إدمان المواقع الزرقاء| خبراء الطب النفسي يضعون روشتة علاج مدمني «الإباحية»

إدمان المواقع الزرقاء
إدمان المواقع الزرقاء

خطر مستتر، الكثير يكذبون وجوده، لكن الحقيقة لا تتوارى كثيرا وتظهر في النهاية، ربما لن نصدق الأقاويل والجًمل الدارجة والشائعات، لكن لغة الأرقام لا تكذب، فأحد أهم المواقع الإباحية يتأرجح في ترتيب المواقع التي تتصدر الزيارات في مصر، وفق مؤشر «ألكسا» الشهير.
انتشر الكثير من مواقع الأفلام الإباحية المتنوعة على شبكات الإنترنت، وازداد معها إقبال المشاهدين على تلك النوعية من الأفلام، حيث يُشَكِّل محتوى الأفلام الإباحية 30% من البيانات المنتقلة عبر الإنترنت.

«بوابة أخبار اليوم» تدخل على خط الأزمة التي لا تخرج من أبواب البيوت، وتتسبب وهي وراء الستار في الكثير من الكوارث الاجتماعية والصحية، ليكشف لنا الخبراء الاجتماعيين والنفسيين السبب وراء إدمان المواقع الزرقاء "المواقع الإباحية".

الدكتورة إسراء السحيمي، معالجة نفسية إكلينيكية وعضو جمعية الشرق الأوسط للطب الجنسى، شرحت هذا المرض، وكشفت تداعياته وما يمكن أن يترتب عليه إضافة إلى آثاره النفسية والاجتماعية والأمراض العضوية الناتجة عنه، كما وصفت الروشتة اللازمة للإقلاع من هذا الإدمان الخفي المستتر في الغرف المغلقة.
القشرة المخية مركز الاستثارة

وقالت الدكتورة إسراء السحيمي، إن القشرة المخية هي التي يحدث فيها استثارة جنسية، وتعد مركز التحكم والضبط والسيطرة على السلوكيات.
وأضافت في تصريح خاص لبوابة أخبار اليوم، أن المداومة على مشاهدة الأفلام الإباحية هو إدمان سلوكي، وعلاجه يختلف عن إدمان المواد المخلقةِ مثل الهيروين وغيرها من أنواع المخدرات الأخرى، حيث إن علاج الأخير يكون من خلال إخراج السموم من الجسم يتبعها مرحلة تأهيل نفسي.
وأشارت إلى أن الأدوية العادية لا تعالج الإدمان السلوكي مثل مشاهدة الأفلام الإباحية؛ حيث إنها لا ترقى عن كونها مسكنات، كما أن المريض لا يشكو عادة من إصابته بإدمان سلوكي، خاصة مشاهدة الأفلام الإباحية، نظرًا للوصمة الاجتماعية، ولكن يتم تشخيص هذا المرض من خلال سير الأعراض التي يعاني منها الشخص، ومنها «حديث الشخص عن عدم قدرته على العيش، الإحساس بجلد الذات، الشعور بالذنب، اكتئاب شديد، تدني في أداء أدوار الأدوار المهنية والاجتماعية والأسرية، لإصابته بالخمول، التراخي، فقدان الشغف .
واستكملت أن من الأعراض التي يسببها الإدمان السلوكي، هي اضطرابات في النوم، والأكل، عدم الإنجاز، ضمور شامل للدور المهني والدراسي، قد تصل بالشخص لانقطاعه عن العمل والدراسة وذلك لانعدام الرغبة عندهم.
وأشارت الدكتورة إسراء السحيمي، معالجة نفسية إكلينيكية وعضو جمعية الشرق الأوسط للطب الجنسى،  إلى أن الكثير من مدمني المواقع الإباحية يتمتعوا بدرجة ذكاء فوق المتوسط فيما عبقري، وغالبا يكون المدمن في إحدى الكليات المعروفة بكليات القمة، حيث ثمة علاقة توجد بين الذكاء والاضطرابات الشخصية والسلوكية والإدمان، قد يعمل على زيادة معدلها العامل البيئي.
ولفتت إلى أن الفئة الثانية من مدمني مشاهدة الأفلام الإباحية، هو ذلك الشخص الذي يعاني من عدم القدرة على تنظيم الذات، حيثُ يوجد أشخاص لديهم أوقات فراغ، فيتم شغلها بمشاهدة المواقع الإباحية، حيثُ يكون هذا الشخص يعانى من تقلبات مزاجية حادة؛ وتناقضات فيما يفعله عكس ما يقوله، أي قوله لا يطابق فعله.
ونوهت إسراء السحيمي، معالجة نفسية إكلينيكية وعضو جمعية الشرق الأوسط للطب الجنسى،  إلى أن من بين العوامل التي تنمي إدمان سلوك معين، هي العوامل الثقافية والتطور التكنولوجي.
وواصلت حديثها، مشيرة إلى أن مشاهدة المواقع الإباحية لا يقتصر فقط على مرحلة عمرية معينة، أو نوع من البشر دون الآخر، موضحة أن لكل منهم دوافعه التي قد تتشابه أو تختلف مع الآخرين.
وتطرقت للحديث عن حالة مصابة بإدمان مشاهدة المواقع الإباحية، ويخضع حاليًا للعلاج النفسي، حيث دنا عمره من السبعين عاما، ويبدو عليه الوقار والاحترام، ولكن نظرًا لمرض زوجته، بداء السكري الذي جعلها تمنع نفسها عنه، -وهو متفهم لذلك-، ولكن لديه طاقة ورغبة في إقامة العلاقة الزوجية اتجه لمشاهدة المواقع الإباحية، والتي استمر عليها فترة قبل أن تصبح غير مشبعة له، فسرعان ما تحول إلى الممارسة الفعلية للعلاقات آثمة في الحرام.
واستكملت عضو جمعية الشرق الأوسط للطب الجنسى، حديثها أن هذا الشخص بدأ يشعر بالذنب وجلد الذات والتناقض مع نفسه، فلجأ إلى العلاج، والذي ينقسم إلى شقين أولهما عضوي، ويكون عند طبيب أمراض ذكورة للرجال ودكتورة نساء بالنسبة للسيدات والفتيات، وبعدها يدخل في مرحلة العلاج النفسي عند الطبيب النفسي المختص في العلاقات الجنسية.
وأشارت إلى أن الشاهد من عرض هذه الحالة أن إدمان المواقع الإباحية لا تحتكره فئة عمرية أو نوع دون الأخر، وهو مرض نفسي يستلزم العلاج.
وأوضحت إسراء السحيمي، معالجة نفسية إكلينيكية وعضو جمعية الشرق الأوسط للطب الجنسى،  أن هناك كارثة كبرى تطرق أبواب المجتمع، سوف تنفجر ذات مرة، إن تمادينا في إغفالها وحينها يكون قد فات وقت العلاج، وهي أنه لا يوجد اعتراف رسمي أو إحصائيات توضح من يعانون من هذا الأمر، تمهيدًا لدراستهم علميًا ووضع الحل الناجز للقضاء على تلك المشكلة قبل توغلها، لافتة إلى أن مصر في حاجة ماسة للإقدام على الخطوة التي سبقتها إليها الكويت وهي حظر كل هذه المواقع.

كما نبهت عضو جمعية الشرق الأوسط للطب الجنسي، بأن إدمان مشاهدة الأطفال للأفلام الإباحية منذ سن الرابعة من عمره، بات واقعًا حيث إن هذا هو العمر الذي يبدأ فيه الطفل اكتشاف جسمه، ووقتها يمكن أن تقع أمامه هذه الأفلام بالصدفة من خلال هاتف أحد الأقارب، وحينها سيسوقه فضوله لمطالعتها ومشاهدتها حتى يصبح مدمناً، ويبدأ التلذذ بمشاهدتها.
وأشارت إلى أن هناك أطفال يعانون من إدمان مشاهدة المواقع الإباحية دون أن يعرف أهلهم بهذا، ويستمروا على وضعهم هذا حتى يصلوا إلى طريق مسدود، مطالبة أولياء الأمور بمراقبة تصرفات أطفالهم ومتابعتهم بشكل دوري.
وحذرت مما يفعله بعض الأزواج من إطلاع زوجاتهم على تلك الأفلام، لتتخذها نموذجا عند إقامة العلاقات الزوجية الشرعية، مشيرة إلى أن هذا قد يسبب إدمان الزوجة للأفلام وتقل المتعة مع الزوج؛ لأنها لم تجد فيه ما تشاهده في الأفلام، وحينها تحدث المشاكل التي لا تحمد عقباها.
وختاما طالبت بأهمية وجود تربية نفسية جنسية في المدارس للطلاب منذ المرحلة الابتدائية وتعريفه بجسم وبعض التفاصيل الأخرى التي يجب معرفتها، حتى لا يعرفها من مصادرها الخاطئة وهنا تحدث مشكلة كبرى تؤثر سلبا على الشخص.