قبل أكثر من عقدين سُئل الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الأب عن الصين وعن احتمال قيام تغيير سياسي كبير فيها علي غرار الكتلة الشرقية السوفييتية، فرد بوش بالقول: ‹›دعوا ذلك الوحش نائماً››..ولم تمض سوي سنوات قليلة حتي جاء الرد الصيني علي بوش عملياً بالتربع علي عرش العالم اقتصادياً لتقول له إن الوحش الصيني استيقظ والآن ربما يقول قادة الصين بعضهم لبعض: »‬ دعوا الوحش الأمريكي يخلد للنوم بهدوء.. المارد الصيني سيطر وتحرر من عقدة الدونية والتبعية للغرب، وانطلق معتمداً علي العلم والاقتصاد والقيم الأخلاقية ونجح في تعطيل هيمنة الغرب معرفيًا وسياسيًا وثقافيًا واقتصاديًا علي العالم.. طبق الصينيون المثل الصيني الذي يقول » إذا امتطيتَ نمراً فلن تنزل عن ظهرهِ بسهولة››. وهذا المثل يختصر إلي حد بعيد طموحات الصين خلال السنوات القادمة.. ولأن التغيرات الكبري علي صعيد العالم لابد من ممهدات يتبعها حدث كبير يهيِّئ للتغيير. وما أكثر أمثلة التاريخ علي هذا، لعلّ أقربها قيام الحرب العالمية الثانية التي أفضت إلي انتهاء أدوار لدول كثيرة علي الساحة الدولية، وبروز القطبين الاشتراكي والرأسمالي.. فقد كانت الفرصة سانحة لمصر.. وجاء المخاض الصعب بعد ثورتي 25 يناير و30 يونيو بالرئيس عبدالفتاح السيسي ذلك القائد الشجاع الذي استطاع أن يعبر بمصر إلي بر الأمان بعد أن خلصها من حكم الرجعية وكابوس الإخوان..ورغم وقوف معظم دول العالم ضده سار في طريقه حاملا رأسه علي كفه من أجل مصر..ثم انطلق المارد ليخرج مصر من عنق الزجاجة بعد أن ساءت الامور الاقتصادية والامنية إلي درجة كبيرة..نجح السيسي إلي حد كبير في معركته الأولي ضد الإرهاب وعلي التوازي بدأ مرحلة البناء والتنمية، فكانت قناة السويس الجديدة لتؤكد ان احلام الرجل لمصر والمصريين بلا حدود.. طرق ابواب دول العالم ونجح في تغيير الصورة وكسب تأييد معظم الدول لمصر وله..وجاءت جولة المارد المصري إلي التنين الصيني العملاق الذي ابهر العالم كله، وجلس علي عرش الاقتصاد العالمي ليهدد كل دول العالم وعلي رأسهم امريكا نفسها. زيارة الرئيس السيسي للصين ناجحة بكل المقاييس، لانها فتحت آفاقا نحو انطلاقة اقتصادية كبري لمصر.. الخبراء يتوقعون أن الشراكة مع الصين ستحقق استثمارات تتراوح من 60 إلي 100 مليار دولار خلال الخمس سنوات القادمة، وما يعززها حجم السياحة الصينية لمصر. ففي حال وصول السياحة لأكثر من 3 ملايين سائح، ستدر ما يترواح من 12 إلي 18 مليار دولار سنوياً. وتوقع الخبراء أن تجذب زيارة الرئيس إلي الصين استثمارات صينية لتنمية وتطوير إقليم قناة السويس، وإعادة تأهيل صناعات القطاع العام، وأن تضع الأساس القوي للتعاون العسكري في إطار سياسة مصر لتنويع مصادر السلاح. ايضا توجيه الطاقات الاستثمارية الصينية إلي مجالات البنية التحتية واستصلاح الأراضي والبتروكيماويات والنقل وصناعة الدواء والطاقة.