الطرح العجيب!

د.عبد المنعم فؤاد
د.عبد المنعم فؤاد

بقلم/ د. عبد المنعم فؤاد

أعجب من الدعوة التى طرحها البعض في الإعلام، للمطالبة بتفسير عصرى جديد للقرآن يتوافق مع معطيات وأطروحات العصر، وأما التفسيرات المعروفة للقرآن الكريم فلتذهب إلى الأرشيف كما قالت أستاذة دكتورة على الهواء مباشرة !؛ ولا أدرى ما المراد من هذا الطرح، وما معنى التفسير العصرى للقرآن؟، وهل تفسيرات كبار أئمة الإسلام  قديما كالطبرى والرازى والقرطبي، والألوسى، وابن كثير، والبغوي، والبيضاوى، والنسفى وغيرهم،   وحديثا: كالمنار، والصابونى، وأبو زهرة، والشعراوى، وغيرهم يلقى بهم فى الأرشيف أو فى المتاحف كما تطالب الدكتورة على الهواء؟!، وما المدة الزمنية التى يصلح لها هذا التفسير العصرى المطلوب؟، وهل هذا التفسير العصرى أيضا سيبقى لكل العصور أو بعد سنوات سيلقى به  فى الأرشيف؟!.

نحن لا نمانع يا سادة من وجود اجتهادات فى الفهم لكتاب الله تعالى، وتفسيرات متعددة، واستنباطات متنوعة تجمع بين الأصالة والمعاصرة شريطة أن يكون هذا وفق ضوابط شرعية ولغوية، ولا تتصادم مع فهم سلفنا، وكبار علماء أمتنا فى كل العصور وباب الاجتهاد والفهم الصحيح لديننا وكتاب ربنا لا يغلق أبدا، ومن يرى غير ذلك فهو جاهل وجهول؛ (فمن يرد الله به خيرا يفقهه فى الدين ويعلمه التأويل)، وعلماء الأزهر لا يدخرون جهدا  فى ذلك مع طلابهم وفى أروقة جامعتهم، ولكن المريب هو المطالبة السريعة، والملحة الآن بتفسير خاص لكتاب الله تعالى لأهل عصر معين بفهم معين، ليسمح على ما يبدو بقبول أطروحات عجيبة نراها  تلقى على كراسى الفضائيات فى هذا العصر، ومن أقوام قد تكون لهم أيدلوجيات مغايرة أو فهم خاص - وإن كنا نحسن الظن بالجميع وندعو بالهداية لنا ولهم - مثل زعم بعضهم تحت ستار مصطلح (تجديد  الخطاب الدينى) الاقتراب من  ثوابت أقرها الدين والكتاب المبين مثل: المطالبة بتعديل  الميراث، أو منع الطلاق الشفوي، أو عدم فرضية الحجاب، أو تعاطى البيرة، والكحوليات، والقول بفهم خاص للخمر،  أو قضية تعدد الزوجات، أو التبنى الذى أبطله الإسلام، أو زواج المثليين الذى يتنافى والفطرة  السليمة، أو إعطاء تبريرات، ورخص للانتحار، أو الموت الرحيم كما نرى  فى أوروبا، وغيرها الخ.

فهل هذه الأمور ستدخل فى التفسير العصرى أم ماذا؟ سؤال مشروع؛ وإلا فما معنى التفسير العصرى الذى يتوافق مع متطلبات العصر غير هذه القضايا؟ وإلا فما الذى لم يعرفه علماؤنا السابقون واللاحقون فى تفسير القرآن حتى تهجر تفاسيرهم، وتلقى فى الأرشيف، ويخترع هؤلاء تفسيرا جديدا يسمى التفسير العصرى لكتاب الله، ويروج لذلك على الهواء مباشرة؟ !!

اللهم إن كان هذا هو المراد: فإننا نبرأ من كل فهم أو أى فى تفسير كتابك لا يرضيك، ويؤدى إلى زعزعة الأمن الفكرى والشرعى لبلادنا،  وأمتنا، واحفظ  يا ربنا  ديننا، ومصرنا،  وعقول شبابنا من كل سوء يا كريم.   اللهم آمين