نهار

تفريغ الأقفاص!!

عبلة الروينى
عبلة الروينى

من فرط تحسبها من أوراق العمر.. والفزع (ربما) من هول الألم وفضح الخراب.. وضعت الشاعرة فاطمة قنديل كلمة (رواية) على غلاف كتاب سيرتها «أقفاص فارغة» الصادر حديثا عن (الكتب خان)!!...

ومن فرط جفاف الأوراق داخل أسرة لم يستطع أفرادها يوما الجلوس سويا على مائدة طعام واحدة.. كل يحمل صينية طعامه الى غرفته وحيدا !!..

حرصت الشاعرة على تبريد الكتاب من أى انحيازات عاطفية.. وتفريغ الشخصيات من  المشاعر.. لا حب.. لا كراهية... فقط أقفاص فارغة، وتفاصيل خالية من الدفء والعذوبة.. حياة تبدو بعيدة.. بعيدة!!


كتاب «أقفاص فارغة» ليس رواية بالمعنى، وأيضا ليس سيرة ذاتية واضحة.. حين تخفى الكاتبة الأسماء والملامح، وتصمت أكثر مما تفصح، وتشير دون تفصيل ولا تفسير لوقائع وأحداث، ترتبك كثيرا فى سردها، متناقضة داخل مساحة فارغة من الحب والكراهية!!..

فقط مشاهد الألم والخراب، والعتمة التى حاصرت الجميع، هو ما تجاهر به وتلاحقه... وبقصدية مبهمة، سكتت تماما عن كل ملامح العذوبة لدى أفراد العائلة أو حتى لديها نفسها!!.. سكتت عن كل إشارة محتملة للحب أو للفرح أو للجمال.. لا مساحة للشعر.. لا مساحة للموسيقى.. لا مساحة للحب ولا مساحة للطيبة.. عتمة شاءت أن تتلفظ بها دفعة واحدة، كى لا تترك لها المساحة أن تنمو لتصبح شجرة!!....

كتابة لا تستهدف قارئا بقدر ما تستهدف ذاتها.. كتابة للتطهير، تتخلص  فيها الكاتبة من عبء الألم.. تحاول أن تنفضه عن كاهلها، لتسقطه تماما.. وإن كان خروجه توثيقا لألم، لن يسقط ابدا .