نسرين العسال تكتب: البحث عن تريند

نسرين العسال
نسرين العسال

جرى العرف أن الإنسان يسعى وراء رزقه أو يسعى وراء هدف يتمنى تحقيقه ليصبح له شأن عظيم أو يسعى وراء علم  ينتفع به أو حتى ينفع به بلده ليستطيع أن يكون عضو نافع وفاعل فى المجتمع.. ولكن ما يحدث فى هذه الآونة على العكس تماما فقد تحول المجتمع بكل طبقاته وفئاته بالنسبة لبعض الأشخاص إلى مجتمع السوشيال ميديا وهو مجتمع ضيق.

وما أعنيه بكلمة ضيق ليس الحجم انما ما أعنيه هو الاكتفاء به من خلال الظهور عبر المنصات الإلكترونية دون النظر الى المنافذ والوسائل الاخرى التى تساعده أيضا على الشهرة فهو يريد أن يسعى الى الشهرة فى منتهى السرعة دون مراعاة تقبل الجمهور له ام لا رغبة منه فى تحقيق اعلى المشاهدات والايرادات وهذا بالطبع لا يأتي إلا من خلال تقديم محتوى لا يرقى الى الذوق العام سواء أكان هذا المحتوى عبارة عن  أغنية يقدمها لنا مجهول الهوية ليلقى فى أذاننا  كلمات رديئة ليس لها اى معنى.. وأحيانا تكون هذه الكلمات خادشة للحياء لأنه للأسف اذا كان المحتوى المقدم مفيد او يعطى معلومات ونصائح فقد لا يلقى حظا او اهتماما من الكم الهائل من المشاهدات والايرادات بنفس قدر المحتوى المتدنى  كما أن هناك نوع آخر من هؤلاء قد يخرج علينا بفيديو يسخر فيه من شخص ما او يسب فلان او يتفوه بأى كلمات ليس لها أى قيمة وكل ذلك بحثا عن ترند فالترند للاسف لا يفرق بين الصالح والطالح أو بين المميز والرديء.

 

لست ضد هذا المجتمع لكننى ضد كل ما يقدم من خلاله لتشويه الذوق العام خاصة وان لايوجد الرقابة الكافية للحد من هذة الظاهرة حتى فرض علينا هذا المستوى المتدنى ولا ننكر جميعا ان الترند أصبح أحد وسائل الشهرة فابين ليل وضحاها من السهل جدا  ان يصل من يرغب فى الانتشار  الى الترند بأى موقف غريب مفتعل او كلمة أو بأغنية أو صورة غريبة ومن ثم يتحول من شخص لايعرفه أحد إلى شخص حديث الساعة تسعى وراءه جميع القنوات لاستضافته وهذا كله لانه قدم محتوى أستطاع من خلاله أن يجذب  قاعدة عريضة من المشاهدين مع العلم أن معظم مايقدمه من مواقف أو محتوى لا يمت فى الحقيقة  بالواقع بأى صلة فهى لاتخرج عن كونها مجرد مواقف تمثيلية ليس أكثر أو أقل مع أستخدام بعض الخدع والفوتوشوب وأستخدام أحد البرامج المختلفة والتى توضع  تعبيرات معينة على الوجه ومن هنا يظهر لنا أنه موهوب دون غيره بالاضافة الى أن من الملاحظ فى الفترة الاخيرة  أن أطلاق الشائعات أصبحت وسيلة أخرى أيضا للظهور والانتشار ويأتى ذلك من خلال أن يقوم  شخص  فى الفيديو بنشر  شائعة ما بكل أريحية حتى يضمن الحصول على أعلى قدر من المشاهدات يسمح له بجنى أعلى الايرادات وإذا بحثنا عن حقيقة ما قاله لانجد له أى وجود الا فى مخيلته فقط  بل على العكس تمام فقد يكون سبب فى وقوع أذى نفسى كبير للشخصية التى يتحدث عنها ولأسرته والتى تشكل عبء كبير  على ماتخصه الشائعة وهذا النوع بالتحديد من الفيديوهات انتشر بصورة كبيرة حتى يعطى صاحب الفيديو مادة جاذبة للمشاهدين دون النظر إلى الابعاد النفسية الأخرى على سبيل المثال  فنان شاب أو كبير توفى او الفنانة الكبيرة دخلت العناية المركزة وغيرها من الشائعات المضللة نهيك عن حالات الطلاق والزواج والتى فى معظمها مفبركة وهذا ليس فقط إنما هناك نوع آخر من الفيديوهات يقوم فيها الشاب أو الفتاة  باستغلال الزوج او الزوجة  حتى  الاطفال  واحيانا كبار السن كوسيلة جذب للتعاطف معهم فى النهاية اكرر اننى لست ضد البحث عن ترند او الشهرة من خلال السوشيال ميديا ولكننى ضد الاستخفاف بالعقول والاستهانة بمشاعر الاخرين والتدنى بمستوى كل من يشاهد تلك الأعمال ، وأخيرا ادعم واقف بل أدافع عن أى محتوى يرتقى بالذوق العام بهدف تثقيفي او تعليمى أو فنى وحتى اذا كان المحتوى غرضه الترفيهى ما المشكلة؟ فهذا ليس عيبا ؟ إنما فى حالة اذا كان المحتوى ذات ثقل و فى حدود احترام الجميع  ولا ننسى جميعا ان الكلمة الحسنة صدقة .