معظم الناس صارت معنية بأمر نفسها ودنياها وصار الدين وتعاليمه وقيمه رخيصة بلا ثمن لا تجد من يدافع عنها في أمور الدنيا شيء اسمه »الضبطية القضائية»‬ تعطي فيها الدولة جزءاً من سلطتها إلي مفتش تموين أو ضابط بوليس أو وكيل نيابة أو قاض لكي يقوم بضبط أي جريمة أو حتي مخالفة تحدث في وجوده ويكون شاهداً عليها حتي ولو لم يكن طرفاً فيها أو له أي علاقة بها فيلقي القبض علي الجاني دون انتظار الحصول علي إذن بذلك من النيابة المختصة حماية للحق العام الذي قد لا يحتمل التأخير فيجد المخالف أو المجرم من يتصدي له ويلزمه أن يدفع ثمن جريمته.. نظام البلد كده فحقوق الناس والمجتمع ليس فيها تهاون أو تفريط.. ولكن هذا للأسف يحدث في أمور الدنيا فقط.. لماذا؟.. لأن المجتمع لا يقبل ولا يتحمل أن يعيش الناس في دنيا يصرح فيها الغشاش بغشه أو المجرم بجريمته، فقام بوضع الأنظمة ليأخذ بالقصاص من كل مخالف وهذا ما يطلق عليه نظام »‬الحسبة الدنيوية» وبالطبع كلما كان القضاء سريعاً والقصاص حاسماً كان العدل قائماً.. ولكن انظر لو أنك ماشي في الشارع ووجدت رجلاً يسب الدين الذي هو دينك وديني أنزله الله تباركت أسماؤه وصفاته ليكون هداية للناس.. فمن يوقفه أو يعاقبه؟.. ولو أنك مثلاً تسمع المؤذن ينادي بكل عزم وقوة ويردد أمر الله »‬حي علي الصلاة» ثم لا تجد أحداً يتوجه من الناس إليها.. ولو رأيت رجالاً ونساء يتبركون بأعتاب قبور الأولياء ويطلبون منهم ـ من دون الله ـ العون والمدد.. ولو رأيت نساء كاسيات عاريات مميلات يمضين حولك يثرن الفتن ويبعثن الغرائز والرغبة في التحرش، ولو رأيت شاباً يترنح بسبب مادة مسكرة أو مخدر أو رأيت فيلما سينمائياً يعرض فكرة فاسدة أو صوراً منحرفة أو سمعت أغنية ماجنة أو قرأت مقالاً يفوح منه الكذب والتضليل.. هل رأيت أحداً لديه ضبطية دينية ليوقف هذا الهراء ويحاسب أصحابه؟.. لا أحد. لماذا؟ لأن معظم الناس صارت معنية بأمر نفسها ودنياها وصار الدين وتعاليمه وقيمه رخيصة بلا ثمن لا تجد من يدافع عنها رغم أمر الله الجلي »‬ولتكن منكم أمة يدعون إلي الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون» يعني الجميع في الخسارة إلا هم.. ولكن الناس تبخل علي نفسها ظلماً.. أو جهلاً!! الأمر المثير أننا صرنا نري القيم الفاسدة تدخل علينا من أبواب عديدة بدعوي التحضر والمدنية ولو تجرأ أحد وتصدي لها إذا بأبواق شياطين الإنس تنهشه وتجتهد أن تجعل منه عبرة لمن يعتبر فلا يجرؤ أحد بعد ذلك أن يقول يا قوم اعبدوا الله ولا تعبدوا الناس وتضعونهم مكانه!.. نعم لقد أصبح المطلوب الآن أن يعتبر كل إنسان علاقته بالله علاقة سرية خاصة وشخصية.. ولا شأن لك بغيرك سواء كان عابداً أو فاسقاً فهذا لا يهمك ولا يعنيك. أصبح علي كل إنسان أن يحمي عقيدته وقيمه وأخلاقه القائمة علي تعاليم الإسلام بمعرفته ولنفسه ودون أن يكون له شأن بغيره حتي ولو كان هذا الغير يمتلك »‬طبلة وتار» يدق بهما ليلاً ونهاراً للترويج للباطل.. وصدق رسول الله صلي الله عليه وسلم حين قال: »‬يأتي زمان علي أمتي يأمرون فيه بالمنكر وينهون عن المعروف» نعم فقد جاء الزمان الذي أصبح فيه بعض المعروف منكراً.. ولا أمل لنا إلا بأن نرد أنفسنا لله.. لعله يرفع عن كاهلنا كثيراً من الجور والظلم والمرض والضياع.. اذكروا الله يذكركم.