عاجل

بقلم واعظة

شكرًا أيها المخالفون

نجلاء شمس  مجمع البحوث الإسلامية
نجلاء شمس مجمع البحوث الإسلامية

شكرًا أيها المخالفون.. لقد تعلمنا بسببكم كيف نستمع إلى النقد الجارح دون ارتباك! وكيف نمضى فى طريقنا دون تردد ودون أن يختل لنا توازن؛ ولو سمعنا من القول ما لا يليق، هذا درس عظيم لا يمكن أن نتعلمه نظريًا مهما حاولنا، ولكننا تعلمناه عندما قيض الله لنا من كان سببًا فى ذلك، فتكونت لدينا مناعة قوية؛ ساعدَتْنا فى الصمود والعودة والرجوع.. لذلك...

شكرًا لكم أيها المخالفون!!. فلقد كنتم سببًا فى عدم إصابتنا بأخطر مرض قد يصيب الإنسان؛ وهو أن يغتر بنفسه، فمن ألِفَ السلامة دائمًا لا شك أنه لو سمع قدحًا جارحًا لاذعًا لاختل توازنه وتخبط فى الحالك من الدياجير، ولذلك فإنه حينما يقسو عليك المخالف فى الفكر والرأى فإنما يجب أن تكون مطمئنًا إلى إيمانك؛

مطمئنًا إلى حُسن ظنك فى ربك، وإلى ثقتك فى نفسك، مطمئنًا إلى عدالة السماء ورحمة الله، وهذه هى الحكمة الكامنة وراء هذا التجريح وذلكم البلاء، لا سيما أن الله يريد أن يُظْهِر الإخلاص وسلامة القلب وقوة الإيمان وحُسن التوكل وصدق العزيمة، من أجل أن يزيد الأجر ويضاعف الحسنات ويرفع الدرجات..

فشكرًا لك أيها المخالف مرة ثانية!!.

فقد يكون الرأى المناهض البعيد كل البعد عن الحقيقة- والذى جاء فقط ليذمك ويحطمك؛ بل ويقضى عليك- جنداً جاء ليخدمك ويرفع شأنك ويدافع عنك من حيث لا يدرى ولا تدري؛ فتنبرى له الألسنة مقررةً للحقائق الدامغة، وشاهدةً بالوقائع الصادقة، ومؤكدةً للبراهين الساطعة؛ فلولا الافتراء لظل الحق فى غمده، ولله در القائل:

وَإِذا أَرادَ اللَهُ نَشرَ فَضيلَةٍ

طُوِيَت أَتاحَ لَها لِسانَ حَسودِ

لَولا اشتِعالُ النارِ فيما جاوَرَت

ما كانَ يُعرَفُ طيبُ عَرفِ العودِ


فشكرًا لمن كان سببًا فى معرفة حب الناس وصدق إخلاصهم، وإننا على يقين بأن كل صاحب نعمة محسود، وأنه ما من صاحب نعمة إلا وله أعداء، وكان عمر بن الخطاب- رضى الله عنه- يقول : «ما من أحدٍ عنده نعمة إلا وَجَدْتَ له حاسداً، ولو كان المرء أقوم من القِدح لوجدت له غامزًا» .