ما كان للماضي أن يعيش في الحاضر والمستقبل بنفس مفرداته ومناسكه وآدابه وشعوبه فالتغيير سنة الحياة والماضي قوة دفع في بعض محطاته لبناء المستقبل مازلنا ندور في فلك الشخصنة وتأليه بعض الزعماء علي مسرح العالم ولو كان هذا صواباً لكان سيد البشر ـ صلي الله عليه وسلم ـ أولي بذلك ولكنه قال: »هل كنت إلا بشراً رسولا»‬.. وراجعه الصحابة في بعض الآراء في المواقف الصعبة والحياتية وقبل بعض الآراء من الرعية في أوقات صعبة ولم يتشدد أو يتكبر مثلما حدث في غزوتي بدر والخندق نزل علي آراء البعض حتي في أمور الدنيا قال: »‬أنتم أعلم بشئون دنياكم» للبعض عندما اقترح عليهم طريقة أخري للزراعة لم تفلح فعادوا إلي ما كانوا عليه. إذن الماضي يقدم لنا وجبة للعظة والاستفادة مع مواءمة التطور الذي يحدث في حياة الناس. صراع الشخصنة الحالي والعودة إلي الأسئلة الخايبة ومحاولة وضع توصيف للشخصيات من قبل الإعلام أشبه بصنع قالب جاهز لوضع الحاكم فيه حتي يتمثل شخوصاً حكمت ورحلت وكأننا نسير في مكان مغلق محدد الأبعاد مثل سرير هيجل الذي يحدد مواصفات من ينام عليه بحيث ألا يقل أو يزيد عن المقاس، والحياة في تغير مستمر لا تقبل هذا التحديد. سيرة الصحابة والأئمة كانت تمتليء بالمواقف الجديدة وليست بالقوالب المصمتة وكانوا عندما يعرض عليهم أمر أو مشكلة ليس لها قياس في الماضي كانوا يأخذون بالأحكام العامة وليس بالقوالب ويقدمون حلولا لحل المشكلات تتفق مع العصر ومقتضياته بعيداً عن القوالب المغلقة التي تضر ولا تفيد. الأفكار الجديدة لها بذور فكر من الماضي ولكن الحفاظ علي صورة الماضي بتركيبته ومحاولة انزال الأفكار إلي قالب الماضي وتشبيه الشخصيات بعضها ببعض إنما هو بداية للتخلف من جديد. المستقبل له مفرداته وله أدواته وله من يستطيعون ان يتحملوا صعابه والماضي قوة دفع بخيط الخبرة الرفيع الذي يوصل الأجيال بعضها ببعض ومحاولة تطابق الماضي والمستقبل إنما هو مثل حد السكين الذي يقطع الخيط الرفيع الواصل بينهما وبالتالي لن يكون هناك حاضر يؤسس لقاعدة المستقبل. الناس ربما لها بعض العذر إذا أحبت زعيماً أو قائداً وتمسكت بأفعاله وأمجاده عندما يكون الحاضر صعبا لا يقدم لهم خيرا وإنما ما هو عذر الإعلام الذي ينبغي عليه أن يكون عين المواطن ولسانه في التعبير عن مشاكله وهمومه ويطرح من خلال الخبراء الحلول وليس بالعودة إلي الماضي بجذب شخصياته إلي الساحة الإعلامية وكأننا ندور في دائرة مفرغة وفلك ليس له نجوم تضيء الطريق أمام المواطن والمسئولين. الفكر خاص بصاحبه وإنما الفكرة ملك للناس يحصدون منها الخير ومعرفة خطوات المستقبل لتحقيق حياة أفضل.. وهكذا فعل سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم ـ عندما قال »‬تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي  أبدا: كتاب الله وسنتي» ولم يقل لهم استدعوني في المواقف الحياتية وخذوا برأيي فيها لأن الحياة تتغير باستمرار.. وأيضا قال سيدنا عمر بن الخطاب: لا تخلقوا أولادكم علي آدابكم فإنهم محكومون بزمان غير زمانكم. الإعلام عليه استحضار المواقف الجبارة للزعماء في كل العالم وليس في دولة دون أخري والتي حققت لشعوبها مستوي طيباً للحياة قائماً علي الأخلاق والقيم الروحية والبعد عن »‬المظهرة» وعلي الإعلام ألا يتعبد في شخص ما في زمن ما محاولا فرضه علي الجماهير في زمن آخر لمجرد التشابه معه في فعل معين لأن الأفعال والأوقات لا تتطابق ولكن تبقي روح العمل هي الباقية وهي شعيرة الماضي في صنع المستقبل.