فى الصميم

القضية أكبر من تمثال النصاب!

جلال عارف
جلال عارف

هام جدا أن نسلط الأضواء على الصفحات المضيئة فى تاريخنا الوطني. أن يترسخ اليقين عند أجيالنا الجديدة بأننا كنا على الدوام صناعا للحضارة وحاملين لأفضل القيم الإنسانية التى علمت العالم معنى الضمير وقيم التوحيد والتسامح بين البشر.


هام جدا أن نتذكر أن الحروب التى واجهناها «ومازلنا نواجهها»، كانت وهى تستهدف الدولة الأعرق فى التاريخ وتحاول على الدوام أن تضر هذا اليقين بأن الوطن الذى صنع المعجزات فى الماضى قادر على أن يصنع مثلها اليوم وغداً، وبأن الشعب الذى انتصر على اعتى الغزاة قادر على أن يقاتل وينتصر على كل ما يهدد الوطن أو يعطل مسيرته.


إننا نخوض منذ سنوات معركة شرسة استعدنا فيها الدولة وتصدينا بشجاعة لعصابات الإرهاب الإخوانى، ولمؤامرة إسقاط مصر لكى يتحول كل الوطن العربى إلى دويلات يمرح فيها الإرهاب وتخضع لهيمنة من وضعوا الخرائط الجديدة للمنطقة قبل أن تسقط مصر كل هذه المخططات الشيطانية.


ونحن نخوض - إلى جانب معركتنا ضد فلول الإرهاب ومن يدعمونهم- معركة أكبر من أجل استئناف مشروع النهوض الشامل، ومن أجل بناء مصر التى نحلم بها جميعا وسط تحديات هائلة سلاحنا الأساسى فيها هو وحدة شعبنا القادر على صنع المعجزات فى لحظات تقرير المصير ومواجهة الصعاب.

وهنا يصبح الحفاظ على الذاكرة الوطنية جزءا أصيلا من المعركة. ويصبح الاحتفاء بأيامنا الخالدة رسالة لا تخطئ العنوان بأن محققى المعجزات على مدى التاريخ قادرون على أن يكتبوا على الدوام صفحات جديدة فى قهر التحديات.


فى المقابل. .سوف نجد أعداءنا لا يتوقفون عن حربهم ضد كل انتصار حققناه من بدء التاريخ حتى حرب أكتوبر، وضد كل إنجاز يضيفه هذا الشعب العظيم الذى أعطى للإنسانية ما لم يعطه شعب آخر.

مصر القوية المنتصرة تقلق الأعداء على الدوام، ولهذا لا تتوقف محاولاتهم لتشويه كل انتصار لها.

فلنتذكر أن الحرب على نصر أكتوبر مازالت مستمرة، وأن حرب الاستنزاف العظيمة مازالت تحتاج لتقديم صفحاتها الرائعة للأجيال الجديدة.

ولنتذكر أن الانتصار العظيم فى حرب بورسعيد الذى نحتفل بمرور ٦٥ عاما عليه هذا الشهر، مازال يواجه حملات التشويه من الأعداء الذين لا ينسون أن هذه الحرب لم تكن فقط انتصارا لبورسعيد أو لمصر كلها، بل كانت اعلانا بأن عصرا جديدا قد أطل على البشرية تتحرر فيه الشعوب المقهورة وتستعيد ثرواتها المنهوبة!


مؤسف جدا أن تستعد بورسعيد الباسلة للاحتفال بعيد انتصارها وانتصارنا وانتصار العالم كله على العدوان الغاشم قبل ٦٥ عاما، بينما مازلنا نسمع أصواتا قبيحة تتحدث عن عودة تمثال ديلسبس لمدخل قناة السويس. أعرف أنها جزء من حملة مرفوعة الأجر من جماعة مشبوهة فى باريس من بقايا شركة قناة السويس قبل التأميم«!!» لكن  المزرى حقا أن يقال إن هناك مطالبات شعبية بإعادة التمثال القبيح. هذه إهانة للشعب فى بورسعيد وفى مصر كلها.

كنت هناك حين تم اسقاط الرمز القبيح لأسوأ عملية استغلال وقهر استعمارى راح ضحيتها اكثر من ١٢٠ ألف مصرى عملوا بالسخرة فى حفر القناة ولكى تكون دولة داخل الدولة حتى قرار التأميم الذى أعلنه عبدالناصر، وخاضت مصر الحرب دفاعا عنه وعن حقها المشروع.


ذاكرة الوطن تحفظ ذلك كله، حتى وإن كان البعض لم يدرك أن الشعب حدد موقفه منذ أول لحظة، وهو يقاتل ويضحي، وينتصر.. ثم ينشد: ديلسبس ياهووه!!


ولا داعى لأن نذكر باقى الإنشودة حتى لا نجرح مشاعر أصحاب المطالب الشعبية المزعومة، وإن كانت بورسعيد كلها ستغنيها فى عيد انتصارها.. لعلهم يسمعون ويتقون!!