يوميات الأخبار

التنوير على طريقة عم عبده!

عصام السباعي
عصام السباعي

الحكم تضمن قرارًا بحذف 28 عبارة مخالفة للآداب العامة.. منها أنهم يفعلون ذلك  «إرضاء لرب لا نعرفه يطلقون عليه اسم (الله)، وتحت مسمى دين شيطانى يطلقون عليه اسم (الإسلام)».

الأربعاء:
وقامت الدنيا ولم تقعد، فقد تم الحكم على المحامى أحمد عبده ماهر بالسجن 5 سنوات، أتحدث عن دائرتى الضيقة، فقد كان فيه استهجان كبير من بعض الذين فهموا من الحكم أننا فى الطريق لحرق كتب ابن رشد جديد، والبعض الآخر لم يهتم بما قاله ذلك المحامى، ولكنه تمسك بحرية الرأى ورفض الحبس فى القضايا الفكرية التى يمكن حلها بالردود العلمية والتفنيد المنطقى، أما فى الدائرة الواسعة فقد استقبل البعض وأنا منهم، ذلك الحكم بهدوء وكأنه لا يعنيهم، فهو نفس الفيلم القديم ولكن من بطولة ممثل جديد، وأعترف أننى كنت مستاء جدا من شخصيته وطبعه الصدامى، ونصحت الغاضبين بالانتظار لحين صدور حيثيات الحكم القضائى، بحيث نعرف هل تمت معاقبة الرجل على رأيه ولأنه صاحب رأى، أم لأنه سب وقذف وادعى وشتم وازدرى الناس فى دينهم ورموزهم؟، والفرق كبير بين أن تطرح رأيا علميا، وبين أن تسب وتقلل من شأن معتقدات الآخرين، وهكذا تابعت الرجل فى كل القنوات، ومنها حديثه لقناة يمتلكها أقذر من سب وشتم صحابة رسول المسلمين، وسمعت بأذنى «عم عبده»، وهو يصف على شاشتها الشيخين أبا بكر وعمر بأنهما صنمان، وتذكرت وذكرت الغاضبين بحيثيات حكم محكمة القضاء الإدارى، برفض دعوى نفس المحامى بإلزام مشيخة الأزهر بتنقية كتب فقه المذاهب الأربعة، فقد تضمن قرارا بحذف 28 عبارة مخالفة للآداب العامة، منها أنهم يفعلون ذلك «إرضاء لرب لا نعرفه يطلقون عليه اسم (الله)، وتحت مسمى دين شيطانى يطلقون عليه اسم (الإسلام)».

الشافعى.. الشاى والقهوة.. وأين «الكازوزة»؟!

الجمعة :
يبدو أن تلك القضية تتحرش بعقلى، وتحاول جذب اهتمامى بكافة الطرق، بينما انشغل عنها بأشياء أكثر أهمية، ولكنى وبالمصادفة «اتشنكلت» بفيديو للمفكر التنويرى الخطير سامح عيد، «عبده ماهر لازم يتسجن لأنه كشف الفضيحة ووثقها ودونها»، وبكل أسف خدعنى بالعنوان، وكان مجرد استعراض لصفحات الكتاب المعجزة، بكل ما فيه من شطط وتجاوزات وتوهمات واستقطاع لنصوص، وتغييب للسياق الزمنى للفتاوى وتطبيق نفس مبدأ جماعة الإخوان وغيرها من جماعات الإرهاب، ومنها على سبيل المثال مدة حمل المرأة، فقد أفتى بعض الشيوخ قبل مئات السنين بأنها قد تطول لأربع سنوات وذلك نقلا عن الدايات والقابلات، فقد كن مصدر الشيوخ فى أحكام المرأة، ولكن هناك أيضا شيوخا رفضوا ذلك تماما، ليس فقط لعدم المعقولية، ولكن لتعارض ذلك مع آية قرآنية صريحة تقول: «وحمله وفصاله ثلاثون شهرا»، وكان من بينهم ابن حزم وابن رشد وكلاهما من المالكية، وهكذا كان يسخر الدكتور خالد منتصر مثل المحامى عبده ماهر من تلك الفتاوى، ولكنهما لم يذكرا أبدا رفض مفتين آخرين لذلك ولكنهما لن يذكرا ذلك أبدا، ويواصل سامح عيد القراءة من الكتاب: «وقالوا بعدم مسئولية الزوج عن إطعام زوجته الفاكهة ولا الحلوى ولا الشاى ولا القهوة، ولكن شذ الشافعى وقال إنه ممكن إن كانت معتادة عليهم فى بيت أبيها»، ولم يعجبنى ذلك الكلام لسببين، الأول: لأنه من المعروف أن الشافعى أكد أن الاعتبار فى الإنفاق على الزوجة بحسب حالة الزوج المادية، وقال نصا: «الزوج يكون فاقدا للمروءة لو انتقص من حقوق زوجته»، والسبب الثانى جعلنى أضحك لأننا عرفنا شرب القهوة بحلول القرن 16، والشاى منذ القرن 19، فكيف يفتى بأن على الزوج نفقة شرب زوجته للشاى، وهو قد مات فى عام 820 م، أى فى القرن التاسع وقبل أن نعرف الشاى بعشرة قرون؟!، ولن أتعجب لو قالوا إن الشافعى أفتى بحق الزوجة فى شرب الكازوزة !، وحتى لا أطيل عليكم بالطبع فالمستهدف من كل ذلك الكلام فئة معينة مهيأة لتصديقه بغض النظر عن صحته أو منطقيته، أو فئة أخرى لا تقرأ، ولا تستطيع فهم سطور أى كتاب فقه، وبالتالى نجد ذلك المحامى وغيره «يهلفط « فى الكلام، وهم مطمئنون إلى أن هناك من سيصدق تلك الأكاذيب، أو سيتخيل أن فتاوى الماضى لازال المسلمون يعملون بها، وما أرجوه من الجميع هو فهم ما يقال ومراجعته، وعدم إغفال السياق الزمنى والحضارى للقضايا الفقهية، لأنها بطبيعتها تتغير من زمن لزمن ومن مكان لآخر، كما أن كلمة واحدة قد تغير المعنى، وقد فعل ذلك الدكتور خالد منتصر، عندما تناول ما أسموه بـ «مضاجعة الوداع للميتة»، وحكى حكاية مفادها أن الرسول محمد قد فعل ذلك مع فاطمة بنت أسد، وذلك لأنه لم يفهم الفرق بين ما قام به الرسول، وهو أنه قد «اضجع» إلى جانبها بغرض إكرامها، أى نام على جنبه، وبين الكلمة التى استخدمها طبيب الجلدية «ضاجعها» أى نام معها، وسأستمر فى ظنى الحسن به، وأقول إنه لم يكن يعرف أن تلك السيدة هى أم على بن أبى طالب، وأم الرسول الثانية التى آوته وربته وأكرمته، فهل يا أيها الذكى عندما يريد أن يكرمها، فهل سيضاجها وهى ميتة؟!.. يفاجئنى سامح عيد بعدها بفيديو آخر: ليه الملحدين أكثر سعادة من المؤمنين؟، ولم انخدع هذه المرة وافتح الفيديو، فقط نظرت إلى ملامح البؤس على وجهه ثم انصرفت وأنا «أحوقل»!

المفكر الكبير نصير المثليين!
الأحد:
صدقونى لو قلت لكم إن المشهد الجديد حدث أيضا بالصدفة، فقد وجدت أحمد عبده ماهر يخرج من على شاشة قناة «بى بى سى عربية مهلبية»، البرنامج اسمه «بتوقيت مصر»، والواضح أن المذيعة لا تفهم الموضوع وليست ضليعة فى اللغة العربية، كان ماهر غاضبا من الحكم، ومن الذى أصدر الحكم، وهو ما لا يجوز، ويخاطب الملايين من المسلمين ويقول نصا: «عيشوا مع البغال التى تقول لكم بجواز تزويج الصغيرة ولو فى المهد، وبنكاح الرضيعة»، ولن أصف ما قاله بالكذب، فربما أساء الفهم لجهله باللغة العربية، المهم أنه عاد وقال: «كتابى ضد فقه الدم وضد قتل المرتد وتارك الصلاة والزناة والمثليين، عملت كتابى ليفيق الشعب من رضاع الكبير وقتل تارك الصلاة»، وكل ما قاله «ماهر» تدليس، فهل ترون رضاع الكبير حولنا فى كل مكان؟، وهل عمم المسلمون حالة خاصة لسيدة مع ابنها بالتبنى، أصبح زوجها يغار عليها بعد تحريم التبنى؟، هل رأيتم ملحدا يتم قتله أو يقبل الأزهر والمجتمع بذلك، هل كفر أحد فى الأزهر الشيعة أو حتى قال لأحمد عبده ماهر أنت كافر؟، وهل جاء فى الفقه كلمة «مثليين» ليستخدمها وهو يخاطب جمهورا بعينه؟، ولم أندهش بعدها عندما أصدرت المبادرة المصرية لحقوق الشواذ بيانا، تدين فيه الحكم القضائى بحبسه، ولم لا، والرجل قد استخدم فى كلامه لغة «المثلية»، وكنت أتمنى لو كانت المذيعة لديها حد أدنى من الإلمام باللغة لترد عليه عندما قال: «جواز الإغارة على الكفار الذين بلغتهم دعوة الإسلام ولم يسلموا.. إغارة يعنى أهجم عليهم وادبحهم بالليل»، ولو كان لدى تلك المذيعة بعض الدراية باللغة العربية لردت عليه: ولكن الإغارة ليس بالضرورة أن تتم ليلا، فمن أى قاموس جئت بذلك المعنى؟! ولم أندهش فهذه هى هيئة الإذاعة البريطانية!

الوطن.. وهؤلاء «المتلاعبون»!
الثلاثاء:
لماذا يحاولون اللعب فى الأديان من باب حرية الرأى والفكر الحر؟، لماذا لا يفعلون ذلك فى الأديان الأخرى؟، لماذا يركزون على الطعن فى ديننا يقولون لكل مسلم كما فعل إبراهيم عيسى وآخرون: أنت تصلى بالخطأ.. تحج بالخطأ.. تصوم بالخطأ.. قرآنك بالخطأ.. ميراثك بالخطأ، ويكرر البعض أكاذيب أخرى لمستشرق مثل واحد اسمه دان جيبسون يدعى فيها أننا نتوجه للقبلة الخطأ فى مكة، وأن القبلة الأولى فى البتراء بالأردن، أو يحرص البعض الإشارة إلى كلام واحدة مثل باتريشيا كرونا التى زعمت أنه لا وجود لمكة من الأصل، وحرصوا على النقل من النص الانجليزى، ولم يلتفتوا إلى الإصدار العربى من المركز القومى للترجمة والذى حققته ببراعة الدكتورة آمال محمد الروبى، وفندت ما فيه من ادعاءات لا يقبلها منطق، واحترس فحيلهم كثيرة وطرق كذبهم متعددة، والهدف أن تشك فى دينك من أجل السيطرة على وعيك، احترس فذلك ليس تنويرا، ولكنها عملية نصب حضارى ودينى، وما أرجوه أن ننتبه إلى أن الوطن ليس بحاجة لتلك الحروب الوهمية، ولا إلى رجل القش الذى يخلقه البعض لإلهاء الناس عن الأولويات.. عن العمل والعرق.. عن العلم والبحث العلمى.. نحتاج إلى عمر خيرت وأحمد زويل، أكثر بكثير من هؤلاء «الهلافيت» ورعاة التطرف من كل لون!
كلام توك توك:
التنوير كسبهم كتير!
إليها:
إذا لم أحبك فمن أحب؟