أوروبا تغلق أبوابها وتعمم لقاح «كورونا»

احتجاجات فى النمسا ضد تدابير مكافحة فيروس كورونا
احتجاجات فى النمسا ضد تدابير مكافحة فيروس كورونا

عاد كابوس كورونا ليطل بوجهه القبيح مرة أخرى على القارة العجوز. وبعد أن انفرجت أسارير الملايين بعد رفع قيود الإغلاق خلال فصل الصيف، عاد الظلام مرة أخرى ليغيم على معظم شوارع العواصم الأوروبية. وبدا من الواضح أن أوروبا تعود مرة أخرى لتصبح مركزا لجائحة كورونا.

وبدت الحكومات الأوروبية فى حيرة من أمرها فى مواجهة الفيروس القاتل. فمن ناحية، تجد نفسها مضطرة لفرض قيود جديدة على حياة الناس حتى تتمكن من تقليل عدد الإصابات المتزايد. ومن ناحية أخرى، عليها مواجهة المظاهرات الحاشدة الرافضة لإجراءات الإغلاق التى تتعارض مع الحرية. ويبقى السؤال المهم فى هذه المعضلة، هو كيف ستتمكن الدول الأوروبية، التى تدعى أنها رمز الحرية فى العالم، من فرض لقاح كورونا على مواطنيها؟!

وجاءت بلاد الألب، النمسا، فى طليعة الدول الأوروبية التى أعلنت تعميم فرض لقاح كورونا على جميع المواطنين المؤهلين بدءا من فبراير المقبل. ورغم الصعوبة المحتملة لتنفيذ القرار، إلا أن مجرد الإعلان عنه من دولة أوروبية، تؤمن بمبادئ الحرية الكاملة للمواطنين، سيشكل علامة فارقة فى ميثاق المواطنة لدى هذه البلدان. فمن الناحية العلمية، قد يبدو تلقى اللقاح أمرًا ضروريا للحفاظ على حياة المواطنين، لكنه فى المقابل يتعارض مع ثقافة الحرية التى ولدت وترعرت فى العالم الغربى.

إقرأ أيضاً | الاتحاد الأوروبي يطالب لبنان بتحقيق مستقل بانفجار مرفأ بيروت

ويرى المواطنون الغربيون بشكل عام أن مسألة فرض اللقاح تتعارض بشكل صارخ مع حرياتهم الشخصية التى تنص عليها دساتير دولهم. وهناك قطاعات عريضة من المواطنين، سواء فى الولايات المتحدة أو أوروبا، تعارض أخذ اللقاح بشكل قاطع. لدرجة أن بعضهم يفضل العيش تحت قيود صارمة من أن يأخذ اللقاح وينعم بحرية التنقل والحياة.

وبينما بدأت الحياة تعود مرة أخرى إلى الولايات المتحدة، بعد رفع حظر الطيران الذى امتد إلى أكثر من ثمانية عشر شهرا، تدخل أوروبا فى نفق مظلم جديد بسبب كورونا.

بدءًا من غدا الإثنين ، تدخل النمسا فى إغلاق عام جديد فى جميع أنحاء البلاد. ويستمر لمدة عشرة أيام، مع إمكانية تمديده لمدة أخرى. وبموجب الإغلاق، يجب على جميع الناس، ملقحين وغير ملقحين، إلزام منازلهم وعدم الخروج إلا للحالات الضرورية لشراء الطعام أو لزيارة الطبيب، على سبيل المثال. وعلى الجميع العمل من المنزل حتى انتهاء فترة الإغلاق. كما تم حظر الذهاب إلى المطاعم والكافيهات والمتنزهات وغيرها من أماكن الترفيه. وتم تعليق السياحة إلى البلاد خلال تلك الفترة.

أما جارتها الغربية، ألمانيا، وفى العاصمة برلين، فقد تم حظر غير الملقحين من دخول دور السينما والحانات والمطاعم. وتم إلغاء أكبر وأشهر سوق لأعياد الميلاد فى ميونخ للمرة الثانية على التوالى.

واتخذت إجراءات مشابهة على مستوى القارة بشكل عام. بينما فرضت أيرلندا حظر تجوال يبدأ من منصف الليل، اندلعت أعمال عنف فى بعض المدن الهولندية احتجاجا على قيود الاغلاق الجزئى الذى أعلنت عنه الحكومة. وتشابهت قيود الإغلاق فى معظم الدول الأوروبية ما بين الإغلاق المبكر للمحال التجارية، وتشديد الخناق على غير الملقحين، وتشديد إجراءات السفر، ووصل الأمر إلى فرض حظر التجوال كما حدث فى أيرلندا.

وقد يتساءل البعض لماذا تتعرض أوروبا لهذه الموجة المأساوية من كورونا، بالرغم من أن بلدانها لديها أعلى وأسرع معدلات تلقيح فى العالم. فقد تتجاوز معدلات التلقيح فى بعض المدن الاوروبية ٨٠٪ من السكان. كما أن النظام الصحى الأوروبى يعد الأفضل فى العالم.

وبحسب ما نشرته منظمة الصحة العالمية اليوم الأحد، تتمحور عوامل ارتفاع معدلات الاصابة فى القارة العجوز بسبب شدة البرودة أثناء فصل الشتاء، والتخفيف المبكر للقيود المتعلقة باحتواء كورونا. هذا إلى جانب ارتفاع أعمار السكان والذى يصاحبه عادة انخفاض فى المناعة. كما أن العواصم الأوروبية مقصد للسياح من جميع أنحاء العالم طوال العام وهو ما يجعل السيطرة على تفشى الوباء أمرًا صعبا .