فواصل

ليبيا… كلهم مذنبون لا أستثنى أحدًا

أسامة عجاج
أسامة عجاج

 الانتخابات فى موعدها، أو كانت مبكرة، هى الحل فى كل ديمقراطيات العالم، سواء الدول العريقة، أو حتى الناشئة، الاستثناء الوحيد فى عالمنا العربى البائس وأمامنا نموذجان، الأول العراق ويحتاج إلى مقال منفصل، أما الثانى (وهو موضوع مقالنا ) الانتخابات الليبية، والتى ستدخل التاريخ من باب (عجائب وطرائف)، موعدها المعلن والمتفق عليه يوم الجمعة القادم، وحتى كتابة هذا المقال، لم تعلن مفوضية الانتخابات قائمة المرشحين، ولن يكون هناك أى فرصة أمام المرشحين، للمرور بمرحلة الدعاية الانتخابية فى دولة بمساحة ليبيا، الإتجاه الغالب هو التأجيل إلى موعد آخر، قد يكون مع الانتخابات البرلمانية فى فبراير القادم، أو إلى أجل غير مسمى، الأخطر أن كل التوقعات مفتوحة على كافة السيناريوهات، إجراؤها على هذه الحالة مغامرة غير مأمونة العواقب.
 كما أن التأجيل يفتح الباب أمام مزيد من التأزم فى المشهد والمستمر إلى الأسوأ منذ فبراير ٢٠١١ وحتى الآن، دون أن نشهد (بارقة ضوء فى نهاية النفق المظلم)٠
 والحديث يطول حول أسباب الانسداد السياسى الحاصل فى ليبيا، وأوصل الأمور إلى هذا المشهد العبثى، ودون الدخول فى التفاصيل، وهى كثيرة، أقول قولا واحدا، إن كل الطبقة السياسية الليبية مسئولة عما آلت إليه الأمور، من حالة فوضى، وتشطير (جغرافى) بين الغرب والشرق والجنوب، (وسياسى) بين أنصار الفاتح (عهد القذافى) وأصحاب فبراير (أصحاب الثورة) مع وجود أكثر من فصيل داخل هذا المعسكر،  لدرجة أن ليبيا عاشت سنوات، بثلاث حكومات ومجلسى نواب، وانقسام للمؤسسة العسكرية، وحكومات جاءت باتفاقيات سياسية بإشراف الأمم المتحدة، استمرت فى مناكفات سياسية مع مجلس النواب، الذى جاء بانتخابات مباشرة، ولكنه مستمر فى مهمته بفعل عدم القدرة على إجراء انتخابات برلمانية.
 كل الطبقة السياسية مسئولة عن الوضع المأساوى الليبى، فخلال عشر سنوات لم تستطع إفراز شخصية توافقية، تتجاوز فكرة المناطقية أو الجهوية، أو تخضع لأحكام القبيلة، ولم تتورط فى إراقة دم الليبيين، تستطيع أن تمثل تطلعات الشعب الليبى، التواق إلى الاستقرار والأمن والتنمية والحياة الكريمة، الكل يتحمل استمرار الأزمة، التى خرجت من إطار الخلاف السياسى إلى الاقتتال والاحتراب، والذى فتح الطريق أمام تدخل خارجى إقليمى ودولى، وسمح لكل طرف، بالاستعانة بميليشيات خارجية من روسيا والسودان وتشاد ومن سوريا، ناهيك عن استدعاء القوات التركية، الكل يتحمل المسئولية فكل رموزها ومنهم الكثير من الأسماء الكبيرة، التى تطرح نفسها لتكون أول رئيس لليبيا لأول مرة منذ استقلالها، محل خلاف، لا يحظى بالقبول، ولو بنسب معقولة، مثلا رئاسة مجلس النواب، سعت إلى إقرار قانون انتخابى مختلف عليه، دون التشاور مع مجلس الدولة، كما ينص على ذلك الاتفاق السياسى، والذى كان إحدى ثمار ملتقى الحوار فى جنيف، وحمل القانون بصمات هدفها استبعاد مرشحين محتملين بعينهم، ولصالح آخرين بذاتهم، رئيس مجلس الدولة خالد المشرى وهو محسوب على جماعة الإخوان المسلمين، أهمل المسار القضائى للطعن فى قانون الانتخابات، وراح يهدد بحرب أهلية فى حالة فوز خليفة حفتر أو سيف الإسلام القذافى.
 للأسف الشديد ليبيا ذاهبة إلى المجهول، سواء تأجلت الانتخابات ـ وهذا هو الأرجح - أو تم إجراؤها - وهو أمر مستبعد - حفظ الله ليبيا وشعبها وحماها من طبقتها السياسية٠