فرفش كده | فُصام

فُصام
فُصام

عبر الرجل من أمامى فى هدوء جم وتؤدة بدا لو أنه يتمشى فى قطعة من بيت أبوه، ما كل هذه الأريحية فى المساحة والاحساس بالبراح، حييته بلطف وتمنيت له اقامة سعيدة ودعوت له بالتوفيق.


أكملت رحلتى كأى نهار عابر يمضى فقط ليأتى نهار بعده، أعبره كما كل يوم عابر سبيل، فلا شىء أنتويه، ولا خطة واضحة، لكننى مشغول دائما.. مشغول جدا، فى تأمل كسرة الخبز التى باتت منذ ليلة أول أمس ونسيت لفها واعادتها الى فى فريزر حيث تلقى حتفها الى أن أتذكرها مرة أخرى، أو مثلا أنشغل اليوم جدا بميك أب مذيعة احدى القنوات الإخبارية العربية وأتساءل لماذا أكثرت اليوم هذا الـ«آى شادو» فوق كلا رمشيها الدباحين، ثم أتذكر فى لحظة أننى أحب هذا الـ«آى شادو» خاصة اذا كان «سموكى» وبالتحديد على ملامحها التى تثير بلاهتى واعجابى.


آه.. أنشغل أيضًا فى قراءة النص المكتوب على زجاجة «الفازلين» التى أتانى بها صديق عزيز من دولة عربية شقيقة، هى نفس الدولة المالكة للقناة التى عليها مذيعتى صاحبة العيون ذات الننى الذى اتمنى فقط أن أحدد لونه، لعله أخضر مزرق أو أزرق مخضر، أو فيروزى.. فيروزى، المهم أننى أعيد قراءة المطبوع على خلفية الزجاجة بعناية للمرة الألف بعد المليون، وبالرغم من أن كل المكتوب على خلفيتها يشجع على استعمالها دائما الا أنها لا فرغت ولا صلاحيتها انتهت ولا أنا لى شعر من الأساس لأرطبه منها.


ولا تزال خطوات الرجل تلاحقنى الى أن اقتنصته بينما كان يعبر أمامى فى لحظة خاطفة، فسألته: عايز ايه؟، فرد بسخرية: ايه مالك وقفت ليه، كنت رايح فين، ايه ماتعبتش من اللف ع الفاضى!


فأجبت: وانت مالك أنا مش متضايق، فقال: يمكن، لكن مش مبسوط. سألته يعنى انت مبسوط؟، فقال: ماقدرش انبسط لوحدى، انت لازم تنبسط الأول. اذن نعود الى مشاهدة فيلم أمريكى قديم يجسد قصة نضال ضد العنصرية بين البيض والسود.

فيسأل ومن قال ان السود لا يمارسون عنصرية ضد البيض.. شوف غيره. لنشاهد رشدى أباظة فى فيلم الزوجة 13 لما كان يحكى من قصة حياة الملك هاموشير الذى نادى عبدوس الوزير وأمره أن يأتيه بألف بعير. فرد: الملك لك والبعير هلك.


 طيب أقولك.. دعك من هذا كله لنجرى بعض المكالمات المهمة المؤجلة ونتكبد الاعتذار لأصحابها عن التأخر فى الرد كالعادة لأن خالتى توفت بعد رحلة معاناة طويلة. فأجاب: انت قتلت أربع خالات فى أربعة أسابيع متتالية مؤخرا، وافتكر بس انت ماعندكش خالات أصلًا.


أثار غضبى ذلك الضيف اللعين فقبضت حمالة فانلته المبللة بعرق دافئ وسحبته بعنف وسألته بصوت خشن: سيبنى فى حالى يا أخى، انت عايز منى ايه. فرد: انت عايز. فأجبته بلا مبالاة: أنا عايز أنام.


فقال: تصبح على خير.


أخيرًا ودعنى الرجل الذى فى المرآة، وودعته.