طريق الجريمة له أكثر من صاحب

خاطر عبادة
خاطر عبادة

من قديم الأزل عرف المصريون بالسماحة والقبول والطيبة والبشاشة خصوصا لما دخل الإسلام ازدادت وجوههم نضرة وجمالا جراء تعرضهم لمسحة ضوئية من نور الإسلام والطهارة والوضوء والصلاة والقرآن. . وامتزجت دمائهم العريقة بالعروق العربية الأصيلة وطهارة الإسلام .
 
المصري القديم هو صانع الحضارة ومبدع العلوم التى احتار العالم في فك لغزها حتى الآن.


إن الجرائم الشاذة التى تتصدر عناوين الصحف ومواقع التواصل الاجتماعى بين الحين والآخر لا تعكس الواقع تماما فى بلد الأمن والأمان، وإنما تنتشر رائحتها لغرابتها وانحرافها عن قيم المجتمع.. 

فمثلا يتم حساب معدل انتشار الجريمة لكل 100ألف نسمة، فبعض الولايات الأمريكية، مثل ولاية ميسورى التى سجلت أعلى مستوى من الجريمة فى أمريكا عام 2019 تجاوزت فيها الجرائم 1800 جريمة قتل لكل 100 ألف نسمة فى ذلك العام أى بنسبة 1.8%.. وهو رقم قد يقارب عدد حالات القتل فى دولة عربية واحدة خلال عام.

وفى مصر.. سجلت القاهرة الكبرى (القاهرة والجيزة والقليوبية) أعلى المحافظات المصرية من جرائم القتل خلال 2020 بلغت نحو 338، وهو رقم غير مسبوق فى معدلات القتل، بحسب ما أعلنته الأجهزة الأمنية.

وإذا كان انتشار الجرائم فى أمريكا يرجع إلى انتشار العصابات وقوة المافيا، لكن فى مصر زاد عدد المسجلون خطر، وانتشر الإدمان، كما أن الكثير من جرائم القتل تكون متعلقة بالثأر والعرض أو الفاحشة وخلافات مالية أو أسرية.


وهناك بالطبع أسباب تؤدى لظهور جرائم بشعة وقاسية لم نسمع عنها من قبل، وارتكاب كبائر مثل القتل أو الاغتصاب.. فليس من السهل على الإنسان المسلم السوى المسالم ارتكاب تلك الجرائم عن قصد ونشر الفساد فى الأرض.. إلا أن يدافع عن نفسه وشرفه ووطنه قدر المستطاع.  

ما الذى قد يدفع ويشجع الإنسان نحو الحرام والانحراف سوى صاحب يسحبه نحو هذا الطريق ويتعلم كل شر بدون مجهود وفى أقل مدة.. فمن عوامل الجريمة، الإفراط فى تعاطى المخدرات وأصحاب السوء الذين يوفرون لصاحبهم البيئة المناسبة لممارسة الانحراف بشكل مألوف ودم بارد وقلب ميت.

لا يمكن للمجرم أن يسلك طريق الجريمة بمفرده.. بدون صاحب السوء لا يجد المرء الدافع والسند والحافز لسلك طريق الشمال.. بالتأكيد له أصحاب آخرون.

فهناك بؤر غير آمنة و مكامن ينتشر فيها الفساد ويجد فيها الفاسدون ملاذا آمن لممارسة سلوكهم الضال، مثل إدمان الكيف والمخدرات، وهى من مداخل الشيطان ليتملك من الإنسان وتغيب العقل وتفقد الصبر والحلم، حتى يفقد إدراكه تماما فى لحظات الغضب والاختلاف مما قد يدفعه لارتكاب الجريمة، ثم لا يدرى بعدها عواقب تصرفه إلا ويديه ملوثة بدماء الضحية وليس هناك من مبرر لكل هذا، إلا أنه سلم نفسه للشيطان.. كما أن المدمن قد يرتكب جريمته بغرض توفير المال لإشباع رغبته من الكيف.

هناك أسباب أخرى للجريمة مثل غياب التنشئة الأسرية و الدينية السليمة التى تؤسس فى الفرد عوامل النجاح والفلاح وتغرس فيه الخير وحب المجتمع.. بدون الأسرة والوازع الدينى سيسهل على الفرد الانضمام لأصحاب السوء فيسحبون صاحبهم الهلاك ويتعلم منهم كل سبل الانحراف وأصبح مسجل خطر.

وتلك العوامل تقتل النخوة والمروءة عند صاحبها فتسحبه ببطء لإشباع رغباته من المخدرات باللجوء للسرقة والاتجار بالممنوعات، والانحراف الجنسى، وذلك لأنه سلك مداخل الشيطان وتدرج فيها ثم ألف الحرام وتطبع بطبعه فمات قلبه وأصبح منحرفا وعضوا فاسدا بالمجتمع يتوجب بتره إذا لم يسعف نفسه بالرجوع والإنابة عن طريق الشر.


كما نفهم مما سبق ذكره أن الفقر لم يكن أبدا سببا فى سلك الطريق الحرام، إلا فى حالة نقص الوازع الدينى فالسعادة تنبع من داخل النفس المشبعة بالخير والرضا والقناعة، وكذلك فإن المال قد يدفع للحرام إذا غاب الوازع الدينى أيضا..

إذن التوعية الدينية والثقافية مسألة ضرورية لمواجهة الانحلال الأخلاقي، تكون من خلال مشروع ثقافى ترعاه الدولة وتكثيف الرقابة على أغانى المهرجانات التى تفاقم حالة التردى العام بالمجتمع وتحوى كلمات بذيئة وشتاءم فى بعض الأحيان. 

مناقشة المسلسلات التليفزيونية لجرائم العشوائيات والفقر ومستنقع الجريمة لا يكون بتسليط الضوء على مشاهد الدم واستخدام أدوات حادة مثل الساطور، الذى استخدمه سفاح الإسماعيلية فى جريمته البشعة الأخيرة.
 
لن ينتهى الفساد بتحقيق العدالة ونشر التوعية وتعزيز الهوية ودولة القانون فقط، طالما هناك قلة خطر لا يردعها القانون.. يجب أن يقتنع الناس بأن هناك أيضا كائنات مؤذية فى هذا العالم..

 بالتأكيد.. لا توجد دولة لها سجل نظيف وخال من الجرائم فى العالم، لكن عوامل الردع والعقاب التى أقرها الإسلام مثل تنفيذ حد الحرابة للقاتل والمغتصب بأن يتم إعدامه فى نفس مكان الجريمة أمام الناس سيوفر ردعا مناسبا وتحد من نزعة الثأر أو القصاص خارج نطاق القانون وتشفى صدور المجتمع من غل المفسدون فى الأرض.