مدينة «سالم» تراث ثقافي أسود من «السحر».. وعقوبة «الشعوذة» الإعدام

"السحر" في سالم.. تاريخ من الاتهامات وأحكام بالإعدام طالت المئات
"السحر" في سالم.. تاريخ من الاتهامات وأحكام بالإعدام طالت المئات

«السحر والشعوذة» هو اعتقاد بوجود قوى غامضة، تتحكم وتحكم وتتمكن من خرق كافة قوانين الطبيعة، لتكون صاحبة السيطرة، ولكي تتمكن من خضوعها تحت قوانينك لخدمتك عليك الدخول إلى عالم الشر.. تفكير شاذ خارج عن قواعد المنطق والتفكير الطبيعي السليم وعلامة على تاخر المجتمعات وانتشارها يعني دماره وهلاكه ودخوله إلى عالم ما قبل التاريخ حيث الخرافات والأساطير وهو ما حدث لواحدة من أكثر المجتمعات تطورا حاليا.

«سالم» هي تلك البلدة الأمريكية التي نبهت العالم من خلال جزء من تراثها الثقافي الأسود لحظة دخولها إلى عالم السحر والشعوذة، إلى معنى دمار المجتمع الحقيقي الناتج عن انتشار مثل هذه الأفكار حيث انتشر الذعر بين الناس وتبادلت الاتهامات بين أعضاء الأسرة الواحدة لقيامهم بأعمال السحر لبعضهم وتحول الأمر إلى محاكمات وإصدار أحكام بالإعدام حتى سن القوانين ليكون السحر أشد من القتل.

 وبحسب موقع «bbc» شهد القرن الـ 17 على واحدة من أغرب محاكمات التاريخ والتي راح ضحيتها إعدام 14 امرأة و5 رجال وكلبين بعدما شملت الاتهامات 185 شخص والتهمة ممارسة السحر.. لتكون القصة محاكمات "السحرة " في سالم ففي عام 1642 شهدت مستعمرة خليج ماساتشوسيتس في بلدة سالم الامريكية حالة من الهلع والخوف الجماعي من السحر وتوجهت بعدها هذا الخوف إلى ساحات المحاكم.

فاشتهرت مدينة «سالم» منذ القدم بأعمال السحر والشعوذة والإيمان بها ومع انتشارها تدريجيا وفي عام 1691 تحديدا تم إقرار أول قانون في "ماساتشوسيتس" لرصد الأعمال التي تستحق عقوبة الإعدام من الأشد إلى الأخف ليحتل السحر المرتبة الثانية في القائمة بعد الوثنية وقبل القتل للحد من هذه الظاهرة حيث نص القانون على أنه في حال ثبوت تورط رجل أو امرأة في أعمال السحر أو التواصل مع ساحر أو ساحرة أو الاستعانة بخدماتهم يتم الحكم عليه بالإعدام.

ورغم هذا استمر السكان في القيام باعمال السحر حتى وصل الأمر إلى ذروته في عام 1692 وبدأت مجموعات كبيرة من السكان تصاب بحالات عصبية غير مفهومة أو مبررة واضطرابات عصبية ينتج عنها أفعال عجز الطب عن تفسيرها ، وكانت أولى هذه الوقائع تعود إلى 4 أطفال ينتمون إلى أسرة واحدة أصيبوا بحالة من الاضطراب غير مفهومة وانتشرت الروايات حولهم فقال البعض إنهم ينبحون كالكلاب ويزمجرون كالقطط.

حتى أن البعض قال إنهم كانوا أحيانا يطيرون وأحيانا أخرى تتغير ملامحهم وتبرز عروقهم ومفاصلهم ليؤكد البعض أن هذه العلامات الغير مفهومة دليل قاطع عن تعرض هؤلاء الأطفال إلى السحر في قضية عرفت باسم «أطفال بوسطن» ليخضع بعدها الأطفال إلى جلسات علاج لطرد الأرواح الشريرة على يد رجل دين يدعى «ماثر» والذي تم الاعتماد عليه في المحكمة كمرجع في المحاكمات.

وبعدها انتشرت أعمال السحر والشعوذة بدرجة كبيرة وزادت أعداد من يقولون إنهم تعرضوا لمس سحري أو إنهم رأوا أشباح أو ممارسات تتعلق بالسحر وتحول معها المجتمع إلى ساحات لتصفية الحسابات وتبادل الاتهامات حيث ادعى 8 فتيات إنهن تعرضن لمس سحري من أشخاص لم يقابلوهن مؤكدين أنهم أصبحن قادرات على التعرف على السحرة واستعانت بهم المحكمة كدليل على ممارسة الأشخاص للسحر وكن السبب في القبض على 60 امرأة بتهمة ممارسة السحر ليكون عمدة البلدة محكمة متخصصة للنظر في قضايا السحر.

وفي يونيو من نفس العام تم تنفيذ أول حكم بالإعدام علة من يمارس السحر معتمدين على شهادات المسحورين فيما يعرف باسم «الأدلة الطيفية» والتي تعتمد على الأحلام التي يراها الأفراد المسحورين والظواهر التي تعد خارقة للطبيعة وتدخل فيها صفات الساحرات التي تم ذكرها في نصوص اسطورية تعود للقرن الـ 15 والتي تحدد أن المرأة التي تفكر بشكل مستقل تكون أفكارها بالضرورة شريرة ويربطها مع الشيطان رباط دم فأصبحت أي امرأة تخالف الصورة النمطية للمرأة الضعيفة المنكسرة التي لا رأي لها بالضرورة ساحرة.

وبعد مئات المحاكمات والاتهامات طالب السكان بضرورة الاعتماد على دلائل أكثر قوة غير الأدلة الطيفية والتي لا تثبت بالضرورة أن هذا الشخص يمارس السحر لتعتمد بعدها المحاكمات على نوعين من الأدلة في إدانتها للمتهمين الأول الاعتراف والذي كان يتم في كثير من الأحيان تحت التعذيب والثاني هو شهود العيان الذين رأوا المتهمين يمارسون أعمال السحر.

وتم اتهام 185 شخص بممارسة السحر تتراوح أعمارهم ما بين 5 سنوات إلى 80 سنة وانتهت كل الأدلة إلى إدانة المتهمين والحكم بإعدامهم بعدة طرق كالإغراق والشنق والسحق تحت الصخور ليتم تنفيذ أحكام الإعدام بين شهري يونيو وسبتمبر لـ 14 امرأة و5 رجال وكلبين لتدخل "محاكمات سالم"  في قائمة أكبر محاكمات التاريخ من حيث عدد المدانين وقسوة الأحكام.

اقرأ أيضا |مبانٍ تحولت إلى وجهات سياحية.. «قصر البرلمان الروماني» أبرزهم