إنني أطالب القوات المسلحة بإعداد سيناريوهات عن قصص البطولة التي حققها جنودنا في حرب أكتوبر والتصدي لإنتاج أفلام وثائقية وروائية تخلد هذه البطولات واحد وأربعون عاماً مضت علي حرب التحرير ونصر أكتوبر المجيد.. زمن طويل منذ أن عبر الجندي المصري الهزيمة وحطم أسطورة الجيش الذي لا يقهر.. وكسر الذراع الطويلة للطيران الإسرائيلي ودك حصون خط بارليف المنيعة.. وعبر أكبر مانع مائي في تاريخ الحروب. الرجل الذي يبلغ من العمر الآن أربعين عاماً لم يشهد تلك الملحمة الرائعة لرجال مصر البواسل.. ولا يعرف شبابنا عنها شيئاً.. والإعلام المصري لا يتذكر هذه الحرب العظيمة إلا كل عام مرة ويذيع بعض شهادات القادة العظام الذين مازالوا علي قيد الحياة ـ أمد الله في أعمارهم ـ ويعرض فيلماً أو فيلمين وكان الله بالسر عليماً، والسينما اكتفت بما أنتجته في السنوات الأولي بعد الانتصار.. ودمتم.. وتفرغت لأفلام لا تعبر عن واقعنا.. فليس المجتمع المصري كله راقصات وتجار مخدرات وبلطجية. لو كانت حرب أكتوبر العظيمة وانتصاراتها الرائعة حققها شعب آخر لرأينا آلاف الأفلام والمسلسلات والبرامج التي تمجد هذه الحرب التي أعادت للشعب كرامته وثأرت لشهدائه في نكسة ١٩٦٧.. وليس هناك أي عذر للقائمين علي شئون الإعلام والسينما والثقافة فشهادات القادة والضباط والجنود يمكن تحويلها إلي قصص درامية تتلقفها السينما والتليفزيون وتحولها إلي وثائق من صور حية متحركة تشحذ همم الشعب في مسيرته التنموية.. وقد رأينا أفلام الطريق إلي إيلات وحكايات الغريب وأغنية علي الممر والرصاصة لا تزال في جيبي التي عبرت عن الفترة من ١٩٦٧ وحرب الاستنزاف والعبور كيف كانت تشعل نار الحماسة في قلوب الملايين عند عرضها.. وتجعل الشعب يفخر بأن جيشه حقق انتصاراً كبيراً بأقل الإمكانيات بالمقارنة للعدو الذي فتحت له أمريكا خزائن أسلحتها ومعداتها لتنقذه من هزيمة منكرة. إنني أطالب القوات المسلحة بإعداد سيناريوهات عن قصص البطولة التي حققها جنودنا في حرب أكتوبر والتصدي لإنتاج أفلام وثائقية وروائية تخلد هذه البطولات لتكون أمام أعين أبنائنا الصغار وشبابنا الذي يعرف للأسف آخر كليبات عمرو دياب ولا يعرف ساعة الصفر في حرب أكتوبر ولا اسم وزير الحربية أثناء الحرب، كما كشف عن ذلك أحد البرامج التليفزيونية حيث سئل مجموعة من الشباب من أعمار مختلفة عن حرب أكتوبر وللأسف الشديد لم يستطع أحد منهم أن يجيب علي هذه الأسئلة البسيطة مما يعني أننا مقصرون جداً في نشر تاريخنا بين أبناء الوطن.. فكتب التاريخ تروي قصة حرب أكتوبر بطريقة صماء جامدة لا تشجع الشباب علي قراءتها ومعرفتها.. والشعب الذي لا يعرف تاريخه لا يستطيع أن يحدد بوصلة مستقبله. أرجو أن تأتي ذكري حرب أكتوبر المجيدة في العام القادم وقد أنتجنا فيلماً أو اثنين عن بطولات الجنود التي لا نعرف عنها شيئاً حتي الآن.. ونعرض عدداً من الأفلام الوثائقية من إنتاج إدارة الشئون المعنوية بالقوات المسلحة.. ونقرأ عدداً من الكتب التي تحوي هذه البطولات.. يجب أن نفخر يا سادة بأول حرب حققنا فيها الانتصار علي عدونا.. وأن نتزود منها بوقود يعيننا علي استكمال مسيرة التنمية الشاملة التي لا تقل أهمية عن حرب أكتوبر لأنها حرب مستمرة علي الفقر والعوز والبطالة والتخلف.. حرب ضارية نواجه فيها أعداء لا يقلون ضراوة عن أعداء القتال بالسلاح.. خاصة أن حروب الجيل الرابع كما يطلق عليها تعتمد علي تفتيت قوي الدولة بإثارة القلاقل والفتن وضرب الاقتصاد أهم أسلحة هذه الحرب. كلمات حرة مباشرة: عبور الأزمة الاقتصادية وتحقيق الرخاء يحتاج إلي جيش مسلح بالعلم والمعرفة يستند إلي تاريخ عريق.. وأمل كبير في المستقبل