إثيوبيا على حافة الهاوية بعد مئات الآلاف من النازحين والجياع

إثيوبيا على حافة الهاوية
إثيوبيا على حافة الهاوية

كتبت :  مروى حسن حسين

دخل الصراع الدائر فى إثيوبيا بين قوات نظام آبى أحمد رئيس الوزراء الإثيوبي، وعدد من الجبهات الرافضة لحكمه فى مقدمتها جبهة تحرير تيجراى مرحلة خطيرة، وسط تحذيرات دولية متزايدة من احتمال سقوط العاصمة وانهيار النظام. فرغم حالة التعتيم التى تفرضها حكومة آبى أحمد على مجريات الصراع، إلا أنه من الواضح أن الوضع فى إثيوبيا يسير نحو الأسوأ. تشير الأخبار المتداولة والصور المسربة من جبهات القتال إلى انهيار قوات نظام آبى أحمد واقتراب قوات جبهة تحرير تيجراى من دخول العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، ما دفع الخارجية الأمريكية لتجديد نداءاتها العاجلة لرعاياها بمغادرة البلد الإفريقى المضطرب.


تواصل جبهة تحرير تيجراى وقوات الأورومو زحفهم نحو العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، ما خلف مئات الآلاف من النازحين والجياع، فيما يحذر المراقبون من تداعيات الصراع وارتداداته الجيوسياسية تزامناً مع عدد من التحركات الدولية الهادفة إلى التوصل إلى وقف إطلاق النار.


بدأت الحرب الأهلية فى إثيوبيا تأخذ أبعاداً غير مسبوقة، بعد أن انطلق تحالف باسم «الجبهة المتحدة للقوات الفيدرالية والكونفدرالية الإثيوبية»، مكون من تسعة فصائل مناهضة للحكومة الإثيوبية، هدفها إسقاط رئيس الوزراء الإثيوبى آبى أحمد، على رأسها جبهة تحرير شعب تيجراي، وجيش تحرير أورومو، و7جبهات أخرى، وتصف هذه الحركات نفسها بأن تحركها هو نضال الشعوب المضطهدة فى إثيوبيا.


على الجانب الآخر حشد آبى أحمد سكان العاصمة أديس أبابا الذين يتهمون جبهة تيجراى ومن ورائها الولايات المتحدة بالعمل ضد حكومة بلادهم. وبينما تحاول واشنطن حفظ الاستقرار عن طريق الوساطة التى يقودها مبعوثها للقرن الأفريقى جيفرى فيلتمان، فإن تحركات روسية وصينية قريبة، ربما تعمل على صياغة تحالفات دولية، إضافة إلى الداخلية.. أعربت الأمم المتحدة خلال جلسة لمجلس الأمن حول إثيوبيا، عن قلقها الشديد من الانزلاق المتسارع لهذا البلد نحو سيناريوهات مجهولة تهدد بكارثة إنسانية. يتمثل السيناريو الأول، فى مواصلة الزحف نحو أديس أبابا.. ففى حال واصلت قوات جبهة التيجراى وحلفاؤها زحفهم نحو العاصمة، عندها لن يكون أمر السيطرة عليها سهلا وميسورا، بل ستكون هناك مذابح قد تستمر أسابيع أو شهوراً. حيث لا توجد مراكز عسكرية كبيرة تفصل ديسى عن أديس أبابا، والسبيل الوحيد أمام حكومة آبى أحمد لوقف تقدم جبهة تحرير تيجراى ستكون استخدام القصف الجوي، الذى يجابهه بعض التعقيدات المرتبطة بوجود المدنيين على جانبى الطريق.. وعلى الصعيد الآخر، لن تستسلم الحكومة المركزية بسهولة بل ستقاتل بشراسة باعتبارها معركة حياة أو موت، خاصة أن التحالف الحالى بين التيجراى والأورومو، قد يثير مخاوف بأن مجموعات عرقية أخرى لن تقف مكتوفة الأيدى إزاء تقدم هذا الحلف، وهو ما قد يوسع نطاق المواجهة ويجعلها تأخذ طابعاً إثنياً، وقد تختار مجموعات أخرى ألا تذهب نحو المواجهة العسكرية بل تعلن استقلال أقاليمها.


والسيناريو الثاني، يتمثل فى وقف الزحف عبر القصف الجوي.. قد ينجح آبى أحمد فى إيقاف هذا الزحف عبر القصف الجوي، أو يهب حليفه أسياس أفورقى رئيس إريتريا لنجدته.


لكن هذا السيناريو يحتاج إلى أن تعبر القوات الإريترية عبر مناطق تسيطر عليها جبهة تحرير تيجراى فى شمال أمهرة وشمال غرب تيجراي. وهنا ستنفتح خيارات أخرى أمام التيجراي، وأولها أن يحولوا بنادقهم إلى داخل إقليم الأمهرة الذى سيتركونه خلفهم إن واصلوا زحفهم نحو أديس أبابا، وهو ما سيعمق المواجهة ذات الطابع الإثنى بين التيجراى والأمهرة.


أما الأورومو، فحتى لو أوقف الجيش الفيدرالى زحفهم نحو أديس أبابا فإن السيناريو المرجح أن تعلو كذلك أصوات تطالب بانفصال الإقليم.


أما السيناريو الثالث فهو التسوية.. ويتمثل فى أن تنجح الولايات المتحدة فى خلق تسوية بين الأطراف المتحاربة، وهو خيار فى حال نجاحه سيخلق خارطة سياسية جديدة فى إثيوبيا تختلف عما كانت عليه قبل الرابع من نوفمبر 2020. ويرى العديد من المراقبين أن فرص الوسيط الأفريقى فى مهمته لإنهاء الاقتتال الجارى وحل الأزمة عبر الحوار، ضئيلة جداً، كما أن جهود الوساطة الأفريقية، ستصطدم بتحديات كبيرة نظرا للحشود العسكرية الضخمة التى أعدتها الحكومة الفيدرالية والإقليمية بأمهرة لاستعادة الأراضى التى دخلتها جبهة تيجراى، وإن دعا ذلك بدفع كل أشكال التضحيات. فى حين يرى آخرون أن الجهود الأفريقية تمكنت من إحداث اختراق طفيف فى المواقف المتشددة لأطراف النزاع،. ولكن قبول الحكومة الفيدرالية، الوساطة الأفريقية ووقف إطلاق النار قبل إخراج جبهة تحرير تيجراي، فإنه سيدخلها فى مواجهة مع شعب إقليم أمهرة الذى لن يقبل بأى حوار وتفاوض قبل خروج جبهة تحرير تيجراى من كامل أراضى الإقليم.. كل هذه التطورات تجعل الأيام القادمة مهمة وحاسمة فى رسم واقع إثيوبيا جغرافياً وسياسياً.

أقرا ايضا | دبلوماسي سابق: مجلس الأمن لن يسمح لإثيوبيا بفرض سياسة الأمر الواقع| فيديو