حازم نصر يكتب.. نعم.. دكتور غنيم بخير 

حازم نصر
حازم نصر

ستظل أحد آفات وسائل التواصل الاجتماعي العجلة وعدم التأني ..والأدهى أن العجلة التي تكون من الشيطان  أصبحت تطال دائما الأميين والمتعلمين بل وبعض المثقفين على حد سواء .

فبعد يوم من أكثر أيام العمل إجهادا وبعد أن تجاوزت الساعة الثامنة مساءا جاء صوت محدثي منزعجا ومتسائلا :
هل الدكتور غنيم بخير 
فأجبته بكل ثقة ..نعم بخير 
فعاد محاولا التلميح لي بشيء
وما حقيقة ما هو منشور علي بعض وسائل التواصل الاجتماعي وبعض المواقع ؟ 
قلت له : بالتأكيد هناك خطأ ما .
وماهي إلا دقائق حتى تأكد صدق إحساسي بأن الرجل بخير .
مكالمتان من الصديقين الدكتور يسري فكري أستاذ العيون الشهير الذي أزاح الغموض مؤكدا بأن الدكتور محمد المتولي غنيم عميد علوم طنطا السابق في ذمة الله وأنه كان يتواصل مع ابنه دكتور أحمد غنيم عميد طب طنطا الحالي للاطمئنان عليه يوميا وأن أحدا لم يعطي لنفسه مجرد التأكد مما يردد. 
كما أكد لي الصديق اللواء ياسر سعيد ذات الرواية .

حمدت الله وأصبحت أرد على سيل التليفونات بكلمة واحدة 
" نعم .. الدكتور غنيم بخير " 
مع مرور الدقائق بدأت أدرك أن معظم ما تلقيته من اتصالات ممن لا تربطهم أي علاقة بعالم مصر الكبير وأنهم جميعا كانوا يريدون الاطمئنان فقط على أن الرجل بخير .
ظللت أفكر وأتساءل في ذات الوقت :
يا إلهي من زرع  محبة هذا الرجل في قلوب أبناء الوطن كبيرهم وصغيرهم  ؟
وتتداعي الأسئلة :
وإذا كان كل هذا الحب والتقدير ممن لا يعرفون  قيمة الرجل الحقيقية ..فماذا سيكون حالهم عندما يعرفون ؟

نحن المقربون من الرجل وعلى قدر ما نسعى للقاء به بصورة منتظمة على مدار ثلث قرن من الزمان فما التقيناه مرة إلا وازداد يقيننا بأنه انسان استثنائي بكل ما تحمله الكلمة من معني ونخرج في كل مرة ليكون تعقيبنا بكلمات موجزة : .
هذا هو الشموخ والنبل والحكمة .

نهاب في كل مرة الحديث إلا بحساب دقيق .
فالرجل موسوعة إنسانية تمشي على قدمين 
لا يتحدث إلا بما يعتقد أنه الصواب وإلا فيما هو مفيد 
ويعرض دائما عن الجاهلين 
ولا يجرمنه شنآن قوم علي ألا يعدل فلم يحد عن قول الحق مرة. 
كما أن الحدة التي قد تبدوا علي ملامحه تخفي وراءها قلبا نقيا ونفسا سويه وروحا تحمل من الإيمان والرضا مالا يتخيله الكثيرون. 
فقه الحياة وأدرك أنه لابد أن يخطو فيها كل يوم خطوات للأمام. 
زهد في نعيمها ولم يسع يوما وراء مال أو شهرة زائفة.. وكان جل عطاؤه لهذا الوطن وأكثر المستفيدين منه البسطاء من أبنائه. 

ولا أدري لماذا قفزت لذهني فعاليات تلك الاحتفالية الفريدة التي نظمها المركز الذي أسسه وبذل كل ما يملك من جهد وفكر ليجعله منارة الطب في الشرق الأوسط  ونقل به الطب المصري من المحلية للعالمية .
نعم تذكرت تلك الاحتفالية التي أقامها تلميذه وخليفته في إدارة المركز منذ عشرين عاما  الصديق والأستاذ الجامعي المحترم الدكتور أحمد بيومي شهاب الدين مدير المركز آنذاك ورئيس جامعة المنصورة فيما بعد حيث اجتمع نخبة من كبار أطباء العالم ورموز الوطن حضروا جميعا للاحتفاء بالدكتور غنيم  .
ولا أنسى الكلمات الموجزة التي عبر لي وقتها جراح القلوب الأشهر في العالم دكتور مجدي يعقوب وأنا أجري معه الحوار داخل مركز الكلى حيث قال :
د غنيم عالم مدهش كما كان طالب علم مدهش 
وأذكر أني كتبت وقتها موضوعا بعنوان :
يعقوب وغنيم 
 تناولت تجربة كليهما وكيف نجح يعقوب في بلاد الضباب متحديا قامات عالمية.. ونجح غنيم في بلده وتحدى صعاب  لم يتخيل أحد أنه يمكن تخطيها. 
فقد  تزاملا في القصر العيني وإن كان يعقوب  أكبر سنا من غنيم  وكان يسبقه بعامين في الدراسة لكن جينات العبقرية تقابلت وارتبطا بصداقة من وقتها لم تنفك حتي اليوم  متعهما الله بالصحة والعافية .

أدرك يقينا أن الحديث عن عالم مصر الكبير الدكتور غنيم يحتاج الكثير ولست الآن في معرض الحديث عنه 
فقط أردت أن أقول لكل محبيه :
" نعم .. دكتور غنيم بخير "

وأقول له : دمت بكل خير كأحد رموز هذا الوطن 
فمثلك هم القوة الناعمة لمصر وسيظل عطاؤك مصدر إلهام للجميع .