهم النباتات المميزة لعيد رأس السنة ويرمز لبداية العام لأنه يعبر عن الحياة المتجددة.

كما أنه يخرج من قلب الشجرة وكانوا يتبركون به ويصنعون منه ضفائر الزينة التي يعلقونها على أبواب المنازل كما ارتبط عقد القران باحتفالات رأس السنة خاصة في الدولة الحديثة حتى تكون بداية العام بداية حياة زوجية سعيدة وكان عيد رأس السنة يبدأ بالصفاء والإخاء والمودة بين الناس وكان يتسابق المتخاصمون لزيارة بعضهم البعض ويقتسموا كعكة العيد بين تهليل الأصدقاء وسعادتهم بالود والحب بين الجميع وقد اصطلح المصريون القدماء على تهنئة بعضهم فى عيد رأس السنة بقولهم (سنة خضراء) وكانوا يرمزون للحياة المتجددة بشجرة خضراء.

وأضاف الدكتور ريحان، أن المصري القديم احتفل بعيد الربيع "شم النسيم" وأكل البيض الملون، والذي أطلق عليه الأوروبيون بيض الشرق، يرمز لخلق الحياة كما ورد في متون كتاب الموتى وأناشيد إخناتون "الله وحده لا شريك له خلق الحياة من الجماد فأخرج الكتكوت من البيضة"، ونقش البيض وزخرفته ارتبط بعادة قدماء المصريين نقش الدعوات والأمنيات على البيض ثم يعلق في أشجار الحدائق لتحقيق الأمنيات مع الشروق، ويوجد بمتحف النوبة بيضة حُفر عليها منظر للأهرامات كما أكل الفسيخ على أساس أن الحياة في الأرض بدأت في الماء ويعبر عنها بالسمك الذي تحمله مياه النيل من الجنة حيث ينبع حسب المعتقد المصري القديم وأكل الخس الذي اعتبره المصريون القدماء من النباتات المقدسة الخاصة بالمعبود "من" إله التناسل ويوجد رسمه منقوشًا دائمًا تحت أقدام المعبود "من" في معابده ورسومه وهو مرتبط بالولادة والميلاد وتجدد الحياة مثل رأس السنة.

ونوه الدكتور ريحان إلى احتفال المصريين القدماء بعيد الأم كعيد مقدس ابتداءً من الدولة القديمة واستمر حتى عهد البطالمة، وقد وجدت ضمن مقابر الدولة الحديثة كثير من البرديات والأوستراكا نماذج من النصوص التقليدية للدعاء للأم في عيده وكان آخر شهور فيضان النيل عندما تكون الأرض الخصبة معدة لبذر البذور، وهي بذور الحياة التي تبعث الحياة في الأرض، وهو شهر هاتور في التقويم المصري القديم، مشيرا إلى أن «هاتور أو حتحور» هي معبودة الجمال عند قدماء المصريين وتعني «حت حور» مرضعة المعبود حور وارتبط العيد أيضًا بتجدد الحياة حيث شبهوا الأم بنهر النيل الذي يهب الحياة والخصب والخير واعتبروا تمثال إيزيس التي تحمل ابنها حورس رمزًا لعيد الأم فيضعونه في غرفة الأم ويحيطونه بالزهور ويضعون حوله الهدايا المقدمة للأم في عيدها الذي يبدأ الاحتفال به مع شروق الشمس ويعتبرون نورها وأشعتها رسالة من السماء لتهنئتها.

ولفت الدكتور ريحان، إلى أهم الأعياد عند قدماء المصريين وهو عيد "حب سد" وهو العيد الثلاثيني، وفيه يتم الاحتفال بانقضاء العام الثلاثين لارتقاء الملك على العرش وفي هذا العيد يظهر الملك وهو على عرشه في كامل قوته، والجماهير حوله فرحين مستبشرين منتظرين كلمة الملك التي يعدهم فيها بعيد ثلاثيني جديد مليء بالرخاء والازدهار، ويُبرهن لهم ذلك من خلال إعادة بناء بعض مقاصير المعبد بالذهب والفضة والأحجار الكريمة. 

وتبدأ مراسم الاحتفال بدخول موكب يتقدمه كاهن إلى ساحة الهياكل المحيطة بفناء الحب سد وبها الآلهة للحصول على موافقة كل إله في تجديد حق الملك في الحكم ويذهب الملك إلى أحد العرشين في الجنوب كي يتوج بالتاج الأبيض تاج الوجه القبلي، ثم يُعاد نفس الإجراء في الوجه البحري ليتسلم التاج الأحمر وبذا يتحقق اتحاد الوجهين ويتم ربط زهرتي اللوتس والبردي حول وتد مثبت بالأرض ثم يجرى الملك مسافة مصحوبًا بكاهن وفي يد الملك سوطًا لاعتقادهم أن خصوبة الحقول تتوقف احيانًا على خفة الملك الجسمانية.

وبهذا فقد ارتبط هذا العيد بحياة جديدة للملك بعد الثلاثين يظهر فيها قوته ومقوماته للأعوام القادمة كما ربطوا بين خفته الجسمانية وخصوبة الحقول مما يعنى تجدد الحياة أيضًا.

وتابع الدكتور ريحان، بأن  عيد اللقاء الجميل فى مصر القديمة هو العيد الذى كانت تتوجه فيه المعبودة حتحور من معبد دندرة كل عام لتمضى خمسة عشر يومًا فى معبد إدفو مع زوجها حورس في مناسبة يحتفل بها كل شعب مصر حيث كانت حتحور تترك معبدها قبل خمسة أيام من اكتمال القمر وعلى حافة النهر تقدم لها القرابين.

وأشارريحان إلى العيد الشهير الذى أصبح حديث العالم بعد 25 نوفمبر الماضى وهو عيد الأوبت أو الإبت وهو احتفال مصري قديم كان يقام سنويًّا في طيبة (الأقصر) في عهد الدولة الحديثة وما بعدها حيث كانت تصطحب تماثيل آلهة ثالوث طيبة- آمون وموت وابنهما خونسو- مخفيين عن الأنظار داخل مراكبهم المقدسة في موكب احتفالي كبير من معبد آمون في الكرنك إلى معبد الأقصر، في رحلة تمتد لأكثر من 2 كم وما يتم إبرازه في هذا الطقس هو لقاء آمون رع من الكرنك مع آمون الأقصر، وكان تجديد الولادة هو الموضوع الرئيسي في احتفال الإبت، وعادة ما يتضمن احتفالية لإعادة تتويج الملك كذلك وكانت مدة الاحتفال عشرة أيام تترك خلالها قوارب المعبودات مقاصيرها بالكرنك فى الشهر الثاني من موسم الفيضان وتذهب إلى معبد الأقصر، ثم تعود إلى الكرنك بعد عشرة أيام  وقد اختلفت عدد أيام الاحتفال بهذا العيد، ففي الأسرة 18 كان الاحتفال به لمدة 11 يومًا، وفي الأسرة 19 كان 21 يومًا، وفي الأسرة 20 كان 27 يومًا.