«شبكة الشبكات».. أخطر تقرير أوروبي يفضح أجندة الإخوان للسيطرة على المجتمعات الأوروبية

الأوروبيين والإخوان
الأوروبيين والإخوان

أخطر تقرير أوروبى: هناك مصلحة متبادلة بين بعض السياسيين الأوروبيين والإخوان

التعامل مع الإرهابية على أنهم النازيون الجدد.. خطر يهدد القيم الأوروبية

يستخدمون العنف على حسب الحالة.. ويحتضنون الجهاد عندما تكون الظروف مناسبة

مي السيد

تقرير خطير أصدرته مجموعة المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين التابعة للبرلمان الأوروبي، حول دور جماعة الإخوان المسلمين في أوروبا، وخطرها الداهم على الحكومات والأنظمة الحاكمة، بل وعلى الشعوب بأكملها، والذى من المتوقع أن يحدث تغييراً جوهرياً، فى تعاطى الحكومات مع تلك المنظمة الإرهابية.

اتهم التقرير الذى تم إصداره تحت عنوان شبكة الشبكات، صراحة الإتحاد الأوروبى والحكومات الأوروبية بالتعامل بمبدأ مختلف مع الجماعة، وإعطائها مساحة مختلفة عن بقية الجماعات المتطرفة، رغم ما أكده التقرير من سعى الشبكة العالمية الدائم، للسيطرة على السلطة فى الدول المتواجدة فيها، وإحداث تغيير جذرى عن طريق بناء دولة جديدة قائمة على معتقداتهم الإخوانية المتطرفة، أى بمعنى أخر احتلال الدولة، وقلب نظامها رأساً على عقب.

التقرير الخطير تم إطلاقه فى نوفمبر الماضى، خلال ندوة تم تنظيمها عبر الانترنت، بمشاركة كبيرة من مجموعة المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين، التى لها تواجد كبير داخل البرلمان والإتحاد الأوروبي، والذي قام بإعداده الدكتور بول ستوت رئيس قسم الأمن والتطرف في مركز تبادل السياسات في بريطانيا، والدكتور توماسو فيرجيلي باحث في مركز برلين للعلوم الإجتماعية فى ألمانيا.. وكان المتحدثان الآخران هما البروفيسور الدكتور رود كوبمانز؛ مدير وحدة بحوث الهجرة والإدماج والقضايا عبر الوطنية في مركز برلين للعلوم الاجتماعية، والدكتور ريتشارد بورشيل؛ باحث أول في المؤسسة الأوروبية للديمقراطية ويكتب مقالات من حين لآخر في موقع "عين أوروبية على التطرف".

فى البداية لابد أن نتعرف على حزب المحافظين والإصلاحيين الأوروبى، الذين أطلقوا التقرير، والمعروفين اختصارا باسم "أي سي ار"..حيث كان يسمى سابقا تحالف المحافظين الأوروبى والاصلاحيون، وقت إطلاقه عام 2009، وهي عبارة عن كتلة سياسية في البرلمان الأوروبى ذات خلفية معادية للفيدرالية الأوروبية.

وتضم هذه الكتلة نواب حزب المحافظين والإصلاحيين في أوروبا، وهو حزب سياسى أوروبي يشمل في طياته نواب البرلمان الأوروبي من أربعة أحزاب أوروبية، و13 نائباً غير مرتبطين حزبياً، وأربعة وعشرين حزباً وثلاثة أعضاء مستقلين آخرين من 21 دولة، بالإضافة إلى سبعة شركاء إقليميين في جميع أنحاء العالم، وتهدف كتلة المحافظين إلى إصلاح الإتحاد الأوروبى على أساس المتطلبات الأوروبية، بدلا من الرفض التام للإتحاد الأوروبي.

فى عام 2014 أعلن حزب المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين، مبادئ الحزب التي يقوم عليها، في اجتماع شهد حضور كافة الأعضاء والأحزاب، وتتلخص تلك المبادئ فى إلتزامهم التام بحرية الفرد والسيادة الوطنية، والديمقراطية البرلمانية وسيادة القانون، والضرائب المخفضة على الشعوب، والتجارة الحرة بين البلدان، وانتقال السلطة السلمى.

كما تشمل مبادئهم ان يعمل جميع الشركاء في التحالف علي تحقيق مكاسب متبادلة بين الدول الأوروبية مع الحفاظ على استقلاليتها وهويتها، والمساواة بين جميع الديمقراطيات الأوروبية، مهما كان حجمها، وتشدد على تحرر الفرد فى حرية الدين والعبادة وحرية الكلام والتعبير، وحرية التنقل وتكوين الجمعيات، والتحرر من الضرائب القمعية والتعسفية، والأهم من وجهة نظرهم هو كرامة الفرد.

ويثمن التحالف فى مبادئه دور الجمعيات الأهلية والعائلات والهيئات التى تملأ الفراغ بين الفرد والحكومة، مع إقرارهم بقومية الدول والشرعية الديمقراطية بها، ويطالبون دائما بنشر ثقافة التجارة الحرة والمنافسة المفتوحة بين أوروبا والعالم، والجميع متساوي أمام القانون بغض النظر عن العرق أو الجنس أو الطبقة الاجتماعية..

وخلال الندوة التي عُقدت عبر الإنترنت، تم مناقشة أيديولوجية التنظيم "جماعة الإخوان المسلمين"، وتهديده للقيم والحقوق الأساسية الأوروبية، وقدم الدكتور ستوت والدكتور فيرجيلي النتائج الرئيسة لتقريرهما. إحدى النقاط الأساسية التي تطرق إليها العديد من المتحدثين خلال الندوة هى قضية تمويل بعض الحكومات للإسلامويين. أشار المتحدثون إلى أن هذه المسألة تمثِّل إشكالية جوهرية للاتحاد الأوروبي: وهل تتوافق جماعة الإخوان المسلمين والمنظمات المشتقة منها مع القيم الليبرالية للاتحاد الأوروبي؟ ولماذا يمولها عدد من الساسة الاوروبيين والاتحاد الأوروبى؟!

وأبرز التقرير فى مقدمته الهدف من تواجد جماعة الإخوان المسلمين فى أوروبا، والذي تم صنعهم عمدا من خلال السرية التامة المحيطة بأيدولوجيتهم، فالإخوان المسلمين فى أوروبا ليسوا جماعة واحدة مركزية منظمة، بل هم منتشرين فى البحر الأوروبي، وفروعهم مستقلة رسميا عن بعضهم البعض، ولكنهم مرتبطين بأنماط أيديولوجية.

وتحدث التقرير عن الطرق الملتوية التي يتبعها الإخوان فى كل مكان، حيث يتخذون وسائل وتكتيكات مختلفة، حتى لو أضطرهم ذلك إلى إقامة تحالفات مع الحركات التقدمية، رغم أنهم ليسوا من مؤيدي الديمقراطية الليبرالية أو القيم الغربية، وذلك لتحقيق هدف واحد ونهائى هو الحصول على السلطة والتمكين، لبناء دولة تقوم علي المعنقدات الإخوانية المتطرفة.

وأشاروا إلى أنهم يستخدمون العنف بما ينفعهم، ويحتضنون الجهاد ويتعاملون به عندما تكون الظروف مناسبة لإستخدامه، وذلك لكونهم نموذج مثالى سياسى منظم رسمياً،  ولهم أهداف بعيدة المدى، ويتم العمل عليها ليل نهار، موجهين تحذيراً الي الحكومات الأوروبية من أجل إنهاء الدعم الأوروبى لهم والدفاع عن طريقة الحياة الأوروبية، حيث يتعاملون معهم على أنهم الإسلاموية اللاعنيفة، وهو خطأ من وجهة نظرهم تقع فيه أغلبية الحكومات الأوروبية.

الإغاثة الإسلامية

ويفحص التقرير أكثر ما يتعلق بـالإخوان المسلمين من المنظمات غير الحكومية في أوروبا، مع التركيز بشكل خاص على الإغاثة الإسلامية، التابعة لهم، حيث شبهوا الجماعة أنها مثل عنصر بروميد الميثيل، وهو غاز عديم الرائحة، وعديم اللون وغير قابل للاشتعال، يتم انتاجه صناعيا وحيويا، كان يستخدم على شكل واسع كمبيد للآفات، ومع مرور الوقت تم التخلص منه تدريجياً في معظم البلدان، حيث طالب التقرير التخلص منهم بنفس الطريقة.

أحد النقاط المهمة  التي تناولها الخبراءُ في الندوة هي الحاجةُ إلى تثقيف المشرعين والمسؤولين الحكوميين حول طبيعة جماعة الإخوان المسلمين، والإسلامويين بشكل عام. وفي هذا الصدد، يرى الدكتور كوبمانز أن أسهل طريقة للمساعدة في فهم ذلك هي أن يتجنب الاتحاد الأوروبي والحكومات الأوروبية المعايير المزدوجة، وأن يعاملوا الإسلامويين بالطريقةِ نفسها التي يتعاملون بها مع أية جماعة متطرفة أخرى. ويتوقع أن يكون هذا التقرير أداة جوهرية لإحداث التغيير المنشود.

ورغم كل تلك الأهداف الخاصة بالجماعة، إلا ان ذلك لم يمنع مؤسسات الدول من التواصل مع الإخوان المسلمين كمحاورين وممثلين متميزين من المجتمعات المسلمة المحلية، وهو اتجاه يجب أن يتوقف، وقد وقعت المفوضية الأوروبية في نفس الفخ، وصرفت كميات كبيرة من المال لتمويل منظمات الإخوان المسلمين أو التمكين لهم وأعضائهم بطرق مختلفة.

بجانب وجود اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا، الذي تم إنشاؤه في عام 1989 ومقره في بروكسل، و في عام 2020، غير الاتحاد اسمه إلى مجلس المسلمين الأوروبيين، وأنشأوا هيئتين أخريين، هما المعهد الأوروبي لعلوم الإنسان، ومركز الفتوى الأوروبي.

وهناك أمثلة ذات صلة للمشاركة بين الاتحاد الأوروبي والإخوان المسلمين، فيما يتعلق بالإغاثة الإسلامية، حيث قامت مؤسسات الاتحاد الأوروبي بتمويلها بشكل كبير بحوالي 40 مليون يورو، داعين الاتحاد الأوروبي إلى وقف كل التمويل للإغاثة الإسلامية في جميع أنحاء العالم ومكوناتها من المنظمات التابعة لها، والتحقيق في دقة الطبيعة مع علاقة تلك المنظمات بجماعة الإخوان المسلمين، ويتم إجراؤها عن طريق الحكومات في الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، تفعيلاً للدساتير الأوروبية والقيم الأوروبية.

ولحسن الحظ  - كما يؤكد التقرير - أن هناك عدد متزايد من المتخصصين في السياسة، قد أدركوا أنه يجب مواجهة التهديد الأمنى للسلفيين الجهاديين بكل حزم، ويتم استخدام معهم عدد من المصطلحات منها "عنيف التطرف"، ولكن على النقيض مع جماعة الإخوان يتم استخدام مصطلحات متناقضة أههمها "الإسلاموية اللاعنيفة"، والسبب في تجاهل القيادات السياسية الأوروبية لذلك، هو أن هناك سياسيون مازالوا يحاولون شراء الإسلاميين، وهذا يزيد قوتهم ويسمونهم منظمات.

حيث يتم التعامل على جميع المستويات داخل البلديات والمناطق فى جميع أنحاء أوروبا وتمول الإسلاميين، حتى أن جميع الجمعيات الثقافية على علاقة بجماعة الإخوان المسلمين، ضاربين مثلا بدولة مثل السويد التى ترسل تبرعات بملايين الدولارات لمنظمات الإغاثة الإسلامية، وأيضا الإتحاد الأوروبى يمول المنظمات الإسلامية داخل وخارج أوروبا، بحجة أنها إسلاموية لاعنيفة، بجانب الحساسية  المفرطة لإنتقاد سلبيات الأقليات.

مساهمات أوروبية

وسعى التقرير، إلى إثارة النقاش حول السياسات الجديدة التى تحتاجها أوربا لمنع انتشار الإسلاموية فيها، وإقناع المفوضية الأوروبية لتغيير سياستها ووقف جميع المساهمات في المنظمات الإسلامية، التى تعمل ضد القيم التى يمسك بها الأوروبيين، ولرفع مستوى الوعي بين صانعي السياسات، والمواطنين وقوات الأمن حول التهديد الحقيقي للإسلاموية.

وترتكز قيم أوروبا على مبدأ الحرية: حرية الفرد في الكلام، الحرية للتنظيم سياسيًا، أو حرية المتابعة، وحرية اختيار الدين، فالحرية  فى المجتمعات الأوروبية هى القيام بأى عمل بشرط أن يكون ضمن قانون الأرض المتواجد بها، وهذه القيم جوهرية فى الغرب،  لكنها ليست قيم الإخوان المسلمين.

وينظر الساسة الأوروبيون إلي الجماعات الإسلامية من منظورين، أحدهما مجتمعي والأخر سياسي، الأول وهي الإسلاموية المجتمعية، وهم الحركات الإسلامية المتزمتة، يسعون بكل الطرق إلي تغيير السلوكيات المجتمعية، ويدعون إلى نمط حياة إسلامي، يفصل بين أتباعه وبين المجتمع الأوسع الذي يعيشون فيه، يتم من خلاله تعريف الهوية والمواطنة والإنتماء ومراعاة الآخر من خلال الدين، ويبتعدون فى كثير من الأحيان عن السياسة، وذلك من وجهة نظرهم الجامدة للعالم.

وتتميز الإسلاموية المجتمعية وهي في الغالب السلفية الجهادية، بوضوحها فيما تريد، وارتباطها تاريخياً بأماكن معينة، ويسعون لتنفيذ أجندتهم من خلال العنف المباشر، مثل الدولة الإسلامية "داعش" وبوكو حرام والقاعدة في أفريقيا وشبه الجزيرة العربية.

أما الإسلاموية السياسية، وهى التى تتبعها جماعة الإخوان المسلمين، والتابعين لهم، فهي الأكثر تنوعاً وحديثو الإيدلوجية التي تسعى إلى السلطة السياسية كوسيلة لتحويل المجتمع، مثل الإخوان المسلمين، وأحياناً الجماعة الإسلامية، حيث يستخدمون استراتيجية تدريجية لأسلمة المجتمعات من خلال التعليم والنظام، واستخدام وسائل الإعلام.

ولكن ما لا يعيه الغرب، أو يتغاضى عنه الساسة الأوروبيون، هو أنه على الرغم من الاختلافات التكتيكية بين الإسلاموية المجتمعية والاسلاموية السياسية، إلا أنهم يشتركون في نفس الأهداف، فكلاهما  يحتضن الهدف النهائى لـدولة إسلامية تنفذ ما يأملون وهى تحكيم قوانين الله، و كلاهما يديرهما مجموعة عليا مختارة منهم، وكلاهما يعزز بنشاط المفاهيم الخاصة بالجهاد العسكرى والدعوى ضده أعداء الإسلام، بما فى ذلك الغرب، كما أن كلاهما يؤكد السيطرة على المرأة في وعظهم للإسلاموية المثالية العالمية.

ولذلك وجه مجلس المحافظون الإتحاد الأوروبين بعدم تنبى وتمويل المنظمات التمثيلية والجمعيات الخيرية التابعة للإخوان المسملين، وعدم تنبيهم كأصدقاء، لأنهم بذلك يستخدمون أموال دافعى الضرائب، وتوزيعها علي الأماكن التى تسعى بكل ما أوتيت من قوة، إلى تدمير القيم الأوروبية الخاصة، مطالبينهم بالتعامل مع منظمات ومؤسسات تابعة للمجتمع المدنى بالشرق الوسط، لديهم انتقاداتهم الخاصة لجماعة الإخوان.

تناقض رهيب

وأبرز التقرير وجود منطق غريب فى سياسات الاتحاد الأوروبى والقادة السياسيين، ففى الوقت الذى يتعاملون فيه مع الإسلاموية اللاعنيفة، واحتضان المنظمات التابعة للإخوان كشركاء للديمقراطيات الليبرالية الغربية، تجد هناك تناقص رهيب فى العلاقة المطلوبة بين الدول والأفراد، فالعلاقة تتطور مع الإخوان ، وتتناقص مع أبناءها.

وعلى الرغم من أن  بيئة الإخوان المسلمين في أوروبا لا تدعم الدولة الإسلامية أو القاعدة، ومع ذلك، فهم بعيدون كل البعد عن أن يكونوا دعاة سلام – مثل دعمهم لحماس والجهاد فى سوريا، فهم  يتظاهرون بذلك، ولكنهم على استعداد لرؤية واستخدامهم العنف كأداة مناسبة لتحقيق أهدافهم، ولذلك لابد أن يغير الأوروبيين سياستهم فى طريقة احتضان الناس لمجرد معارضتهم للجماعات الإرهابية مثل القاعدة وداعش.

ووصف التقرير جماعة الأخوان المسلمين، أنهم مثل النازيون الجديد، الذين لا يجب التعامل والإتحاد معهم، كطريقة لمواجهة العنف، لأن الفكرة فى حد ذاتها غير معقولة، أن تسلم نفسك للنازيين، فقط لأنهم يتبعون استراتيجية جديدة، وأفكار مغايرة للماضى المعروفين به، ولا يجاهرون بالعنف، وتصويرهم على أنهم فئة معتدلة أو جيدة، وإدماجها فى التيار السياسى، فهذا خطأ كبير من وجهة نظرهم.

والقادة السياسيون جعلوا من أوروبا أرضاً خصبة لجماعة يسمونها معتدلة، وهى فى الحقيقة تقود الحرية بشكل خطير، عن طريق الدين، وتمكنوا من الفصل الحيوى بين المسجد والدولة، ولذلك فقد أحرز الإخوان المسلمون تقدما هذا القرن.

فهم أيضا على النقيض تماماً، شكلوا سياسة قوية جداً فى المجتمعات الأوروبية، وقاموا ببناء مؤسسات كبيرة تدر عليهم دخلاً وفيراً، وطوروا علاقات كبيرة مع النخب السياسية، ولقد عزز طلاب الشرق الأوسط فى الجامعات الأوروبية من وجود جماعة الإخوان المسلمين فى القارة.

وينقسم الإخوان المسلمين فى أوروبا إلى 3 مجموعات، الأولى وهم الجماعات والأفراد الذين يعلنون صراحة أنفسهم ليكونوا إخوان مسلمين، والثانى وهم أولئك الذين يجتمعون على انفراد كأداء اليمين كأعضاء إخوان مسلمين، والقسم الأخير وهم مجموعة من الناشطين في المنظمات من قبل الإخوان المسلمين أو المتأثرين بها أيديولوجيا.

والقسم الأخير هو الأهم والأخطر، لأنهم يشغلون مساحة على المستوى المحلى والإقليمى والوطنى، ويتغلغلون داخل المجتمع عبر التعددية الثقافية والهوية، ويدعون إللى الحوار بين الحضارات، ويقومون بعمل تحالفات تكتيكية مع الحركات التقدمية، فلا مانع لديهم أن يستضيفوا مناصراً للمثلية فى الصباح، وفى المساء يجتمعون مع مجموعات تدعو للعنف.

المهم فى النهاية هو الوصول للغاية الأهم والهدف الأسمى، وهو دولة متطرفة وفق معتقداتهم، فهم يمتلكون رؤية لأوروبا المستقبلية التي تختلف عن تلك الرؤية التى صاغتها الأحزاب السياسية الرئيسية فى هذه القارة، فأوروبا بحاجة إلى أن تكون واعية للإيديولوجية التى يحاولون تطبيقها بكل حسم.

كما يسعى أيضا الإسلاميون من الإخوان  إلى فرض وجهة نظر أيديولوجية للإسلام في الحياة السياسية والاجتماعية على نطاق أوسع، دون السعى بالضرورة لتحدى من هم فى السلطة أو تشجيع التطرف، بما في ذلك استخدام الوسائل العنيفة، ولكن يمكن تحقيق هذه الأهداف من خلال طرق معينة وعلى مستويات مختلفة.

فالمنظمات الإسلامية في أوروبا تمتلك الكثير من القوة الناعمة، ليس فقط مع المنظمات السياسية على اليسار، ولكن مع الأحزاب الديمقراطية الإجتماعية، وداخل  العديد من النقابات التجارية، ومع اليسار الثورى هناك تعاطف غريزى مع الأقليات، الذين هم يحاولون شق طريقهم ببراءة فى أوروبا القمعية والعنصرية.

والقوة الناعمة فى أوروبا تتعاون مع الناس بدلا من الإكراه، من خلال تشكيل تفضيلاتهم وقراراتهم، فبعض المؤسسات الأوروبية لا تحتاج إلى الإكراه من قبل الجماعات المرتبطة بالإخوان المسلمين، لأنهم من الأساس متعاطفون غريزيًا معهم، وسوف يتخذون القرارات التى تسعى للحفاظ على علاقات عمل جيدة مع المنظمات الإسلامية، الذين ينظر إليهم على أنهم يمثلون ديموغرافية يرغبون فى دعمها ..كما أنهم ينظرون للإخوان على أنهم محاور بين السلطة وبين مسلمي أوروبا، وهذا يخدم من وجهة نظرهم الإتحاد الأوروبى والأجزاء المكونة له، فالظهور بأنهم على تواصل مع المجتمع المسلم والتشاور معه من وجهة نظرهم يجلب معهم المصداقية والشعور بالراحة السياسية، ويشكل أكثر واقعية أمام دوائرهم الإنتخابية.

وعن طريق تبادل المنفعة، تحدث العلاقة بين الساسة الأوروبيين، وجماعات الإخوان المنتشرة فى أوروبا، ولاسيما فى أوروبا الغربية، غير عابئين بخطورة تلك الشراكة على المدى البعيد على المجتمعات، والذى معه يصعب كسر هذه العلاقة، التى تنامت واستفحلت على مدار السنوات بحجة العمل مع المجتمع وبالتالى أى اضطراب للوضع الراهن يحتمل أن يخاطر بالعلاقات المجتمعية.

انخراط مجتمعى

وحول كيفية تطور الجماعة والاستفادة مما حدث معها فى الشرق الأوسط وخاصة مصر، أكد التقرير أن الجماعة في البداية انتشرت أيديولوجيتها وفقا لنموذج قديم مشابه إلى شبكة عنكبوتية، والتي كانت معرضة لخطر الضعف أو الاختفاء بالفعل، عند تعرضها لضربة مضادة، وذلك عن طريق ضرب رأس العنكبوت، فى حالة وجود مرشد أعلى، والذى بدوره سيقطع هيكل المنظمة بالكامل، كما حدث فى مصر.

أما اليوم فى أوروبا، تجاوزت الجماعة تلك المرحلة، فالمنظمات الإخوانية تبدو وتتعامل مثل نجم البحر، فعندما تقطع ذراع، لن تموت، بل ينمو ذراعاً جديداً، والأخطر من ذلك انه عندما تقطع ذراعاً، يولد نجم بحر جديد مستقل، وهكذا على التوالى.

وبالتالى خلص التقرير إلى أنه مهما تعددت الجمعيات الخيرية، المشاركون والمتورطون فى إدارة أموالها، فلا يدل على أنهم فاعلوا خير، بل لأنهم يسعون دائماً من خلالها إلى الإنخراط فى المجتمع فى المقام الأول لتغييره على طريقتهم، وهى العملية الجارية منذ عقود حتى الأن، فهل ينتبه القادة والساسة الأوروبيون، ويكفون عن الدعم اللا محدود لهم؟!