«قلم ووطن»

أفغانستان فى تفاعلات أمنية جديدة

لواء د. سيد غنيم
لواء د. سيد غنيم

خلال منتصف العام 2021 استطاعت طالبان إرساء دولتها الثانية فى أفغانستان وسط العديد من اللاعبين، مع إعلان أمريكا والناتو انسحابهما عسكرياً من أفغانستان، نجد الصين وروسيا والهند وباكستان وتركيا وإيران والإمارات وقطر يمارسون أدواراً فى أفغانستان.


فلا تزال الهند، فى عداء تجاه الصين وباكستان وتنافس تجاه تركيا، حيث أصبحت أنقرة شريكا أمنيا لباكستان.

وتدخلت تركيا فى ليبيا وأذربيجان وحالياً فى أفغانستان، الوقت الذى تدعم فيه الهند الموقف اليونانى والإماراتى ضد تركيا شرق المتوسط. وتؤيد باكستان جهود تركيا فى قيادة الدول الإسلامية كمنافس للسعودية التى يقع على أراضيها مقر المؤتمر الإسلامي. واليوم، تتجه الإمارات وإسرائيل نحو تحالف مع الهند، فى تنافس أمام باكستان وتركيا، ما قد يأتى فى صالح السعودية.


ويوفر التقارب الجيواقتصادى الهندى الإسرائيلى الإماراتى (الهندو-إبراهيمي) لأمريكا حلاً جيوستراتيجيًا للتحدى المُلح للانسحاب الأمريكى من المنطقة، بل يمهد الطريق للمبادرة اليابانية الأمريكية الهندية الأسترالية «إيندو-باسيفيك منطقة حرة والمفتوحة». وتسعى تركيا لامتلاك أوراق تمكنها من التفاوض مع جميع الأطراف فى أفغانستان، على رأسها الإمارات وإيران، ولعل أهمها وجود تركيا العسكري، وثقل ورقة اللاجئين القادمين من أفغانستان تجاه أوروبا.


يشكل ذلك فرص أكبر للتقارب الصينى الروسى لمجابهة مخاطر جعل أفغانستان منطقة تهديد. ويضمن حماية مشروع الصين العالمى «الحزام والطريق» لصالح خطط الصين التنموية، والذى يمر خلال وحول أفغانستان براً وبحراً ويرتكزعلى إيران الجار الأهم.


فى المقابل، تهدف أمريكا لتشكيل تحالفات جديدة لبناء جبهة مستقلة لمواجهة إيران، ويعوض تقلص التواجد الأمريكي، فتسعى للإبقاء على حلفائها الإمارات وإسرائيل والسعودية وتركيا والأردن ومصر. أزعم أن الاستراتيجية الأمريكية لربط حلفائها فى شرق آسيا والمحيط الهادئ (اليابان وأستراليا) بحلفائها فى آسيا الوسطى والشرق الأوسط ترتكز استراتيجياً على الهند، لما لها من ثقل اقتصادى وبشري.


الإمارات التى أصبحت أكثر ديناميكية مقارنة بقطر، تتجه لتوسيع مجالها الحيوى ارتباطاً بالتطبيع مع إسرائيل وبدونه، وذلك بتوظيف البعدين الاقتصادى والثقافى لتشكيل تحالفات جديدة خارج نطاق الخليج. وتسعى إسرائيل لاستثمار المكاسب الناتجة عن التطبيع 2020 وتجنب أن يصبح تطبيعاً شكلياً كما حدث مع مصر.


القوى الكبرى ومواجهة تهديدات الحلفاء:


أمريكا، تواجه تهديدات حلفائها كضامن أساسى لأمنهم، مثل استعدادها لمواجهة إيران وتدخلها فى العراق وأفغانستان.

وروسيا تكرث آلتها العسكرية لمواجه تهديدات حلفائها كما حدث فى سوريا، لكنها تنتهج سياسة احتواء مزدوج بين الخصوم الإقليميين، كما هو الحال مع تركيا وإيران وإسرائيل فى سوتشى وبما يحقق مصالحها. أما الصين، فتتبع سياسة مختلفة، حيث تعمل على احتواء التهديد نفسه وليس مواجهته عسكرياً.

ويمكن أن يتم ذلك فى أفغانستان من خلال مبادرة لنزع السلاح ومكافحة المخدرات، ودمج القوات المتحاربة وفئات المجتمع المختلغة، وتدريب وتأهيل كوادرها لصالح مشاريع اقتصادية تخلق بدائل اقتصادية فى أفغانستان، وبما يضمن أمن الحدود الأفغانية الصينية وضمان استمرار «الحزام والطريق».


أستاذ زائر بالناتو