فيلم House of Gucci .. واقع من إمبراطورية الأزياء

فيلم House of Gucci
فيلم House of Gucci

إنچى ماجد

كثيرًا ما نسمع أن الأستوديوهات الكبرى في هوليوود لم تعد تقدم أعمالا درامية كبيرة الميزانية للنجوم الكبار، لأن السينما الأمريكية صارت مهووسة بالأبطال الخارقين وقصص الكوميكس، لكن على الجانب الآخر نجد المخرج البريطاني الكبير ريدلي سكوت يبذل قصارى جهده بمفرده ضد التيار السائد.

 

 فبعد فيلمه “The Last Dual” الذي عرض قبل شهرين فحسب، يقدم لجمهوره ثاني أفلامه لهذا العام “House of Gucci”، وهو الفيلم الذي يأتي ضمن أهم أفلام 2021، بفضل خطه الدرامي وشخصياته النابضة بالحياة، والتي ترفض استوديوهات “Marvel” و”Pixar” تقديمها في أعمال تحمل توقيعها، لكن وجود مخرجين مثل سكوت كان كفيلا بإستمرار وجود هذا النوع من الدراما، وعدم انقراضه على الشاشة الفضية.

تلعب دور البطولة في الفيلم نجمة الغناء الأمريكية ليدي جاجا، حيث تجسد شخصية باتريزيا ريجياني فتاة مجتمع طموحة تعمل لصالح شركة والدها، وتلتقي بالشاب الثري ماوريتسيو جوتشي - الذي يلعب دوره الممثل آدم درايفر -، وهو أحد ورثة إمبراطورية الموضة الضخمة جوتشي، ومن أجل الزواج به تخطط للمزيد من اللقاءات حتى يقع في غرامها، وهو ما يحدث بالفعل، لكن والده المريض رودولفو لم يقبل المرأة التي يراها مغرورة وغير مثقفة، لكن الزواج يتم بالفعل ليحرم ماوريتسيو من الميراث، ويصبح هم باتريزيا الشاغل إعادة زوجها إلى قلب عائلته عن طريق عمه ألدو - يلعب دوره العملاق آل باتشينو ، ومع صعود نجم ماوريتسيو في عالم الموضة العالمية، تكتشف باتريزيا بعد فوات الأوان الجوانب السلبية للزواج.

قصة الفيلم المأخوذة من أحداث واقعية شديدة الدراما، المتابع لتفاصيلها كان يتوقع أن يتم تقديمها على خشبة المسرح في عرض أوبرالي كبير، لكن ريدلي رأى أن تلك الدراما الإجرامية أفضل مكان لها هو شاشة السينما، وفي فيلمه يلقي سكوت نظرة لاذعة على مشاكل الأثرياء، حيث ينقلنا ما بين ألعاب الرجبي شديدة التنافسية التي يمارسها الأثرياء على ضفاف حديقة بحيرة كومو، إلى قصورهم الغامضة والمعقمة، بما يدور داخلها من صراعات ومؤامرات وخيانات، وهي القصص التي يهوى جمهور السينما مشاهدتها، وقد برع ريدلي في عرضها بسلاسة تجبر المشاهد على عدم الإغفال ولو قليلا عن متابعة الفيلم، ويأتي مدير التصوير داريوش فولسكي من أهم أبطال الفيلم، بل إنه يتفوق على نجوم الفيلم أنفسهم، فبإستثناء ليدي جاجا وجاريد ليتو، لم يكن أداء باقي الممثلين على مستوى قوة دراما الأحداث.

كانت جاجا هي الملكة المتوجة في ذلك الفيلم بفضل أداءها البديع والمدهش لشخصية باتريزيا، فبعد تجربتها الأولى المذهلة مع فيلم “A Star Is Born”، تثبت جاجا أنها تمتلك قدرات تمثيلية مدهشة إن أحسنت استخدامها، فستصبح من ملكات التمثيل خلال السنوات المقبلة، والمثير للسخرية أن توهج الفيلم ينخفض بشكل ملحوظ عندما لا تكون جاجا داخل الكادر، أما أداء ليتو فكان ملاحظا أنه أقوى من الشخصية التي يقدمها، فأداءه الذي يتميز دوما بالجموح لا يتناسب مع شخصيته في الفيلم

ولا يمكن تجاهل الحديث عن أسوأ قرار اتخذه سكوت في الفيلم، وهو أن يتحدث جميع أبطال الفيلم بلهجة إيطالية، وهو ما كان عيبا قاتلا، فلم يتمكن أيا منهم من أن يظهر وكأنه إيطالي حقيقي يتحدث الإيطالية كلغته الأصلية، وهي النقطة السلبية التي تؤخذ على ريدلي.

إنصافا للحق، كان ينقص “House of Gucci” عددا من التفاصيل حتى يصبح تحفة سينمائية متكاملة، لكن مع غياب هذه التفاصيل لم ينجح الفيلم أن يأتي شديد التميز، لكننا في النهاية أمام عمل درامي جاد يحاول الوقوف أمام سيل أفلام الأبطال الخارقين التي لا تتوقف عن العمل، ومع أداء ليدي جاجا المذهل إلى جانب وجود هذا الكاست الضخم في أسمائه، وسط تلك القصة الدرامية شديدة الخصوصية، يأتي الفيلم بالفعل جديرا بالمشاهدة.